أرباح مليارية تنتظر السعودية من استضافة كأس العالم 2034
(النهار)-26/12/2024
استضافة السعودية لكأس العالم 2034 تمثل استثمارًا استراتيجيًا يدعم رؤية 2030 من خلال تعزيز الاقتصاد الوطني، تطوير البنية التحتية، جذب الاستثمارات، وتنشيط السياحة والتجارة مع خلق فرص عمل واسعة.
استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034 ستكون خطوة تاريخية تحمل أبعادًا اقتصادية واجتماعية وثقافية واسعة، حيث ستسهم في تحقيق رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. إضافة إلى الدروس المستفادة من النجاحات الاقتصادية التي حققتها دول أخرى مثل فرنسا، روسيا، وقطر، يمكن توقع تأثير اقتصادي كبير.
استضافة بطولة مثل كأس العالم تُعد فرصة لجذب ملايين الزوار من مختلف دول العالم. هذا الحدث سيمكّن السعودية من استعراض معالمها الثقافية والتاريخية، مثل الدرعية والعلا والبحر الأحمر. كما سيزيد من إشغال الفنادق والمنتجعات ويرفع عائدات السياحة بشكل كبير.
الفوائد الاقتصادية
في هذا الإطار اعتبر المحلل الاقتصادي نايل الجوابرة في حديثه لـ”النهار” أنّ “استضافة كأس العالم تمثل نقطة محورية للاقتصاد السعودي وتحولًا كبيرًا في مسار النمو الاقتصادي. تُسهم هذه الخطوة في دفع عجلة التنمية من خلال جذب الاستثمارات، تطوير البنية التحتية، تنشيط قطاعي السياحة والتجارة، والأهم من ذلك، خلق فرص عمل جديدة”.
فتنظيم كأس العالم يتطلب تطوير بنية تحتية رياضية وغير رياضية. إنشاء ملاعب عالمية المستوى، مطارات حديثة، وشبكات مواصلات متطورة سيخدم ليس فقط البطولة ولكن أيضًا الاقتصاد الوطني على المدى الطويل. هذه المشاريع تخلق فرص عمل وتدعم قطاعات الإنشاءات والخدمات.
وجهة استثمارية
كما أنّ استضافة كأس العالم تضع السعودية في دائرة الضوء العالمية، مما يعزز من جاذبيتها كوجهة استثمارية. ستستفيد قطاعات مثل العقارات، الضيافة، والخدمات اللوجستية من تدفق الاستثمارات الأجنبية، خاصة في ظل التزام المملكة بتحقيق معايير الاستدامة التي تجذب مستثمرين عالميين.
تُعد البطولة فرصة ضخمة لضخ أموال واستثمارات جديدة في المملكة، بحسب الجوابرة، “حيث يُتوقع أن تصل النفقات إلى حوالي 100 مليار ريال سعودي، أي ما يعادل أكثر من 27 مليار دولار أميركي. ستُوجه هذه المبالغ بشكل كبير نحو تحسين البنية التحتية، بما في ذلك تطوير المطارات وإنشاء ملاعب حديثة، ما يُسهم في تحقيق تطور لافت في هذه المجالات.”.
وأضاف المحلل الاقتصادي “من المتوقع أن تؤدي هذه الجهود إلى خلق حوالي 3,000 وظيفة جديدة، ما يُعزز من فرص العمل المتاحة للخريجين. إضافة إلى ذلك، سيتم توفير ما يقارب 230 ألف وحدة فندقية، ما يفتح المجال أمام المزيد من الاستثمارات ويساهم في تعزيز عجلة النمو الاقتصادي في المملكة”.
تعزيز قطاع السياحة
كما يُتوقع أن يؤدي هذا الحدث إلى تعزيز قطاع السياحة وزيادة عدد المطاعم والمقاهي، يتابع الجوابرة، “ما يُسهم في رفع مستوى الخدمات والاستعداد لاستقبال الجمهور المحلي والدولي. ومن الناحية الاقتصادية، فإن إدخال الرياضة بشكل أعمق في الناتج المحلي الإجمالي يُتوقع أن يُضيف أكثر من 80 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030”.
بطولة بحجم كأس العالم تُحفّز الإنفاق المحلي في مجالات متعددة مثل النقل، الترفيه، والمأكولات والمشروبات. هذا الإنفاق سيزيد من حركة الأموال داخل الاقتصاد السعودي، مما يدعم النمو الاقتصادي. فيما مشاريع البنية التحتية والاستعدادات للبطولة ستوفر آلاف فرص العمل في مختلف القطاعات، مما يُسهم في خفض معدلات البطالة وتعزيز التنمية الاجتماعية.
الدروس المستفادة من الدول المستضيفة السابقة
حقق كأس العالم 1998 الذي استضافته فرنسا أرباحًا ضخمة قُدرت بـ 1.3 مليار دولار من العائدات المباشرة وغير المباشرة. ساهمت البطولة في تحسين البنية التحتية الرياضية والسياحية، إلى جانب تحفيز قطاعي الضيافة والمواصلات.
استثمرت روسيا ما يقرب من 14 مليار دولار في استضافة كأس العالم 2018، وحققت عوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة بلغت حوالي 14.5 مليار دولار، ما يمثل حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي. كما ساعدت البطولة في تعزيز السياحة إلى مستويات غير مسبوقة، إذ استقبلت البلاد أكثر من 3 ملايين زائر دولي.
رغم أن قطر أنفقت ما يقارب 220 مليار دولار على البنية التحتية، فإنها حققت عوائد اقتصادية كبيرة. تشير التقديرات إلى أن البطولة أضافت أكثر من 17 مليار دولار للناتج المحلي الإجمالي على المدى القريب. كما أسهمت البطولة في تعزيز مكانة قطر كوجهة عالمية للاستثمارات والرياضة، وزيادة الاهتمام بالسياحة المستدامة.
التوقعات للسعودية
بناءً على هذه التجارب، يمكن للسعودية أن تحقق أرباحًا اقتصادية مباشرة وغير مباشرة من استضافة كأس العالم 2034 قد تتجاوز 20 مليار دولار. يشمل ذلك عوائد السياحة، الاستثمارات الأجنبية، وزيادة النشاط الاقتصادي المحلي. كما يُتوقع أن تُسهم البطولة في تطوير قطاعات السياحة، الرياضة، والترفيه، بما يتماشى مع رؤية 2030.
استضافة السعودية لكأس العالم 2034 ليست فقط حدثًا رياضيًا، بل استثمار استراتيجي طويل الأمد يحمل فوائد اقتصادية هائلة. من خلال تحسين البنية التحتية، جذب السياح، وتحفيز الاستثمار، ستكون هذه البطولة فرصة فريدة لتسريع النمو الاقتصادي وتعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية. كما أن هذا الإنجاز لا يقتصر على الاستثمار الرياضي فقط، برأي الجوابرة، “بل يمتد إلى استثمارات شاملة تسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي وتحسين نسب الإنتاج. إن هذه الأرقام والإنجازات تعكس أهمية هذا الحدث في دعم الاقتصاد الوطني وخلق فرص وظيفية واسعة في مختلف القطاعات”.