أزمة الخدمات المصرفية الاستثمارية تتعمق مع 14 فصلاً من التراجع
(البيان)-17/07/2025
واصل قطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية أداءه المخيب للآمال للربع الرابع عشر على التوالي، في سلسلة غير مسبوقة من التراجع. ومن المتوقع أن يسارع المتداولون مرة أخرى إلى تعويض تراجع زملائهم في القطاع الاستشاري، مع إعلان البنوك نتائج الربع الثاني هذا الأسبوع، حيث تشير التقديرات إلى أن إجمالي إيرادات التداول لدى أكبر خمسة بنوك في «وول ستريت» سيصل إلى 31 مليار دولار؛ أي ما يزيد بأكثر من 4 أضعاف حصيلة الخدمات المصرفية الاستثمارية.
ويرجح المحللون ارتفاع إيرادات التداول لدى مجموعة جي بي مورغان تشيس، وبنك أوف أمريكا، وسيتي غروب، وغولدمان ساكس، ومورغان ستانلي بنحو 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
في المقابل، تشير تقديرات جمعتها وكالة بلومبرغ إلى أن إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية – وهي الشق الآخر من عمليات وول ستريت لهذه البنوك – ستتراجع بنحو 10% لتسجل 7.5 مليارات دولار فقط.
وفي حال جاءت نتائج الأرباح متوافقة مع هذه التوقعات، فستكون مساهمة أنشطة الاستثمار في إجمالي إيرادات وول ستريت تراجعت إلى ما دون ربع العائدات – الإيرادات المنفصلة عن الدخل المتأتي من الخدمات المصرفية للتجزئة وإدارة الثروات – وذلك منذ مطلع 2022، وهي أطول فترة يفشل فيها هذا القطاع في تجاوز تلك النسبة منذ عام 2014 على الأقل.
وعلى الرغم من أن أنشطة التداول والخدمات المصرفية الاستثمارية تُعدّ أعمالاً متقلبة بطبيعتها، فإن طول أمد تراجع الأخيرة يكشف عن حالة الركود التي تعيشها أنشطة الاستحواذ والاندماج وأسواق رأس المال منذ انهيار الفقاعة التي شهدها عام 2021 خلال فترة الجائحة.
كما يبرز ذلك الأداء القوي لأنشطة التداول خلال الفترة نفسها، بعد سنوات من الركود في العقد الماضي، حينما ساهمت أسعار الفائدة المتدنية والتقلبات المحدودة في بقاء الإيرادات في مستويات منخفضة. وتعمل البنوك على تيسير وتمويل صفقات التداول، مستفيدةً من ارتفاع معدلات النشاط وتقلب الأسعار.
وقال كريس كوتوفسكي، المحلل البحثي في شركة «أوبنهايمر وشركاه»: ما نشهده الآن هو البيئة الطبيعية، بينما كانت بيئة التقلبات المنخفضة في العقد الثاني من الألفية هي الاستثناء غير الطبيعي. وخلال السنوات الثلاث المنصرمة، جابهت الأسواق المالية تحديات متعددة، بدءاً من ارتفاع أسعار الفائدة، مروراً بالصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، وانتهاءً بالسياسات الحمائية التي أعقبت عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض.
وقد ألقت هذه العوامل بظلالها على قدرة قيادات الشركات والمؤسسات الاستثمارية على إبرام الصفقات، رغم استمرار حالة التفاؤل التي يبديها المصرفيون بشأن إمكانات السوق المستقبلية. وأضاف كوتوفسكي: يمكننا القول إن عام 2025 قد طُوي بالنسبة للخدمات المصرفية الاستثمارية، مستدركاً: «قد نشهد فصلاً قوياً من طروح الأسهم خلال الخريف، ما سيدفع الأرقام للأعلى، غير أن حركة الاندماجات والاستحواذات في النصف الثاني من العام ستتحدد أساساً بما تم الإعلان عنه مسبقاً».
وعادةً ما يمنح المستثمرون قيمة أعلى لإيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية مقارنة بأنشطة التداول، كونها تحقق هوامش ربح أعلى مع استهلاك أقل لرأس المال. ولا تزال أوساط الاستثمار تعقد الآمال على تحقق الانتعاش المنتظر في نشاط الخدمات المصرفية الاستثمارية، وهو ما انعكس في تجاوز سعر سهم غولدمان ساكس حاجز الـ700 دولار للمرة الأولى في تاريخه.
وقال ساؤول مارتينيز، المحلل المصرفي ببنك «إتش إس بي سي»: «النصف الأول من هذا الربع كان صعباً لأسباب واضحة، لكن من الواضح أن هناك تفاؤلاً أكبر بشأن الآفاق المستقبلية لهذا القطاع».
بيد أن الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يأمل المستثمرون أن يحفز إبرام الصفقات، قد يخفف من تقلبات السوق التي عززت إيرادات التداول لدى البنوك. وأضاف مارتينيز: «بلغت إيرادات التداول مستويات مرتفعة للغاية، ولا أرى مسوغاً مقنعاً لافتراض استمرار هذا النمو المتصاعد».
وبدأ جي بي مورغان وسيتي غروب إعلان نتائجهما أمس، فيما يكشف بنك أوف أمريكا وغولدمان ساكس ومورغان ستانلي عن نتائجها اليوم. وتُمثل هذه البنوك، إلى جانب «ويلز فارجو»، أكبر ستة مصارف أمريكية من حيث حجم الأصول. وتشير التقديرات إلى أن صافي أرباح هذه المجموعة مجتمعة سيتراجع بنسبة تقارب 13% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.