الشركات الناشئة في العالم العربي: محركات التحوّل الاقتصادي
(النهار)-09/01/2025
شهدت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة طفرة نوعية في قطاع الشركات الناشئة، حيث نجحت العديد من هذه الشركات في تحقيق قيمة سوقية تجاوزت حاجز المليار دولار، مما جعلها محركات رئيسية للنمو الاقتصادي والتحول الرقمي. هذه الشركات، التي نشأت في مجالات متنوعة مثل التقنية المالية، الذكاء الاصطناعي، والنقل التشاركي، تمثل نماذج نجاح ملهمة تُظهر إمكانات الابتكار في العالم العربي.
في ما يلي الشركات الناشئة الأبرز في المنطقة العربية بحسب مركز الإبتكار Innovation Hub:
AIQ
منذ تأسيسها في الإمارات عام 2020، أثبتت AIQ جدارتها في مجال الذكاء الاصطناعي، وحققت قيمة سوقية بلغت 1.4 مليار دولار بحلول عام 2024. تركز الشركة على تطوير حلول مبتكرة تدعم الكفاءة التشغيلية في قطاعات حيوية، مثل الطاقة والرعاية الصحية، مما يعزز مكانة الإمارات كمركز تقني عالمي.
MNT Halan
تأسست الشركة في مصر عام 2018 وحققت قيمة سوقية بلغت مليار دولار في 2023. تعمل MNT Halan على توفير حلول مالية مبتكرة مثل الدفع الإلكتروني والتمويل متناهي الصغر، ما ساعدها في تعزيز الشمول المالي ودعم المشروعات الصغيرة، وهو أمر أساسي لتحفيز الاقتصاد المصري.
Kitopi
بدأت Kitopi رحلتها في الإمارات عام 2018 وحققت قيمة سوقية بلغت 1.5 مليار دولار بحلول 2021. تعمل الشركة في مجال المطابخ السحابية، حيث تدير عملياتها عبر نموذج أعمال يتيح للمطاعم التركيز على الجودة وخدمة العملاء، ما جعلها لاعباً رئيسياً في قطاع الأغذية والمشروبات.
Tabby
من خلال نموذج “اشتر الآن وادفع لاحقاً”، أصبحت Tabby، التي تأسست في السعودية عام 2019، واحدة من أبرز الشركات في التقنية المالية. حققت قيمة سوقية بلغت 1.5 مليار دولار في 2023، وأسهمت في تعزيز حركة التجارة الإلكترونية عبر تقديم حلول دفع مرنة.
Careem
تعتبر Careem إحدى قصص النجاح الرائدة في المنطقة. تأسست في الإمارات عام 2012 وحققت قيمة سوقية بلغت 3.1 مليار دولار بحلول 2016. أسهمت الشركة في تغيير مشهد النقل التشاركي في الشرق الأوسط، وأدى استحواذ Uber عليها إلى تعزيز حضورها في الأسواق العالمية.
Swvl
أسست Swvl عملياتها في مصر عام 2017 وحققت قيمة سوقية بلغت 1.5 مليار دولار في 2021. تعمل الشركة على تقديم حلول مبتكرة للنقل الجماعي بأسعار معقولة، ما يساعد في تحسين البنية التحتية للنقل في الأسواق الناشئة.
الأثر الاقتصادي
تُظهر هذه الشركات قدرة كبيرة على الابتكار وحل مشكلات حقيقية تواجه المجتمعات. من تقديم حلول النقل الجماعي بأسعار معقولة إلى تعزيز الشمول المالي، ساهمت هذه الشركات في تقديم خدمات تلبي احتياجات الأسواق المحلية. كما وفرت هذه الشركات آلاف الوظائف في مختلف القطاعات، بدءاً من التكنولوجيا ووصولاً إلى الخدمات اللوجستية. على سبيل المثال، Careem وKitopi ساهمتا في خلق بيئة عمل مستدامة تدعم العديد من القطاعات المرتبطة بها. وإلى ذلك، نجاح هذه الشركات في تحقيق قيم سوقية عالية أسهم في جذب استثمارات ضخمة من مؤسسات عالمية مثل SoftBank وUber، مما يعزز مكانة المنطقة كمركز جاذب لرأس المال الاستثماري.
