العراق يرفع سقف الطموحات: استثمارات بقيمة 250 مليار دولار بين الفرص والتحديات
(النهار)-26/08/2025
في ظل سعيه الطموح لتنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو الاقتصادي، يخطو العراق خطوات متسارعة لجذب استثمارات ضخمة في مختلف القطاعات، في إطار خطة حكومية شاملة تستهدف استقطاب استثمارات تصل إلى 250 مليار دولار خلال العامين المقبلين.
وبينما تبرز هذه التوجهات كفرصة تاريخية لإعادة بناء اقتصاد البلاد بعيداً عن الاعتماد المفرط على النفط، تظل التحديات السياسية والاقتصادية قائمة، ما يفتح باب التساؤلات حول مدى قدرته على تحقيق هذا الهدف الطموح وتحويله إلى واقع ملموس.
استثمارات سابقة تمهد الطريق
وتشير الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق إلى أن الإصلاحات التشريعية والتنظيمية، إلى جانب السياسات الحكومية الداعمة، نجحت خلال العامين الماضيين في استقطاب استثمارات عربية وأجنبية تجاوزت 100 مليار دولار، موزعة على قطاعات حيوية أبرزها الصناعة، البنية التحتية، الإسكان، الطاقة، التعليم بالإضافة إلى قطاع الصحة.
ووفقاً لتصريحات المتحدثة باسم الهيئة، حنان جاسم، فإن هذه الاستثمارات أسهمت في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة الناتج المحلي، ما مثل خطوة ملموسة نحو تقليل الاعتماد على العائدات النفطية كمصدر رئيسي للدخل.
إجراءات داعمة
في السياق ذاته أفادت الهيئة، بأن العراق يعتزم رفع حجم الاستثمارات المستقطبة خلال العامين المقبلين، مستنداً إلى حزمة من الإجراءات التحفيزية التي نُفذت خلال الفترة الأخيرة، والتي أسهمت في إحداث نقلة نوعية في بيئة الاستثمار.
ومن أبرز هذه الإجراءات: تفعيل نظام النافذة الواحدة لتسهيل المعاملات، والانضمام إلى عدد من الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية الاستثمار وتشجيعه، إلى جانب إعداد خريطة استثمارية متكاملة تضم أكثر من 100 فرصة استراتيجية في قطاعات متنوعة.
كما تعمل الهيئة على تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليص الروتين، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتوفير حوافز مرنة وضمانات قانونية متقدمة، وذلك بهدف تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، وجعل العراق وجهة جاذبة في المشهد الاستثماري الإقليمي.
مشاريع عملاقة على الأرض
هذه الخطوات أسهمت في تعزيز ثقة المستثمرين، ووضعت العراق ضمن الوجهات الاستثمارية الواعدة في المنطقة، كما أن الواقع العملي يدعم الطموح، إذ يشهد العراق حالياً تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية، من أبرزها ميناء الفاو الكبير في أقصى جنوب البلاد، مسار تجاري استراتيجي يربط البصرة بتركيا، عبر شبكة من الطرق والسكك الحديد وصولاً إلى أوروبا، مشاريع في قطاعات الطرق والجسور بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية العامة.
وتُعد هذه المشاريع محفزاً قوياً للنمو وتوفير الوظائف، كما أنها تُسهم في دعم التجارة الإقليمية وتعزيز موقع العراق الجغرافي كبوابة اقتصادية بين الخليج وأوروبا.
التحديات لا تزال قائمة
وعلى رغم هذه الطموحات والجهود الجادة، يواجه العراق تحديات عدة، من أبرزها التحديات السياسية، ضعف البنية التحتية في بعض المحافظات، ومع ذلك، يرى خبراء اقتصاديون في تصريحات إلى “النهار” أن توافر الإرادة السياسية والإصلاحات المستمرة الجارية يمكن أن يُحول هذه التحديات إلى فرص، بخاصة إذا رافقها استقرار نسبي وتشريعات تنفيذية واضحة وفعالة.
مردودات اقتصادية كبيرة
وتعقيباً على ذلك، يقول الخبير الاقتصادي العراقي الدكتور جعفر الحسيناوي لـ”النهار”: “لا شك في أن جذب الاستثمارات الأجنبية إلى العراق يُشكل خطوة ذات مردودات اقتصادية كبيرة على البلاد، لا سيما أن العراق يمتلك ثروات طبيعية هائلة، ولو تم استغلالها على النحو الأمثل، لتبدلت حالته الاقتصادية بشكل جذري”.
ويضيف أن جذب مثل هذه الاستثمارات يعزز المؤشرات الاقتصادية للدولة خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء ما شهدته الآونة الأخيرة من توقيع الحكومة العراقية اتفاقاً مع شركة “شيفرون” الأميركية العملاقة، لتنفيذ أعمال استكشافات نفطية في جنوب البلاد، إلى جانب الاستثمار في مشروع طريق التنمية العراقي، الذي يربط شمال الخليج العربي بتركيا وصولاً إلى أوروبا، بالإضافة إلى العمل على تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية من مشروع ميناء الفاو الكبير.
ويشير إلى إن هذه المشاريع الاستراتيجية، إلى جانب غيرها من المشاريع التنموية الكبرى، لا بد من أن تنعكس إيجاباً على واقع الاقتصاد العراقي، الذي لا يزال يعاني من آثار الحروب المتعاقبة.