الحرب التجارية الأمريكية بلا رابحين.. والاقتصاد المصري قادر على النمو
(الشرق الاوسط)-07/04/2025
أكد الدكتور يسري الشرقاوي، الخبير الاقتصادي ومستشار الاستثمار الدولي، أن القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على جميع السلع والبضائع المستوردة إلى السوق الأمريكية، قد أشعلت حربًا تجارية واسعة النطاق، من غير المتوقع أن تفضي إلى منتصر.
وأوضح الشرقاوي أن تلك الإجراءات أثارت ردود فعل قوية في العديد من الدول الصناعية الكبرى، مثل الصين وألمانيا وكندا واليابان، معتبرًا أن ما يشهده العالم اليوم يُمثّل شكلاً جديدًا من الحروب غير التقليدية، تُدار بأدوات مستحدثة كالتكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتجارة الإلكترونية، وهي أدوات قد تسهم في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي.
وأضاف أن هذه الحرب التجارية تُعد الأولى من نوعها من حيث الانفتاح والشمول، في مقابل الحروب التقليدية التي شهدها العالم خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وحذر الشرقاوي من أن الولايات المتحدة قد تكون أحد أبرز الخاسرين، مشيرًا إلى أن القرار الأمريكي سيؤدي إلى فقدان شركاء تجاريين مهمين، وتراجع كبير في صادراتها التي تبلغ نحو 2 تريليون دولار، مقابل صادرات الصين التي وصلت إلى 3.6 تريليون دولار، أي بفارق 1.4 تريليون دولار لصالح الصين. كما توقع أن تواصل بكين، خلال المرحلة المقبلة، تعزيز هيمنتها على التجارة العالمية، خاصة في ظل السياسات الحالية للإدارة الأمريكية، التي تواجه اعتراضات داخلية متزايدة، وصلت إلى حد اتهام الرئيس الأسبق باراك أوباما لخليفته ترامب بـ”العبث بالنظام العالمي المستقر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية”.
وفيما يخص تداعيات القرارات الأمريكية على الأسواق، أشار الشرقاوي إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد يواجه تحديات جسيمة، منها تراجع قيمة الأسهم، وفقدان حصص تصديرية كبيرة، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، فضلًا عن اضطرابات في سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف الشحن والخدمات اللوجستية، كما توقع أن تشهد أسعار الذهب والنفط ارتفاعًا ملحوظًا نتيجة لحالة التوتر التي خلفتها هذه السياسات.
ونبّه إلى أن العالم يواجه في الوقت ذاته تحديات ديموغرافية غير مسبوقة، في ظل ارتفاع عدد السكان إلى 8.3 مليار نسمة هذا العام، مقارنة بـ7.6 مليار نسمة العام الماضي، إلى جانب التغيرات المناخية التي تلقي بظلالها السلبية على الأمن الغذائي والموارد الطبيعية عالميًا.
وفيما يتعلق بالاقتصاد المصري، شدد الدكتور الشرقاوي على أن مصر قادرة على الصمود في مواجهة تداعيات القرارات الأمريكية، رغم فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على بعض صادراتها، مؤكدًا أن الاقتصاد المصري أثبت متانته في مواجهة العديد من التحديات خلال السنوات الأخيرة، بداية من جائحة كورونا، مرورًا بالأزمة الروسية الأوكرانية، وأحداث غزة والسودان وليبيا واليمن، وصولًا إلى استضافة أكثر من 10 ملايين وافد من الدول العربية، وانخفاض إيرادات قناة السويس نتيجة التوترات في منطقة باب المندب.
وأشار الشرقاوي إلى أن مصر نجحت في إدارة اقتصادها بكفاءة، مستفيدة من الإصلاحات الهيكلية والبنية التحتية الحديثة، ما يجعلها وجهة واعدة للاستثمار، لا سيما من جانب المستثمرين الخليجيين متوسطي الحجم، في مجالات الصناعة والزراعة، موضحًا أن تكلفة الاستثمار في مصر لا تزال تنافسية مقارنة بالعديد من الدول الأخرى.
واختتم الشرقاوي حديثه بالتأكيد على أن المصدرين المصريين لديهم فرصة حقيقية للتوسع في الأسواق المتضررة من السياسات الأمريكية، خاصة الأسواق الناشئة التي تبحث عن بدائل جديدة، داعيًا المصريين في الخارج إلى تحويل مدخراتهم وضخها في استثمارات آمنة داخل البلاد، بما يسهم في تعزيز معدلات النمو التي شهدت تحسنًا ملحوظًا منذ عام 2014 وحتى اليوم.