ما الذي يُعيق عمليّة إعادة التسليف المصرفي؟
(اقتصاد لبنان)-17/07/2024
يرتكز التعافي الإقتصادي في لبنان على نهوض القطاع المصرفي من أجل جذب الإستثمارات، والتي يبدو أنّ الطريق الأسلم إليها هي بعودة التسليف المصرفي الذي يُساهم إلى تحريك عجلة الإقتصاد ويُشجّع المُستثمرين للعودة إلى لبنان.
فهل المصارف اللبنانيّة اليوم جاهزة لهذه العودة، لا سيّما في ظلّ التعثّر الذي تعيشه و”التجربة المرّة” في موضوع التسليف، حيث قام كبار المُقترضين بردّ قروضهم على سعر صرف غير حقيقي ممّا زاد في فجوة الموازنات في المصارف؟
الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، يُوضح أنّه من الضروري “الإشارة إلى أنّ عودة التسليف المصرفي لا زال حتى الساعة هو مُجرّد تمنيّات”، لافتاً خلال حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونيّة إلى أنّ “أوّل مَن أثار هذا الموضوع علناً هو حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، ذلك عندما أشار خلال كلمة ألقاها في أحد المؤتمرات بأنه لا بُدّ من عودة التسليف المصرفي إلى السوق بالمرحلة الراهنة”.
لكن هذا الكلام، برأي فرح لا يعني “بالضرورة أنّ المصارف لديها جهوزية التامة للعودة إلى التسليف”.
ويوضح أنّ “هذه الخطوة الكبيرة أيّ قبل أن تعود هذه المصارف، وتبدأ التسليف للسوق وحتى قبل الذهاب إلى الخطة الإنقاذيّة الشاملة، فهي بحاجة على الأقلّ إلى صدور قانون من قِبل مجلس النواب، يُوقف من خلاله إمكانيّة تسديد القروض التي تُمنح بالدولار بالليرة أو باللولار”.
قانون كهذا سيتيح بالتأكيد وفق فرح “للمصارف أنْ يكون لديها جهوزية العودة إلى السوق”، لكن ذلك “لن يكون مُتاحاً بالحدّ الاقصى بل سيكون بالحدّ الأدنى. لأنّ الأموال المتوفرة كسيولة ليست كثيرة لكنها بالتأكيد متوفرة بالفريش دولار، والمتأتية من حسابات الفريش دولار المفتوحة بالمصارف. والتي يُقدّرها البعض بحدود الـ 3 مليار دولار”.
هذا ويعتبر فرح أنّ “صدور قانون يحمي الأموال التي يتمّ إقراضها أمر مُلح وضروري”، مذكراً في هذا الإطار، “بما أصاب المصارف في القروض السابقة. عندما ردّ المغتربون ديونهم باللولار أو بالليرة وكبّدوا المودعين خسائر كبيرة. قدّرها صندوق النقد بما يُقارب الـ 15 مليار دولار”. ويشدّد على أنّه “للحؤول دون تكرار ذلك لا بدّ من صدور قانون عن مجلس النواب”.
ويرجّح أنّ “الحاكم بالإنابة وسيم منصوري يُحاول الضغط بكلامه هذا على مجلس النواب لحثّه على إصدار مثل هذا القانون، لكي يعود على الأقلّ ويُحرّك السوق بشكل مقبول، وتكون التسليفات أوّلا بالتأكيد للقطاعات الأكثر حاجة لها والتي تحرّك الدورة الإقتصادية” ولا يُشكّك فرح أبداً بأنّ “هذا الموضوع بالغ الأهميّة لتحريك الدورة الإقتصاديّة”.
وهنا يُطمئن المودع، حيث يجب أنْ لا “يكون لديه خشيْة من عودة التسليف المصرفي قبل وضع خطة لإعادة الودائع، لأنّ العكس صحيح بمعنى أنّه عندما يتحرّك الإقتصاد وتعود المصارف للعمل جزئيّاً. ممّا يضمن للمُودع حقّه أكثر بإمكانيّة إستعادة وديعته، مقابل أنْ تبقى المصارف مٌعطّلة وأن تكون عُرضة للإنهيار في حال بقيت على هذا الوضع في ظلّ إقتصاد لا ينمو ولا يُدخل إيرادات. لكي تتمكّن الدولة من سداد ديونها وبالتالي من ردّ الودائع”.