العلاقات البحرينية – الأمريكية: فصلٌ جديد نحو تكامل اقتصادي
(اخبار الخليج)-17/07/2025
تشهد العلاقات الاقتصادية بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية نموًا متسارعًا ومستقرًا، مدعومًا بإرث طويل من التعاون التجاري والاقتصادي. وقد مثّلت اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين البلدين في عام 2004 والمُفعّلة في 2006، نقطة تحول رئيسية، وضعت البحرين في موقع ريادي كأول دولة خليجية توقع اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وأحدثت نقلة نوعية في مستوى التبادل التجاري والاستثمار المتبادل.
اتفاقية التجارة الحرة: نمو مضاعف ثلاث مرات
قبل دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ، بلغ حجم التبادل التجاري بين البحرين والولايات المتحدة نحو 780 مليون دولار في عام 2005. ومع إزالة الرسوم الجمركية عن أكثر من 98% من السلع، وتوفير بيئة قانونية وتشريعية مشجعة للاستثمار، تجاوز حجم التبادل التجاري 3 مليارات دولار في عام 2024، مسجلًا زيادة تفوق ثلاثة أضعاف خلال أقل من عقدين.
وقد أسهمت الاتفاقية في دعم قطاعات حيوية شملت التصنيع، والخدمات اللوجستية، والطيران، والطاقة، فضلًا عن تعزيز فرص التصدير والاستيراد بين البلدين، مع ميل الميزان التجاري بشكل طفيف لصالح الولايات المتحدة.
منطقة التجارة الأمريكية: منصة عبور إقليمية
في إطار تنفيذ عملي لأهداف اتفاقية التجارة الحرة، دشّنت البحرين في عام 2022 منطقة التجارة الأمريكية (U.S. Trade Zone) ضمن مدينة سلمان الصناعية، بمساحة تقارب 110 آلاف متر مربع، قابلة للتوسع مستقبلاً لتصل الى أكثر من مليون متر مربع، وتُعد المنطقة عامل جذب للشركات الأمريكية التي تسعى إلى الاستفادة من بنية البحرين التحتية المتقدمة، وموقعها الجغرافي المحوري، والتشريعات المتقدمة.
زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء: فصل جديد في العلاقات الاقتصادية
جاءت الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للولايات المتحدة هذا الشهر، لتفتح فصلًا جديدًا في مسار العلاقات الاقتصادية، حيث تم توقيع اتفاقيات وشراكات تجارية واستثمارية بقيمة تجاوزت 17 مليار دولار تشمل اتفاقيات في مجالات الطيران والتكنولوجيا والصناعة والاستثمار، ليعكس هذا التعاون الثقة المتبادلة والشراكة المتينة بين البلدين.
وتضمنت الاتفاقيات:
– استثمارات بحرينية مباشرة في السوق الأمريكية تجاوزت 10.7 مليارات دولار من عدد من المؤسسات المالية ومؤسسات القطاع الخاص بمملكة البحرين في الولايات المتحدة الأمريكية.
– تعاونا استراتيجيا بين شركة ممتلكات البحرين القابضة وعدد من الشركات الأمريكية، بقيمة إجمالية تصل إلى 2 مليار دولار أمريكي، بهدف خلق فرص عمل في الصناعات التحويلية المرتبطة بالألمنيوم.
– والأبرز، إطلاق خط طيران مباشر بين البحرين ونيويورك، ما يعزز الربط اللوجستي والسياحي ويخدم مجتمع الأعمال في كلا البلدين.
وقد شهد صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء مجموعة من الإعلانات ومراسم التوقيع على اتفاقيات بين القطاع الخاص في مملكة البحرين والقطاع الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية الصديقة تصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 17 مليار دولار أمريكي، على النحو التالي:
1- حلول تقنية لشبكة المعلومات والاتصالات الحكومية من شركة «سيسكو» الأمريكية.
2- إنشاء كابل ألياف ضوئية بحري بطول 800 كلم، في شمال الخليج العربي يربط بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الكويت والعراق، مع الشبكات العالمية.
مركز لوجستي متقدم
بين جاسم محمد الموسوي الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح المتخصصة في الخدمات اللوجستية بين مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية وشدد بأن الشراكة المتميزة تُجسّد علاقة ذات عمق استراتيجي وشراكة متينة أثبتت نجاحها في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية والتنموية، حيث كانت مملكة البحرين أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تُوقّع اتفاقية التجارة الحرة (FTA) مع الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2004، وهو ما فتح آفاقًا واسعة أمام تنمية الاستثمارات وتعزيز التبادل التجاري.
وبيّن الموسوي أن هذه الاتفاقية أسهمت بشكل مباشر في ترسيخ مكانة البحرين كمركز صناعي ولوجستي إقليمي متقدم، لا سيما في قطاع الألمنيوم مما عزز قطاع النقليات واللوجستيك.
وأضاف جاسم الموسوي أن هذه العلاقات أثمرت افتتاح عدد من المصانع الأمريكية والأوروبية المتفرعة في المملكة، إلى جانب جذب استثمارات صناعية عالمية إلى منطقة البحرين اللوجستية ومدينة سلمان الصناعية، بهدف الاستفادة من الاستقرار والعلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة.
كما تحتضن المملكة جامعات ومدارس أمريكية عريقة، مما يعكس عمق الشراكة على الصعيدين التعليمي والثقافي. وأكد أن فتح خطوط طيران مباشرة بين البلدين سيمثّل نقلة نوعية تعزز الموقع اللوجستي للبحرين كمحور إقليمي.
وأشاد الموسوي بالجهود القيادية المتميزة لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، مؤكدًا أن رؤيته الحكيمة والمدروسة وضعت البحرين على مسار التنمية المستدامة والنجاح الاقتصادي الباهر، ورسّخت حضورها اقتصادياً مما لها آثار ايجابية على الاقتصاد البحريني بشكل كبير.
آفاق النمو المستقبلي
تعكس هذه الخطوات الطموحة التزام البحرين والولايات المتحدة بتوسيع الشراكة الاقتصادية نحو مجالات المستقبل، بما يشمل الاقتصاد الرقمي، الطاقة النظيفة، والتقنيات المتقدمة. كما يشير استمرار الزخم في الاستثمارات والتعاون الثنائي إلى أن البلدين ماضيان في ترسيخ نموذج شراكة استراتيجية مستدامة.
حجر زاوية
لقد شكلت اتفاقية التجارة الحرة حجر الزاوية في العلاقات الاقتصادية البحرينية الأمريكية، وأسفرت عن نتائج ملموسة على مدى عقدين، تمثلت في تضاعف التبادل التجاري أكثر من ثلاث مرات، وتدفق الاستثمارات، وتعزيز دور البحرين كبوابة استراتيجية للشركات الأمريكية في المنطقة. وتأتي زيارة سمو ولي العهد الأخيرة لتؤكد قوة هذه الشراكة واستعدادها للانتقال إلى مستويات أعلى من التكامل والابتكار.