ارتباك في البنوك المصرية عقب تعديل أسعار الفائدة على مبادرة التمويل العقاري
(العربية)-22/10/2025
شهدت إدارات التمويل العقاري بالبنوك المصرية حالة من الارتباك، عقب صدور تعليمات البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة على مبادرتي التمويل العقاري لمحدودي ومتوسطي الدخل، وهو ما أثار موجة من التساؤلات بين العملاء حول آلية تطبيق المعدلات الجديدة وتداعياتها على المستحقين للدعم.
وجاءت التعليمات الرسمية للبنوك، الصادرة يوم الخميس الماضي، لتقضي برفع سعر الفائدة على مبادرة التمويل العقاري لمتوسطي الدخل إلى 12% متناقص بدلاً من 8%، وعلى مبادرة محدودي الدخل إلى 8% متناقص بدلاً من 3%، على أن يبدأ تطبيق هذه المعدلات على كافة القروض ضمن المبادرتين اعتباراً من 15 أكتوبر 2025.
وعزا مصرفيون وخبراء تمويل عقاري حالة الارتباك لغياب الوضوح بشأن الإجراءات التنفيذية الخاصة بالعملاء الذين حصلوا على موافقات تمويلية قبل صدور القرار، دون أن يتم صرف القروض فعلياً.
وقالت مصادر مصرفية لـ”العربية Business” إن ارتفاع أسعار الفائدة على مبادرة التمويل العقاري، لا سيما لمحدودي الدخل، سيرفع قيمة الأقساط الشهرية على بعضهم، لتتجاوز 50% من إجمالي الدخل الشهري، وهو ما يتعارض مع ضوابط البنك المركزي لتمويل الأفراد.
“خاطبت بعض البنوك الإدارات المختصة بالبنك المركزي المصري، لتوضيح حالة العملاء الواجب تطبيق زيادة الفائدة عليها، سواء كانت حصلت على موافقات أم ما زالت تحت الدراسة ومستوفاة للاشتراطات”، بحسب المصادر.
تعديل الفائدة يشمل العملاء الجدد
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “إيليت للاستشارات والتمويل العقاري”، ورئيس قطاع التمويل العقاري بأحد البنوك الخاصة سابقاً، محمد سمير، إن تعديل أسعار الفائدة على مبادرة التمويل العقاري هو حق من حقوق البنك المركزي وفقاً للائحة إصدار المبادرة، ولكن التطبيق يتم بعد صدور القرار، أي في الحالات الجديدة التي تطلب الاستفادة من دعم التمويل.
وأوضح سمير لـ”العربية Business” أن العميل الذي صدرت له موافقة تمويلية بقيمة محددة، سواء من محدودي أو متوسطي الدخل، ولكن لم يتم صرف التمويل له فعلياً، فيجب أن تطبق عليه أسعار الفائدة القديمة وهي 3% و8% وفقاً لتصنيف دخل العميل، خاصة وأن الدراسات التمويلية تمت بناءً على دخله وقيمة الأقساط المستقطعة منه شهرياً.
“وفي حالة وجود حالات ما زالت تحت الدراسة ولم تصدر لها موافقة ائتمانية، فمن حق البنك تطبيق الزيادة على تمويلاتهم، وفقاً لدراسة دخل العميل والشروط الأخرى”، بحسب سمير.
ويرى سمير أن التعديل الأخير في سعر فائدة مبادرة التمويل العقاري يستهدف تقليص الأعباء التي تتحملها وزارة المالية، بعد توقف البنك المركزي عن دعم 5 مبادرات، بناءً على قرارات أصدرها مجلس الوزراء عام 2022.
ومن جانبه، قال رئيس قطاع تمويل عقاري بأحد البنوك الكبرى إن تطبيق أي مبادرة تمويلية جديدة أو إجراء تعديلات عليها، يتطلب فترة زمنية بسيطة لتوضيح الإجراءات التنفيذية لها.
وأوضح أن هناك مراحل متعددة قبل حصول العميل على التمويل، منها تقديم الطلب والدراسة والاستعلام واستكمال البيانات إلكترونياً، وأخيراً إصدار الموافقات وبدء الصرف، وتعديل الفائدة يتطلب مراجعة هذه المراحل للبت في الحالات التي تستلزم دراسات جديدة وفقاً للتعديلات السعرية في الفائدة، أم خضوع بعض الحالات للفائدة القديمة.
وأكد العضو المنتدب لشركة التعمير للتمويل العقاري “الأولى”، أيمن عبد الحميد، أنه من الضروري أن تحسم البنوك موقف العملاء الذين حصلوا على موافقات تمويلية دون صرفها، وهل ستخضع تمويلاتهم للفائدة القديمة أم الزيادة.
“القرار لن يطبق بأثر رجعي أبداً… والطلبات الائتمانية الجديدة ستخضع لأسعار الفائدة بعد الزيادة، ولكن الحالات القائمة فقط دون تفعيل هي ما تستلزم الإيضاح”، بحسب عبد الحميد.
فائدة أعلى.. ومستفيدون أقل
وقال مسؤول تمويل عقاري إن رفع أسعار الفائدة يقلص الدعم للفئات المستفيدة من مبادرة التمويل العقاري، مشيراً إلى أنه بعد الزيادة يتراجع دعم الفائدة لفئة محدودي الدخل من 23% إلى 18% فقط، وكذلك ينخفض دعم فائدة متوسطي الدخل من 20% إلى 16%.
وأكد أن زيادة سعر الفائدة يترتب عليه ارتفاع قيمة الأقساط الشهرية للتمويل العقاري، التي يجب ألا تتجاوز 40% من إجمالي الدخل الشهري للعميل، وهو ما يحرم فئة من العملاء من الاستفادة بدعم المبادرة.
ويلزم البنك المركزي البنوك بمراعاة عدم تجاوز قسط التمويل العقاري نسبة 40% من صافي دخل المستفيد بعد أن يشمل جميع الاستقطاعات الشهرية، بواقع 50% ليتناسب مع قدرة العميل على السداد.
واتفق معه سمير، الذي أكد تراجع فئة العملاء التي ينطبق عليها اشتراطات التمويل العقاري بعد ارتفاع الفائدة.
“انخفاض قيمة الوحدات العقارية المسموح بتمويلها، والبالغة 1.4 مليون جنيه لمحدودي الدخل و2.5 مليون جنيه لمتوسطي الدخل، يقلص فرص استفادة شريحة كبيرة من العملاء، وذلك مع تضاعف أسعار العقارات أكثر من مرة في السنوات الأخيرة”، وفقاً لسمير.
وبلغت إجمالي التمويلات العقارية المقدمة للعملاء محدودي ومتوسطي الدخل من خلال 22 بنكاً عاملاً بالقطاع المصرفي المصري 89.79 مليار جنيه، استفاد منها نحو 637.09 ألف عميل بنهاية سبتمبر 2025، وفقاً لبيانات حديثة صادرة عن صندوق التمويل العقاري.
بينما بلغت التمويلات العقارية المقدمة من خلال 8 شركات متخصصة في مجال التمويل العقاري لصالح محدودي ومتوسطي الدخل نحو 2.51 مليار جنيه، استفاد منها 19.82 ألف عميل بنهاية سبتمبر الماضي.