البنوك السعودية تُسجل أعلى أرباح فصلية في تاريخها
(الشرق الاوسط)-31/10/2025
واصل القطاع المصرفي السعودي مسيرته في تحقيق نتائج قياسية، حيث سجلت البنوك المدرجة أعلى أرباح فصلية في تاريخها خلال الربع الثالث من عام 2025. وبلغ إجمالي صافي الأرباح 6.3 مليار دولار (ما يعادل 23.62 مليار ريال)، محققاً نمواً سنوياً قوياً بنسبة 15 في المائة، وبفارق 800 مليون دولار (3.097 مليار ريال) مقارنة بالربع المماثل من عام 2024 الذي سجل 5.5 مليار دولار.
شمل هذا الأداء القوي المصارف العشرة المدرجة في السوق السعودية، وهي: «البنك الأهلي السعودي»، ومصرف «الراجحي»، و«بنك الرياض»، و«البنك السعودي الأول»، و«البنك السعودي الفرنسي»، و«البنك العربي الوطني»، ومصرف «الإنماء»، وبنك «البلاد»، و«البنك السعودي للاستثمار»، و«بنك الجزيرة».
«الأهلي» و«الراجحي» يقودان قائمة الأرباح
تصدر «البنك الأهلي السعودي» قائمة البنوك من حيث صافي الأرباح، مسجلاً 6.47 مليار ريال، بنسبة نمو بلغت 20.55 في المائة. وجاء «مصرف الراجحي» في المرتبة الثانية من حيث صافي الأرباح، لكنه حقق أعلى نسبة نمو بين المصارف المدرجة، تجاوزت 24.63 في المائة، لتصل أرباحه إلى أكثر من 6.36 مليار ريال. في حين حل «بنك الرياض» ثالثاً بأرباح بلغت 2.68 مليار ريال، وبنسبة نمو بلغت 1.25 في المائة.
على صعيد الأداء التراكمي، صعدت أرباح البنوك خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025 بنسبة 17.31 في المائة، لتصل إلى مستوى تاريخي قدره 18.4 مليار دولار (68.86 مليار ريال)، مقارنة بـ15.7 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من عام 2024.
5 أسباب وراء «الأداء التاريخي»
وأرجع محلل الأسواق المالية وعضو «جمعية الاقتصاد» السعودية، الدكتور سليمان آل حميد الخالدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذا الأداء التاريخي للبنوك السعودية إلى 5 أسباب رئيسية:
– زيادة الإقراض: ارتفاع الطلب على الإقراض والتوسع المستمر في التمويل العقاري وتمويل الشركات والمشاريع الكبرى المرتبطة بـ«رؤية السعودية 2030».
– كفاءة الأصول: تحسن جودة الأصول، مما أسهم في انخفاض معدلات التعثر، وزيادة نسب السداد بفضل الاستقرار الاقتصادي وارتفاع السيولة.
– التحول الرقمي: رفع الكفاءة التشغيلية للبنوك بفضل تبني التحول الرقمي وخفض التكاليف التشغيلية وزيادة الخدمات عبر القنوات الرقمية.
– الدخل غير التشغيلي: وهو ناتج عن نمو العمولات المصرفية ورسوم الخدمات والعوائد المرتفعة من المحافظ الاستثمارية وقوة البيئة الاقتصادية، والتي ساعدت على النمو في الاستثمار الأجنبي والتوسع في المشروعات الحكومية والبنية التحتية، مما دعم حجم الأعمال البنكية ونمو أرباحها.
– أسعار الفائدة: يرى الخالدي أن ارتفاع معدلات الفائدة ساهم في توسيع هامش صافي الدخل من الفوائد للبنوك.
توقعات باستمرار القوة
ويتوقع الخالدي أن يواصل القطاع المالي السعودي النمو وتحقيق نتائج قوية خلال الربع الرابع من 2025 مدعوماً بزيادة نشاط الشركات، واستمرار المشروعات العملاقة، وارتفاع التدفقات الاستثمارية الأجنبية، لافتاً إلى أن أرباح البنوك قد تصل بنهاية 2025 لمستويات تتراوح بين 90 و94 مليار ريال، بفعل استمرار ارتفاع الودائع وتحسن معدل الإقراض، مما يرفع قدرة البنوك على توسيع محافظها التمويلية وتحقيق عوائد أعلى، مشيراً إلى أن 2025 ستكون أرباح البنوك السعودية الأعلى تاريخياً وبالذات البنك الأهلي ومصرف الراجحي.
مرونة القطاع المصرفي
من جانبه، وصف المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد للدراسات»، محمد حمدي عمر، خلال تصريح له لـ«الشرق الأوسط» النتائج المالية الربعية للبنوك بأنها تعكس قوة القطاع المصرفي السعودي ومرونته رغم التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية.
ويرجع النمو الملحوظ في الأرباح إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها ارتفاع معدلات الفائدة الذي مكَّن القطاع من توسيع هامش صافي الدخل من الفوائد، إضافة إلى النمو المتواصل لعمليات التمويل في قطاعي الأفراد والشركات، خاصة مع دعم مبادرات الرهن العقاري والتحول الرقمي الذي سهّل الإجراءات المصرفية، كما ساهم تحسن جودة الأصول واستمرار انخفاض نسب التعثر في الديون، بفضل كفاءة التحصيل والسيطرة المحكمة على المخاطر الائتمانية، إلى جانب التوسع في الاستثمارات الرقمية التي عززت الإيرادات وخفضت التكاليف التشغيلية، إضافة إلى الإدارة الفعالة للسيولة وتوظيفها في قنوات ذات عوائد مستقرة. وفيما يخص التوقعات المستقبلية، يرى عمر استمرار النمو، ولكن بوتيرة أهدأ، مع احتمالية مواجهة تحديات مثل تشبع سوق التمويل السكني وضغط المنافسة الرقمية، والترقب لتغيرات أسعار الفائدة التي ستنعكس مباشرة على هوامش الربحية، مؤكداً على أهمية إدارة المخاطر الائتمانية، وفي المجمل، يتوقع استمرار قوة أداء البنوك السعودية بفضل عوامل الدعم المحلية القوية، مع توقع ظهور نسب نمو أكثر توازناً على المدى المتوسط إذا تراجعت دورة رفع الفائدة الاستثنائية.

 
  
  
 