إجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين في مراكش
دليل «الشراكة الإستثنائية» مع المغرب
قبل أن نبدأ هذه الإفتتاحية، من الضروري أن نرسل تعازينا القلبية الحارة إلى المملكة المغربية ملكاً، حكومة وشعباً بضحايا الزلزال المدمّر الذي هزّ المملكة وقلوب العرب والعالم. ونسأل الله عز وجل، الرحمة للضحايا والشفاء العاجل للجرحى.
لا شك في أن الإجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في مدينة مراكش، في خريف 2023، تؤكد المكانة التي تحظى بها المملكة المغربية في القارة الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي باتت قبلة الإهتمام الدولي، حيث تتمحور موضوعاتها حول الشمول المالي والرقمي؛ والتنمية المستدامة؛ وإصلاحات المؤسسات المالية الدولية؛ وريادة الأعمال والإبتكار؛ وشبكات الأمان الإجتماعي والتسامح والتعايش.
ويكمن الهدف من هذه الإجتماعات، من جهة، إغناء النقاشات حول المواضيع الراهنة على الصعيدين الإقليمي والدولي. ومن جهة أخرى، ستُتيح هذه المحاور تسليط الضوء على الإصلاحات التي أُجريت في هذه المجالات للمساهمة في إشعاع صورة المغرب في الخارج.
ويُتوقع أن يشارك في الإجتماعات السنوية في مراكش، ما بين 9 و15 أكتوبر (تشرين الأول)، أكثر من 14 ألف شخصية رفيعة المستوى، بما في ذلك وزراء الإقتصاد والمالية ومحافظو البنوك المركزية للدول الأعضاء البالغ عددها 189 دولة، فضلاً عن ممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام الدولية، ومشاركين من الوسط الأكاديمي.
وتدلُّ هذه الإجتماعات السنوية في مراكش في إشارة أولية، على عمق الروابط و«الشراكة الإستثنائية» ما بين المغرب والبنك وصندوق النقد الدوليين، حيث تستعد لجمع نخبة الإقتصاد العالمي، لمناقشة التحدّيات المطروحة، في وقت أصبح فيه التعاون أمراً حيوياً أكثر من أي وقت مضى، في ظل التقدُّم المُحرز في الإستعدادات القائمة لإستضافة هذه الإجتماعات.
وتشكل هذه الإجتماعات، فرصة نادرة لأفريقيا والشرق الأوسط، إذ يُشكّلان منطقتين، غالبية سكانهما من فئة الشباب، وهذا ما يجعلهما المستقبل الواعد حيال الفرص الواعدة التي تُوفرها الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة. وقد حان الوقت للنظر في هذه الفرص بإفريقيا والشرق الأوسط. علماً أنه في سياق الشراكة بين المملكة المغربية وصندوق النقد الدولي، ثمّة إتفاق يمتد لسنتين تبلغ قيمته حوالي 5 مليارات دولار، لفائدة المغرب في إطار خط الإئتمان المرن المصمّم للوقاية من الأزمات. ولكي يحصل بلد ما على خط الإئتمان المرن، يجب أن يُبرهن على قوة كبيرة، وأن يكون لديه سياسات وأسس قوية للغاية، وقد ثبت أن المغرب ضمن هذه الفئة.
في المحصّلة، لا شك في أن إتحاد المصارف العربية يفخر بالتقدم الهائل الذي توصلت إليه المملكة المغربية، على كل الأصعدة، إذ إنها المرة الأولى منذ 50 عاماً التي تُعقد فيها هذه الإجتماعات في القارة الأفريقية، حيث أضحت المملكة كما كانت دائماً، ملتقى ما بين الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا، في ظل التحدّيات التي تهمُّ إفريقيا، ولا سيما حيال إشراك الشباب في سلطة القرار، والديون التي تواجه العديد من بلدان القارة أو حتى تغيُّر المناخ والفرص التي توفّرها القارة الإفريقية. وفي هذا السياق، كان قد إنعقد مؤتمر دولي في حزيران (يونيو) 2023 في الرباط، وبمبادرة من بنك المغرب وبشراكة مع صندوق النقد الدولي حول الأصول المشفّرة والعملات الرقمية للبنوك المركزية، لمناقشة وسائل تسخير التكنولوجيا الرقمية لتحسين الشمول المالي وإدماج الشباب بشكل أكبر داخل المجتمع، وتحسين الظروف الإقتصادية بشكل عام. وقد جاءت الفرصة الأهم من أجل مغرب أفضل.