الأزمة المالية اللبنانية: مشكلة لا مفرّ من مواجهتها
(النهار)-12/12/2024
على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على بدء الأزمة المالية، أو ما يعرف بالأزمة المصرفية في لبنان، تستمر المشكلة قائمة من دون حل جذري. فمعالجة الأزمة المالية في لبنان تمثل أولوية قصوى لتحقيق التعافي الاقتصادي والاجتماعي، ولا مفر من اتخاذ قرارات حاسمة لتحقيق ذلك.
اليوم، اكثر من أي وقت مضى، لبنان بحاجة إلى قطاع مصرفي سليم، كي يواكب مرحلة إعادة الاعمار وإعادة انعاش الاقتصاد.
ويمكن رسن خطة واضحة، تقوم على الشفافية والعدالة، أن تشكل نقطة انطلاق نحو استعادة الثقة بالنظام المالي/ وإعادة بناء البلاد على أسس مستدامة.
اليكم 5 خطوات أساسية لمعالجة الأزمة
1- احتساب الخسائر: الأساس لأي حل
لا يمكن وضع أي حل دون تحديد دقيق لحجم الخسائر، وخصوصاً حجم الودائع. يمكن لهيئة الرقابة على المصارف القيام بهذه المهمة، حيث تمتلك معظم البيانات اللازمة. هذا الاحتساب يمثل الخطوة الأولى لفهم طبيعة المشكلة وتحديد الحلول المناسبة.
2- اعتماد مقاربة موجهة لحماية الجميع عبر تصنيف الودائع
تحتاج الودائع إلى تصنيف ضمن مجموعات متعددة لضمان معاملة عادلة للجميع.
تشمل هذه التصنيفات:
صغار المودعين الذين يشكلون العمود الفقري للنظام المصرفي
- كبار المودعين الذين تتطلب ودائعهم إجراءات خاصة لضمان العدالة
3- إعادة رسملة المصارف ومعالجة الإفلاس
يجب على المصارف إعادة رسملة نفسها. أما المصارف التي لا تستطيع تلبية متطلبات السيولة والملاءة المالية، فيجب إغلاقها. من خلال استخدام الاحتياطيات الحالية، والأموال الجديدة بالدولار، وجهود إعادة الرسملة، يمكن رفع القيود عن السحب لصغار المودعين الذين تقل حساباتهم عن 100,000 دولار. في نهاية عام 2019، بلغ إجمالي هذه الحسابات أقل من 9 مليارات دولار.
بالنسبة إلى كبار المودعين، يمكن اتباع خطة تتضمن:
اقتطاع جزء من الأموال (Haircut)
- تحويل جزء آخر إلى أسهم في المصارف
- إيداع المتبقي في صندوق استرداد الودائع
4- إنشاء صندوق سيادي
ينبغي إنشاء صندوق سيادي لتحسين الاستفادة من أصول الدولة. ولا يجوز شيطنة هذا الاقتراح، اذ ان العديد من الدول استخدمت هذا النهج لمعالجة ازماتها الاقتصادية، مثل النرويج التي استخدمت صندوقها السيادي كوسيلة لتعزيز الاقتصاد خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008، وكازاخستان التي استخدمت الصندوق لدعم الاقتصاد في مواجهة انخفاض الإيرادات النفطية في عام 2014، وإيرلندا التي استخدمت الصندوق لإعادة رسملة المصارف المحلية خلال الأزمة، ما منع انهيار القطاع المصرفي وغيرها من الدول.
5- إعادة هيكلة الدين العام
يجب إعادة هيكلة الدين العام مع فرض اقتطاعات على الدين بحيث تقلّص ديون الدولة لكن لا تعفى عنها كلياً. وعلى الحكومة إعادة رسملة البنك المركزي والبدء بسداد الدين المُعدّل أي بعد الـ Haircut باستخدام عائدات الصندوق السيادي. عند تسديد الدين، ينبغي توجيه الأموال المتبقية إلى صندوق استرداد الودائع لتعويض كبار المودعين، وليس إلى المصارف التي كانت السبب في الأزمة.
تضمن هذه الخطة توزيع الخسائر بشكل عادل بين المودعين والمصارف والحكومة، مع إعطاء الأولوية لحماية الفئات الأكثر ضعفاً. ويمكن أيضاً تطبيق إجراءات إضافية تشمل اقتطاعات على ودائع الأفراد الذين أجروا معاملات صرف بعد الأزمة.، اقتطاعات على الودائع ذات المصادر غير المبررة، بما في ذلك تلك المرتبطة بشخصيات سياسية بارزة (PEPs) ، اقتطاعات على الحسابات التي حققت معدلات فائدة مرتفعة بشكل غير طبيعي بين عامي 2016 و2019 وغيرها من الإجراءات.