الإمارات محور أساسي في إعادة تشكيل تدفقات رأس المال العالمية
(البيان)-11/12/2024
تقود منطقتا آسيا والشرق الأوسط تحولاً كبيراً في تدفقات رأس المال العالمية والبنية الأساسية المالية، وذلك وفقاً لتقرير جديد صادر عن «إتش إس بي سي» (HSBC) بعنوان «شبكات جديدة لرأس المال»، والذي يشير إلى أن دولة الإمارات تمثل محوراً أساسياً في إعادة تشكيل هذا التحول الكبير طويل الأجل.
وأوضح التقرير الذي حصلت «البيان» على نسخة منه، أن الفوائض التجارية الآسيوية والخليجية تفتح بوابة لأحد أعظم أحداث خلق الثروة في التاريخ، لافتاً إلى أن الاقتصاد العالمي لا يزال في مراحله الأولى من التحول العميق طويل الأجل حول كيفية إعادة تدوير المدخرات العالمية إلى استثمارات، مع وجود منطقتي آسيا والشرق الأوسط في قلب هذا التحول.
ومن المتوقع أن تنمو الأصول المالية في آسيا (باستثناء اليابان) بنسبة 8 % حتى عام 2028 وبمعدل 9 % في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا – وكلاهما أعلى من التوجه العالمي البالغ 6 %. وتمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا الآن 30 % من الأصول المالية العالمية، بإجمالي 83.6 تريليون دولار.
ويحلل التقرير أيضاً محركات زيادة التدفقات التجارية والاستثمارية ضمن هذا الممر، بما في ذلك خطط الإنفاق الرأسمالي في منطقة الخليج والتي تقدر بأكثر من 3 تريليونات دولار. وقال جوليان وينتزل، رئيس الخدمات المصرفية العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، لدى بنك إتش إس بي سي: «يعد هذا أحد أسرع ممرات الاستثمار نمواً وإثارة في العالم، حيث يعتبر تمويل البنية التحتية محركاً رئيسياً، كما أن إعادة استثمار رأس المال في مشاريع البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط يقدم فرصاً كبيرة، وقد تم بالفعل الالتزام بتمويل نحو نصف هذه الاستثمارات».
وأضاف: أن هذا المستوى من النمو يعتبر نادراً في ظل فترات عدم توازن سياسيات البنوك المركزية، والتالي جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمستثمرين العالميين إلى منطقة الخليج بشكل لم يسبق له مثيل.
واستطرد قائلاً: «لقد أسهم هذا الإنفاق غير المسبوق على مشاريع البنية التحتية في جذب الشركات من منطقة آسيا لدعم القطاعات الهندسية والمشتريات والإنشاء، وبالمقابل، لا تزال صناديق الثروة السيادية في منطقة الشرق الأوسط مصدراً رئيسياً لتصدير رأس المال إلى آسيا، حيث تسعى للحصول على استثمارات استراتيجية تتيح لها إمكانية الوصول إلى الإمكانات والتقنيات المتقدمة لدعم التنوع الاقتصادي في دول المنطقة».
التحولات الهيكلية
يحدد التقرير 6 تحولات هيكلية من شأنها تعزيز زيادة تدفقات رأس المال بين المنطقتين:
- زيادة حجم الاستثمارات المحلية: حيث يتم إعادة توزيع نسبة متزايدة من الثروة التي تم إنشاؤها في منطقة الشرق الأوسط وآسيا محلياً، بدلاً من تصديرها إلى الخارج، لدعم أهداف السياسة.
- التحولات في أسواق رأس المال: إذ يسعى صناع السياسات في كلتا المنطقتين إلى تحرير وتطوير أسواق رأس المال لتعزيز حجم الثروات المحلية وإعادة تدويرها إلى استثمارات محلية، كما أن من شأن الإدراجات الجديدة، بما في ذلك الإدراجات المتبادلة في الأسواق المالية، أن تعزز من حجم الاستثمارات والسيولة النقدية.
- إعادة موازنة تقييم المؤشرات: حيث تمثل السعودية وقطر والإمارات مجتمعة حالياً 0.64 % من مؤشر MSCI ACWI للأسواق القابلة للاستثمار، وهو المعيار القياسي لاستثمارات الأسهم بقيمة 4.6 تريليونات دولار، وفي ذات الوقت، تبلغ حصة البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ وسنغافورة والهند 5.16 %، وسيؤدي التحول نحو أسواق رأس المال الأكبر والأكثر سيولة والأكثر انفتاحاً في المنطقتين إلى زيادة تقييمات المؤشرات العالمية وتخصيص المزيد من الأموال من قبل المستثمرين الذين يتتبعون هذه المؤشرات.