من خلال اعتماد نماذج أعمال تعتمد على التكنولوجيا، ساهمت هذه الشركات في تسريع وتيرة التحول الرقمي في العالم العربي، وهو عامل أساسي في تحقيق رؤية اقتصادية مستدامة في المستقبل، بفضل تأثيرها الإيجابي على التجارة، النقل، والخدمات المالية، تُساهم هذه الشركات في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدول التي تعمل فيها. على سبيل المثال، ساعدت Tabby في تعزيز التجارة الإلكترونية بالسعودية، مما يدعم رؤية المملكة 2030.
التحديات التي تواجه الشركات الناشئة
على الرغم من النجاحات التي حققتها، تواجه الشركات الناشئة منافسة شديدة من الشركات العالمية. كما غالبا ما تقع هذه الشركات في مأزق التشريعات والقوانين، حيث تتطلب البيئة القانونية في العديد من الدول تحديثات لتتماشى مع احتياجات هذه الشركات. وأخيرا، ورغم التحسن، لا تزال بعض الدول تعاني من نقص في البنية التحتية الرقمية، مما يحد من توسع هذه الشركات”.
في المحصّلة، الشركات الناشئة في العالم العربي ليست فقط رموز نجاح فردية، بل هي محفزات رئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. قدرتها على الابتكار وتقديم حلول تلبي احتياجات الأسواق يجعلها عنصراً حيوياً في صياغة مستقبل المنطقة. ومع تعزيز الدعم الحكومي وتحديث التشريعات، يمكن لهذه الشركات أن تواصل تحقيق المزيد من الإنجازات، مما يضع العالم العربي في طليعة الابتكار وريادة الأعمال على مستوى العالم.
من جهته اعتبر رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة “Cedra Markets”، في حديثه لـ”النهار” أنّ “نمو الشركات الناشئة في الدول العربية لم يأت بالصدفة، بل هو نتاج دعم حكومي قوي، وعمل الهيئات التنظيمية، والسياسات الضريبية المشجعة، إلى جانب خلق مناطق حرة، وقدرة الوصول إلى التمويل إما عبر المصارف أو الصناديق الاستثمارية والصناديق السيادية. إلخ.”، مضيفا “إذا نظرنا إلى الإنترنت في الدول العربية، نجد أنه أصبح وسيلة مهمة للابتكار والتطور. على سبيل المثال، دول مثل الإمارات وبعض الدول الأخرى تبنّت تقنيات حديثة مثل شبكات الجيل الخامس (5G)، مما خلق بيئة حاضنة للإبداع الرقمي”.
وأشار إلى أنّ “الأعمار الصغيرة تُعد المحرك الرئيسي لهذا التطور، حيث نجد الشباب الأكثر اهتمامًا واندماجًا في هذه البيئة. أيضًا، الموقع الجغرافي يلعب دورًا أساسيًا في دعم هذا القطاع. حيث نلاحظ أن العديد من الشركات الكبرى، وحتى الشركات العائلية، تنتقل للعمل أو تأسيس فروع في دول مثل الإمارات والسعودية، مما يجعل هذه المناطق بمثابة مراكز جذب للأعمال، بفضل قربها الجغرافي من أوروبا وآسيا”.
هذا التوسع الكبير في الشركات الناشئة يعكس الإمكانيات الهائلة الموجودة في العالم العربي. بالنظر إلى هذه النقاط الأساسية، يمكننا التوسع أكثر في فهم أسباب نجاح الشركات الناشئة في الدول العربية وتأثيرها على الاقتصاد الإقليمي.