اقتصادات إسلامية عملاقة: أين تقف ماليزيا والسعودية والإمارات في سباق 2025؟
(النهار)-24/09/2025
تشهد اقتصادات الدول الإسلامية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، إذ يسعى العديد منها إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية وتنويع مصادر دخلها بعيداً عن الاعتماد الكلّي على النفط أو الموارد الطبيعية. وبحسب تصنيف DinarStandard 2025، جاءت مجموعة من الدول الإسلامية في مقدّمة الاقتصادات الأكثر قوة وتأثيراً على الساحة الدولية، ليس فقط في الناتج المحلي الإجمالي، بل عبر عناصر القوة الاقتصادية أيضاً مثل الاستثمارات، البنية التحتية، والقدرة على الابتكار.
في هذا السياق، يوضح الباحث الاقتصادي الدكتور محمد موسى لـ”النهار” بأن هذه المراتب ليست وليدة الصدفة، بل هي حصيلة خطط استراتيجية ممتدة لعقود، اعتمدت على تنويع مصادر الدخل، الاستثمار في البنية التحتية، جودة الحوكمة، والاستقرار السياسي والمالي، وهي عوامل جعلت هذه الدول أكثر قدرة على المنافسة عالمياً.
ماليزيا في الصدارة
احتلّت ماليزيا المرتبة الأولى كأقوى اقتصاد إسلامي لعام 2025، بمؤشر بلغ 165.1. ويعود هذا التفوق إلى تنوع الاقتصاد الماليزي القائم على الصناعة والتكنولوجيا، إلى جانب دوره المحوري في قطاع التمويل الإسلامي.
ويشرح موسى أن ماليزيا “تتمتع بأكبر سوق للسكوك والسندات الإسلامية عالمياً، وتتبنى قوانين صارمة في الشفافية والحوكمة المالية، فضلاً عن ريادتها في الصناعات الحلال، في الأغذية والأدوية ومستحضرات التجميل، ما يجعلها نموذجاً اقتصادياً متكاملاً، كما أن السياحة الإسلامية والدعم الحكومي المستمر يشكلان رافعة إضافية لاقتصادها”.
السعودية ثانياً
جاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثاني بمؤشر 100.9، مستفيدة من مكانتها كأكبر منتج ومصدر للنفط عالمياً. لكن قوتها لا تقتصر على النفط فقط، بل على “رؤية 2030” التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويشرح موسى أن قيمة الاقتصاد السعودي تتجاوز التريليون دولار، وتستند إلى محركات متعددة مثل موسم الحج والعمرة، مشاريع ضخمة مثل نيوم، وبرامج تنويع الاقتصاد، ما يجعلها لاعبًا محوريًا في المنطقة والعالم.
إندونيسيا ثالثاً
في المرتبة الثالثة حلت إندونيسيا بمؤشر 99.9. وهي أكبر دولة إسلامية بعدد السكان، ما يمنحها سوقاً محلية ضخمة تدعم النمو.
ويشير موسى إلى أن “إندونيسيا باقتصادها، الذي يقارب التريليون دولار، تملك قاعدة صناعية صلبة في الأغذية والإلكترونيات، إلى جانب فائض تجاري مهم جداً، وهو ما يعزز مكانتها كقوة اقتصادية صاعدة”.
الإمارات رابعاً
حافظت الإمارات العربية المتحدة على مكانتها باحتلالها المركز الرابع بمؤشر 95.8. وتتميز الإمارات باقتصاد متنوع قائم على التجارة العالمية، الطيران، السياحة، والابتكار.
ويصفها موسى بأنها “مركز مالي وتجاري عالمي بفضل دبي وأبوظبي، مع بنية تحتية متطورة من مطارات وموانئ، إضافة إلى حضورها البارز في السياحة والتمويل الإسلامي، وإن كان بدرجة أقل من ماليزيا”.
البحرين خامساً
جاءت البحرين في المرتبة الخامسة بمؤشر 81.9. وتعليقاً على ذلك، يقول موسى: “البحرين رغم محدودية سكانها، تتمتع ببيئة قانونية وتشريعية متقدمة جعلتها مركزاً مالياً إسلامياً بارزاً”.
الأردن والكويت
احتلّت الأردن المرتبة السادسة بمؤشر 71.4، وتتميز، وفق موسى، بموارد بشرية وتعليمية هائلة، إلى جانب اقتصاد رقمي واستقرار مؤسساتي وأمني يمنحها ميزة خاصة.
أما الكويت فجاءت في المركز السابع بمؤشر 67.0، مستندة إلى ثروتها النفطية وصندوقها السيادي الضخم، فضلاً عن دورها في التمويل الإسلامي.
باكستان وتركيا
جاءت باكستان في المرتبة الثامنة بمؤشر 64.1، وتتميز بسوق داخلية ضخمة مدعومة بقطاعات الزراعة والصناعة. أما تركيا فقد حلت تاسعاً بمؤشر 64.0، مستفيدة من صناعاتها الرائدة مثل السيارات والنسيج والسياحة.
ويلفت موسى إلى أن “تركيا وباكستان تتمتعان بقوة داخلية نابعة من حجم السوق الكبيرة والصناعات المحلية، ما يمنحهما فرص نمو كبيرة رغم التحديات الاقتصادية”.
دلالة المؤشر
الأرقام الواردة لا تعكس الناتج المحلي فقط، بل تمثل مؤشر قوة الاقتصاد الذي يشمل الاستثمار، البنية التحتية، الابتكار، والقدرة على التأثير في الاقتصاد العالمي.
ويؤكد موسى أن هذا المؤشر “يعكس الرقم الفعلي للاقتصاد، بما يشمل التجارة، السياحة، التمويل، والاستثمار. وهو نتيجة طبيعية لخطط اقتصادية طويلة الأمد، وليس مجرد أرقام آنية”.
يبرز هذا التصنيف أن العالم الإسلامي يضم اقتصادات قوية وواعدة تسهم بشكل متزايد في الاقتصاد العالمي. وتتوزع قوة هذه الاقتصادات بين التمويل الإسلامي (ماليزيا والبحرين)، الطاقة والاستثمار (السعودية والإمارات)، الأسواق الداخلية الكبرى (إندونيسيا وباكستان)، إضافة إلى القوة البشرية والتعليمية (الأردن)، والثروات السيادية (الكويت)، والصناعات الرائدة (تركيا).
وبحسب موسى، فإن “المشهد العام يعكس خريطة اقتصادية إسلامية متنوعة، إذ لكل دولة ميزة نسبية تجعلها قادرة على ترسيخ حضورها في النظام الاقتصادي الدولي”.