- تعزيز مديري الأصول الإقليميين: إذ إن أربعة من أكبر 50 مديراً للأصول في العالم حالياً هم من منطقة آسيا والمحيط الهادئ – ولا يوجد أي منهم من منطقة الشرق الأوسط، ويتطور هذا القطاع من الأعمال مع قيام صناع السياسات بتحفيز إمكانية الوصول إلى الثروات، ويتطلع اللاعبون الأساسيون الدوليون إلى تحقيق الدخل من هذه السوق المتنامية للثروة، ولسوف يتجلى هذا من خلال نمو اللاعبين الأساسيين المحليين وإنشاء مشاريع مشتركة محلية مع الشركات العالمية الرائدة، مثل شركة بلاك روك الرياض لإدارة الاستثمارات.
- تعزيز فاعلية الأسواق الخاصة: كانت مناطق آسيا والشرق الأوسط أقل تمثيلاً في مجال الأصول المدارة في الأسواق الخاصة العالمية على نحو تقليدي، فعلى سبيل المثال، تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادئ حوالي 6 % من حجم الأصول المدارة الائتمانية الخاصة العالمية و27 % من أصول الأسهم الخاصة، مقارنة بأكثر من 40 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلا أنها أصبحت الآن نشطة بشكل متزايد في تحويل الأصول الخاصة، مما يوفر فرصة للمستثمرين لتجاوز البنية التحتية للأسواق العامة الحالية وتخصيص رأس المال للشركات في المنطقة الأخرى بشكل مباشر.
- العملات المحلية: احتمال تحديد قيمة المزيد من الاستثمارات المباشرة مستقبلاً في السوق العامة والخاصة بين المنطقتين بالعملات الإقليمية، وخاصة الرنمينبي (اليوان الصيني)، مما يخفف من المخاطر المرتبطة بالمعاملات بالعملات غير الإقليمية.
الفرص المتاحة
وفقاً للتقرير، تفسح التوجهات طويلة الأجل للشركات والمستثمرين 3 فرص رئيسية للنمو:
- تعمل البنية التحتية المالية ضمن المنطقة على تعميق مصادر السيولة النقدية، وفتح قنوات استثمارية وتمويلية جديدة. وعلى سبيل المثال: تم إدراج أول صندوق قابل للتداول في سوق البورصة في آسيا، والذي يتتبع مؤشر FTSE السعودية، في بورصة هونغ كونغ في عام 2023. كما تم توقيع ما لا يقل عن تسع مذكرات تفاهم بين أسواق بورصة السعودية والإمارات وأسواق البورصة في سنغافورة والصين والهند منذ عام 2018، مما أدى إلى توقعات بإدراجات متبادلة كبيرة في المستقبل.
- النشاط الاستثماري المتزايد يدعم طموحات الشركات بالنمو: تعمل الروابط السياسية الأقوى وتحرير أسواق رأس المال وتدفقات الاستثمار إلى الخارج على خلق فرص للشركات للوصول إلى رأس المال من خلال الشراكات الاستراتيجية والاستثمارات في الأسهم، على سبيل المثال: تعتبر الأسواق الآسيوية من ضمن الأهداف الرئيسية لعمليات الدمج والاستحواذ الخارجية من قطر والسعودية والإمارات، مع التركيز بشكل خاص على القطاعات الصناعية والاستهلاكية والتكنولوجية.
- البنية التحتية والتحول في مجال الطاقة: تعمل دول منطقة الخليج على توجيه استثمارات غير مسبوقة نحو مشاريع التنمية الحضرية كجزء من خطط التحول الاقتصادي، مما يفتح الفرص أمام المستثمرين والمتعاقدين الآسيويين، على سبيل المثال فقد احتلت دبي المرتبة الأولى عالمياً في جذب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة وذلك للعام الثالث على التوالي. كذلك فإنه من المقرر أن تقدم السعودية ما يصل إلى 175 مليار دولار سنوياً لدعم المشاريع الصناعية الجديدة والمشاريع العملاقة بين عامي 2025 و2028.