البنك الدولي: السعودية تتجاوز السياحة التقليدية بأهداف طموحة وتنويع اقتصادي
(الشرق الاوسط)-10/10/2025
أكد البنك الدولي أن السعودية تتجاوز التركيز التقليدي على السياحة الدينية لترسم ملامح قطاع سياحي عالمي جديد مدعوم بشراكة استراتيجية مع مجموعة البنك الدولي، مشيراً إلى أن المملكة بتاريخها الثقافي الغني وأصولها الطبيعية الخلابة، حوّلت السياحة في إطار «رؤية 2030» من مجرد سفر إلى «بوابة للفرص، والثقافة، والتقدم».
وأوضحت الخبيرة الأولى في التنمية الحضرية في البنك الدولي، رفيف عبد الرازق، أن السعودية تطلق أهدافاً طموحة تفوق التوقعات لقطاع السياحة، بهدف جعله ركيزة محورية للاقتصاد غير النفطي. إذ إنها تسعى إلى جذب 150 مليون زائر بحلول عام 2030، وهو ارتفاع كبير عن المستهدف السابق (100 مليون) الذي تم تحقيقه بالفعل. كما تستهدف الاستراتيجية أن تسهم السياحة بنسبة 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يضع المملكة في مصاف المستويات العالمية في هذا القطاع.
وقالت إن مجموعة البنك الدولي أدركت منذ زمن طويل الإمكانات الكبيرة لقطاع السياحة في المملكة، وقدمت على مدى عقد كامل دعمها من خلال المساعدة الفنية لأصحاب المصلحة على الصعيد الوطني والإقليمي والمحلي، و«عملنا معاً لتعزيز إمكانات هذا القطاع مع حماية الأصول الطبيعية والتراث الثقافي، وتجنب الاستهلاك المفرط والآثار السلبية على المجتمعات المحلية».
وبفضل خطوات موجهة ودعم فني من البنك الدولي، قفزت المملكة في مؤشر السفر والتنمية السياحية الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي من المرتبة 43 في 2019 إلى المركز 33 عالمياً في عام 2021، مما يؤكد نجاح الإصلاحات الهيكلية، وفق الخبيرة في البنك الدولي.
تحدي التوازن
ولفتت عبد الرازق إلى أن السياحة، وعلى غرار الصناعات الإنتاجية الأخرى، تتطلب بيئة داعمة وموارد كافية تشمل بنية تحتية متطورة، وخدمات فعالة، وكوادر تتمتع بالمهارات اللازمة. فمع أن القطاع السياحي قادر على خلق فرص تنموية وفتح آفاق جديدة، فإنه قد يسبب آثاراً جانبية تمس جودة الحياة، مثل ارتفاع تكاليف السكن، وازدحام المرور، وزيادة مستويات التلوث.
ويستلزم الأمر، حسب عبد الرازق، تحقيق توازن دقيق بين هذه العوامل لضمان استمرار الإنتاجية في هذا القطاع، وتفادي تحول السياحة إلى عبء على السلطات والأجهزة المعنية، والسكان، والموارد، والمناطق الطبيعية. وقالت: «من هذا المنطلق الاستراتيجي، تعمل الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وهيئة تطوير بوابة الدرعية، وشركة الدرعية، في إطار من التعاون وتضافر الجهود مع مجموعة البنك الدولي».
العلا: ملتقى التاريخ واقتصاد سياحي مستدام
ذكرت عبد الرازق أن العلا، التي تحتضن التراث النبطي بما في ذلك موقع الحجر الأثري (أول موقع سعودي مدرج في اليونسكو)، هي ملتقى للتاريخ. وأفادت بأن البنك الدولي يدعم جهود الهيئة الملكية الرامية إلى إحياء هذه المنطقة وتطوير اقتصاد سياحي مستدام يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل المحلية. كما أضافت أن البنك أجرى في الآونة الأخيرة تقييماً أساسياً شاملاً ركز على التطوير العمراني، واستدامة السياحة، والحفاظ على التراث، وتعزيز الاستدامة الاجتماعية والبيئية.
الدرعية: نهج يركز على الناس
وأشارت إلى أن الدرعية، المعروفة بأنها أصل المملكة، تسعى لتكون مدينة مستدامة متعددة الاستخدامات، حيث تتضافر جهود هيئة التطوير وشركة الدرعية مع مجموعة البنك الدولي لتطبيق أفضل الممارسات لتحقيق النمو الاقتصادي من خلال «نهج يركز على الناس». وأكدت أن الدرعية تستهدف توفير 180 ألف وظيفة جديدة. وأوضحت أن المساعدة الفنية للبنك الدولي مكنت شركة الدرعية من وضع إطار شامل لخلق الوظائف يتضمن برنامجاً حديثاً بالشراكة مع الجامعات، يهدف إلى تمكين المجتمع المحلي والشباب من الاندماج في سوق العمل عبر تطوير مهاراتهم، مشيرةً إلى نجاح المرحلة التجريبية للبرنامج وتوفير فرص تدريب داخلي ووظائف في فندق «باب سمحان».