الذهب الرقمي: الحل الذكي لأزمة لبنان
(النهار)-23/09/2025
إستعاد الذهب مكانته الاستراتيجية التي كانت ابان حقبة بريتن وودز نتيجة عد] من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية الدولية وبغض النظر عن تلك الاسباب فان الذهب قد بات راهناً يمثل أصلًا استراتيجيًا أساسيًا للدول كافة، وبالنسبة للبنان، فإنه يشكل أحد أهم الأصول الاحتياطية الاستراتيجية، بمخزون وازن يصل إلى حوالي 286 طنًا.
أطلق مجلس الذهب العالمي رموز رقمية مدعومة بسبائك ذهبية فعلية، تتيح للمستثمرين امتلاك أجزاء من الذهب بطريقة قانونية وشفافة ضمن شروط محددة.
ويتقاطع هذا الاتجاه مع ما شهدته ولاية فلوريدا الأميركية التي أقرت قانونا يعترف بالذهب والفضة كعملة قانونية، مع إعفاءات ضريبية للمستثمرين وسيدخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ في الأول من تموز من العام 2026. ورغم أن التطبيق العملي محدود، الا انه يعكس اتجاها عالميا واضحا نحو إعادة الاعتبار للمعادن الثمينة كأدوات نقدية واستثمارية، وهو ما يشكل مصدر إلهام للبنان للاستفادة من الذهب الرقمي كأصل استراتيجي ورافعة نقدية حديثة دون خسارة المخزون.
وسندا الى هذه التجارب الحديثة، فانه يمكن الاستفادة من مخزون الذهب في مصرف لبنان عبر ابتكار نظام رقمي يختلف عن المنظور البريطاني بأنه يحافظ على الملكية الكاملة للذهب ويبقيه أداة استراتيجية بيد الدولة اللبنانية؛
من المفيد الاشارة الى ان هذه الرموز الرقمية ستكون مدعومة بالذهب، ما يعني أن كل وحدة ستحمل قيمة محددة مرتبطة بسعر الذهب العالمي، دون منح حق الاستلام الفعلي للمعدن.
3- نموذج رموز الذهب الرقمية في لبنان (Gold Tokenization System)
مفردات أساسية ووظائفها:
Token:
وحدة رقمية تمثل جزءًا من الذهب، يفضل أن يكون حجم الوحدة صغيرًا (مثلاً نصف غرام)، تمثل القيمة السوقية للذهب العالمي دون منح مالكها حقًا قانونيًا في استلام الذهب المادي.
Issuer (جهة الإصدار):
جهة الإصدار، يجب أن تكون مصرف لبنان سندا لأحكام قانون النقد والتسليف، لا سيما وأن الدولة اللبنانية قد منحته امتياز إصدار النقد.
الا انه وبما ان المواد الأولى من قانون النقد والتسليف قد حددت النقد بالورقي والمعدني، الأمر الذي يفيد بأنه لإصدار النقد الرقمي يجب أن يسبقه ترخيص من المشرع وهذا أمر يسير طالما أن المركزي يضمن بأن كل رمز من هذه الرموز سيكون مدعوما بكمية محددة من الذهب والمدعوم لا يعني تملك هذا الأصل.
Primary Sale (البيع الأولي):
بيع الرموز للمستثمرين أو البنوك المحلية والدولية مقابل مبالغ نقدية، مما يعزز السيولة المالية.
Secondary Market (السوق الثانوي):
تداول الرموز بين المستثمرين، دون التأثير على ملكية الذهب الفعلية في خزائن مصرف لبنان أو تلك المودعة في الخارج.
Denomination (الوحدة):
يمكن تقسيم الرمز إلى أجزاء صغيرة (مثلاً 0.1 غرام لكل Token)، ما يسهل التداول ويزيد السيولة.
Price Peg (ربط السعر):
سعر كل رمز يعكس القيمة السوقية للذهب العالمي في الوقت الفعلي.
No Redemption (عدم الاسترداد):
الرموز تمنح المستثمر قيمة رقمية مرتبطة بالذهب، دون الحق في استلام الذهب فعليًا، ما يحمي المخزون من النفاذ أو الاستخدام غير المخطط له.
4- آلية العمل
1. إصدار الرموز الرقمية من مصرف لبنان لكل جزء محدد من الذهب
2. البيع الأولي للرموز للمستثمرين والبنوك، مما يضخ سيولة نقدية جديدة
3. التداول الثانوي بين المستثمرين مع الحفاظ على ملكية الذهب الفعلية للمصرف
4. استخدام المتحصل من البيع لتسديد التزامات مصرف لبنان تجاه المصارف والمودعين، بما يعزز استقرار القطاع المصرفي، ويرفد الثقة الائتمانية بعوامل إيجابية تعزز إعادة هيكلة القطاع المالي وقدرته على استقطاب الرساميل والدعم الدولي
5- إيجابيات النظام المقترح:
– تعزيز السيولة المالية، لناحية دخول أموال جديدة دون بيع الذهب.
– دعم الثقة بالقطاع المصرفي، لا سيّما الرموز توفر أداة استثمارية مستقرة.
– تنشيط النشاط الاقتصادي، بسبب إمكانية استخدام الرموز كأداة تمويل وتبادل.
– حماية الأصول الاستراتيجية، اي ان الذهب يبقى محفوظًا، ما يضمن أداة تحوط مستمرة.
– تأمين حقوق المودعين، اذا يمكن استخدام المتحصل من الرموز لتسديد الالتزامات المصرفية، ما يعزز الاستقرار المالي.
-فرص أرباح إضافية، وفقا لاسعار الذهب العالمية وذلك لحين اعداد هذه الدراسة، أن قيمة المتحصل المحتمل من اتباع هذا النظام قد تصل إلى حوالي 33.1 مليار دولار (بتقدير 9.2 مليون أونصة × 3,600$ للأونصة)، بالإضافة إلى عمولة إصدار دُنيا بنسبة 1%، (بهدف تشجيع التعاملات) أي حوالي 331 مليون دولار.
– إدارة المخاطر الاقتصادية، من خلال حماية الأصول من التضخم وتقلبات الليرة، واستقرار القيمة بفضل دعم الذهب.
تمثل رموز الذهب الرقمية أصولًا رقمية مدعومة بالذهب (Gold-backed Digital Assets)، وتوفر للبنان ومصرف لبنان فرصة استراتيجية لإستثمار الأصول دون المخاطرة بالتخلي عن المخزون الفعلي أو الدخول في عقود مباشرة على الذهب.
الفوائد تشمل:
– تعزيز السيولة المالية، والثقة الائتمانية بالنظام اللبناني.
– دعم النشاط الاقتصادي واستقطاب المستثمرين.
– الحفاظ على ملكية الذهب بالكامل.
– تسديد الالتزامات تجاه المودعين والمصارف.
– تطوير أدوات مالية مبتكرة ومستدامة تعزز الاستقرار الاقتصادي ووضع لبنان بمصاف الدول المبتكرة لادوات مالية هامة.
باختصار، هذا النظام يتيح للبنان استخدام الذهب كأداة مالية واستثمارية استراتيجية مع الحفاظ الكامل على المخزون الفعلي، بما يخدم الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد.