إطلاق النسخة الثانية من تقرير الاتحاد من أجل المتوسط: التكامل الإقليمي دون المستوى وفرص الاستثمار هائلة!
(النهار)-17/09/2025
أطلق الاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، الأسبوع الماضي، النسخة الثانية من تقرير الاتحاد من أجل المتوسط حول التكامل الإقليمي، في الذكرى السنوية الثالثة لإطلاق عملية برشلونة.
فالاتحاد من أجل المتوسط، الذي تأسس في 2008، هو المنظمة الحكومية الدولية الأورومتوسطية الوحيدة التي تجمع بين دول الاتحاد الأوروبي و16 دولة من جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط، ولا يزال يتلمس السبل المتاحة لديه لتفعيل الروابط الاقتصادية والعلمية بين مكوناته، ولتعزيز العلاقات التجارية، وتأمين التمويل، وتطوير البنى التحتية، وتنقّل الأفراد بين دوله وكياناته، إضافة إلى تحديث التعليم العالي وتحرير البحث العلمي.
خلاصات عدة توصل اليها النقاش المتعدد الأوجه، والهويات الوطنية، أفضت إلى الإجماع على حقيقة أن “التكامل الاقتصادي في المنطقة الأورومتوسطية لا يزال دون المأمول، رغم فرص النمو والتنمية المستدامة، كما أن التدفقات التجارية بين دول الاتحاد من أجل المتوسط، لا تزال تعاني من عدم التوازن والانتظام، يقابلها ارتفاع أعداد المهاجرين، وتوجههم نحو الاتحاد الأوروبي، والدول التي تتوافر فيها فرص العمل والإنتاج”.
على هامش إطلاق التقرير، التقت “النهار” محمد الرزاز، رئيس قطاع التكامل الإقليمي في الاتحاد من أجل المتوسط، فأكد أنه “على الرغم من وضوح الفجوة الاقتصادية بين دول الاتحاد على مستوى الأرقام والإحصاءات، فثمة ما يدعو إلى التفاؤل بشأن إمكانات التكامل. فالعالم العربي يمتلك مقومات بشرية ضخمة يغلب عليها عنصر الشباب، وموارد طبيعية هائلة، إضافة إلى ميزة تنافسية تتمثل بانخفاض كلفة الموارد الطبيعية والأيدي العاملة مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي. وهذا ما يعني وجود مجالات أولوية يمكن للاتحاد الأوروبي الاستثمار داخل دول الجنوب، بما يحقق فائدة مشتركة للطرفين في ما يعرف بالصفقة الرابحة للجميع”.
ومن أبرز المجالات في هذا السياق يورد الرزاز أمثلة منها: “الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة، ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر، إلى جانب الاقتصاد الأزرق المرتبط بالبحار والمحيطات، بما يشتمل عليه من أنشطة واسعة مثل الثروة السمكية، والسياحة البحرية، واستغلال طاقة الرياح والأمواج والتيارات البحرية. تالياً، يعتبر الرزاز أن “فرص الاستثمار هائلة، ويمكن من خلال الاستثمارات الأوروبية المباشرة الدفع بعجلة التنمية في دول الجنوب، مقابل حصول أوروبا على مصادر طاقة متجددة بأسعار أقل، مقارنة بمناطق أخرى من العالم”.
كان واضحاً من النقاشات أن معدلات التكامل الاقتصادي في المنطقة لا تزال متراجعة، ما يستدعي القيام بإصلاحات سياسية عميقة على مستوى السياسات العامة، وبناء رؤية جيواستراتيجية مشتركة، وتحركاً جماعياً يتجاوز قدرات الدول أو المنظمات الفردية. وعليه، النهوض لا يأتي من الخارج فحسب، بل يتطلب جهداً ذاتياً تقوده شعوب المنطقة وحكوماتها، لتكون شريكاً فاعلاً في هذا المسار.
إلى ذلك، خلص المشاركون إلى أن نجاح الاتحاد في مهمته يحتاج إلى المزيد من التنسيق، والعمل على تبادل الخبرات والتمويل، وتركيز الجهود على بناء بنى تحتية تحتضن التحول نحو الاقتصاد الأخضر، والطاقة النظيفة، والثروات البحرية والسياحية.