شركات التكنولوجيا الهاربة من أوروبا.. سباق بين بيجينغ وواشنطن
شركات للذكاء الإصطناعي تُهدّد بالخروج من أوروبا
قد يشهد العام 2024 سباقاً محموماً بين واشنطن وبيجينغ بغية إستقطاب شركات التكنولوجيا العاملة في تطوير تطبيقات الذكاء الإصطناعي، بعد تهديد الأخيرة بالخروج من أوروبا، إن أقرَّ الإتحاد الأوروبي تشريعات تراقب عملها وتلزمها بقواعد أخلاقية.
يُوضح خبراء في تكنولوجيا المعلومات والإقتصاد السياسي لموقع «سكاي نيوز عربية»، وتنشره مجلة «إتحاد المصارف العربية»، كيف سيكون هذا السباق أحد ميادين معارك «الهيمنة العالمية» بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب السباق في صناعة الرقائق الإلكترونية، وكيف يُمكن لأوروبا أن تُوازن في قوانينها بين قواعد السيطرة على الذكاء الإصطناعي ومنح المستثمرين فرصة الإبتكار؛ حتى لا تخسر مكانتها التكنولوجية. بعدما وافق البرلمان الأوروبي، في يونيو/ حزيران 2023، على مسوّدة لقواعد تلزم تطبيقات الذكاء الإصطناعي، مثل «تشات جي بي تي» بالإفصاح عن المحتوى الذي تنتجه، رفض 160 مسؤولاً تنفيذياً في شركات كبرى، منها «رينو» و«ميتا» في خطاب مفتوح، هذا التشريع، معتبرين أنه قد يدفع الشركات الإبتكارية والمستثمرين للخروج من أوروبا.
مخاوف «مبرَّرة».. لكن!
في سبيل تحقيق التوازن بين الناحية الأخلاقية وإستمرار التطوير، يدعو النجداوي إلى «إتفاق عالمي على أخلاقيات لحوكمة الذكاء الإصطناعي، بالتعاون بين شركاته والخبراء المتخصّصين، والجامعات والحكومات والمجتمع المدني في وضع التشريعات، على أن تكون مرنة للتكيُّف مع تطورات هذه التقنية، وكي لا تهرب الشركات من الإستثمار فيها». كذلك «يجب تصميم أنظمة الذكاء الإصطناعي بحيث تكون آمنة وأخلاقية، وسهلة التدقيق في آلية عملها». بدوره، يرى خبير الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، سلوم الدحداح، «أن القوانين الأوروبية المقترحة تحدّ من التطوُّر التكنولوجي، وتهدّد الإستثمار في القارة»، لكنه أيضاً يتفق في أن «الدول العظمى لا تريد أن تجد يوماً الماكينات تتحكّم في حياة البشر؛ ولذا يجب التعاون في وضع تشريعات تحقّق التوازن».
هجرة جماعية
هذا النقاش المحتدم حول عمل توازن بين تطوير الذكاء الإصطناعي والسيطرة عليه أخلاقياً، تمتد آثاره إلى دائرة الصراع الدولي على الهيمنة في العالم بين القوى الكبرى، وخصوصاً الولايات المتحدة والصين والإتحاد الأوروبي. الباحث في الإقتصاد السياسي، أبو بكر الديب، يوضح «أن الرقابة الشديدة في مشروع القانون الأوروبي، يُمكن أن تدفع بشركات تتمتّع بحسّ إبتكاري قوي إلى نقل أنشطتها للخارج، ويُرجّح أن يشهد العام 2024 هجرة شركات الذكاء الإصطناعي من أوروبا إلى أميركا والصين».
أسواق بديلة
يقول الديب: «تُهيمن الصين حالياً على أكثر من نصف شركات الذكاء الإصطناعي الناشئة، والتي تبلغ قيمتها نحو مليار دولار أو أكثر، وتسعى بيجينغ إلى التفوُّق في تطوير تكنولوجيا الذكاء الإصطناعي ضمن برنامجها «الثورة الصناعية الرابعة» للحاق بواشنطن في هذا المجال وفي مجال الرقائق الإلكترونية».
ويرى الديب أنه «رغم تربُّع الولايات المتحدة على عرش الذكاء الإصطناعي بإستثمارات أضعاف مثيلتها في الصين، بلغت 26.6 مليار دولار، مقارنة بإستثمار 4 مليارات دولار فقط في الصين، فإن بيجينغ مصمّمة على إحتلال مكانة متقدّمة، يُساعدها في ذلك إمتلاكها قطاع إنترنت قوي، وسوق إستهلاكية هي الأكبر في العالم»، متوقعاً «أن تكون هجرة شركات التكنولوجيا إلى الولايات المتحدة والصين، وخصوصاً أن ما يُهدّد بتأخّر أوروبا في مجال الذكاء الإصطناعي، ضَعف الحوافز الضريبية فيها للأبحاث، وعدم التوسّع في معاهد البحوث التي تعمل في هذا المجال».
في المحصّلة، يوضح الديب «تأتي الولايات المتحدة في قائمة الدول المهتمّة بتقنيات الذكاء الإصطناعي، تليها الصين، ثم الإتحاد الأوروبي؛ ما يعني أن إستقطاب شركات التكنولوجيا التي قد تهرب من أوروبا سيكون حلقة جديدة من مسلسل الصراع التكنولوجي بين واشنطن وبيجينغ».