القوة الاقتصادية تعزِّز نفوذ دول الخليج
(القبس)-25/02/2025
من خلال الجمع بين التنوع الاقتصادي والاستشراف التكنولوجي، يمكن لدول الخليج أن تلعب دوراً أكبر في صنع القرار العالمي، وموازنة النماذج التقليدية مع وجهات نظر مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تعمل دبلوماسيتها في التحالفات الإستراتيجية الإقليمية على تعزيز نفوذها وسط أسواق الطاقة المتغيرة والمنتديات المتعددة الأطراف.
وقال تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي إن نفوذ دول الخليج المتزايد ينبع من القوة الاقتصادية والإستراتيجيات الحكيمة. ومع ذلك، فإن الاستثمار في القدرة على الإبداع المشترك أمر بالغ الأهمية، حيث إن تطوير أطر لإشراك أصحاب المصلحة والحوار الذي يركِّز على النتائج يمكن أن يعزِّز القيادة ويؤسس نماذج حوكمة عالمية جديدة.
وأشار التقرير الى أن التقاليد الجماعية بدول الخليج تضع أساساً جيداً لدمج أفضل الممارسات الإبداعية المشتركة التي تربط بين المجموعات الدولية المتنوعة لتعظيم الإمكانات. ومن خلال تمكين التصميم التعاوني نحو حلول واقعية، يمكن لدول الخليج إعادة تعريف المناقشات العالمية وبناء القدرة على الصمود في مواجهة التحديات العالمية.
الدبلوماسية التكنولوجية
ولفت التقرير الى أن دول الخليج تستفيد من الدبلوماسية التكنولوجية والتقنيات الناشئة لتعزيز النفوذ العالمي وتشكيل الحوكمة الرقمية، إذ من خلال شراكات الذكاء الاصطناعي واستثمارات الحوسبة السحابية والتناغم التنظيمي – وهو ما يتضح في اتفاقيات الذكاء الاصطناعي في الإمارات ورؤية السعودية 2030 – يتم إعطاء الأولوية للتعاون الرقمي وتصنيع التكنولوجيا.
وفي الوقت نفسه، تعمل صناديق الثروة السيادية على دفع عجلة الابتكار في إدارة حركة المرور الذكية ومرافق الذكاء الاصطناعي والتوائم الرقمية في الوقت الفعلي.
ويعمل مجلس التعاون الخليجي كجسر رقمي، على تطوير النظام البيئي التكنولوجي العالمي والريادة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة. وتسلط المبادرات على التركيز على حوكمة الذكاء الاصطناعي الأخلاقية، في حين تعكس الاستثمارات في الحوسبة الكمومية والتكنولوجيا الحيوية وWeb3 الريادة الرقمية طويلة الأجل. كما تعمل المنطقة على تشكيل السياسات العالمية من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي على الطاقة المتجددة والشبكات الذكية والأمن السيبراني والرعاية الصحية وعلم الجينوم.
من خلال رعاية مواهب الذكاء الاصطناعي من خلال التعليم وحضانة الشركات الناشئة والأطر الأخلاقية، تعمل دول الخليج على بناء اقتصاد رقمي مسؤول ووضع المنطقة كمركز تقني عالمي مرن ولاعب رئيسي في الساحة الرقمية.
التنويع الاقتصادي
وأفاد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بأن دول الخليج تنتقل من النفط إلى الاقتصادات القائمة على التكنولوجيا والثقافة، حيث يعمل التحول الرقمي على تغذية الاستدامة من خلال العديد من المبادرات التي تركز على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا المالية.
وتجذب مراكز التكنولوجيا الشركات الناشئة العالمية ورأس المال الاستثماري، بينما يستثمر صندوق الاستثمارات السعودي ومبادلة بشكل كبير في التقنيات الناشئة. حيث تعمل الإصلاحات التنظيمية ومشاريع المدن الذكية على خلق بيئات صديقة للأعمال، مما يجعل دول الخليج مركزاً عالمياً للابتكار وتنويع مصادر الدخل.
كما وسعت دول الخليج العلاقات الدبلوماسية إلى ما هو أبعد من الشركاء الغربيين لتشمل الصين والهند والجهات الفاعلة الإقليمية، مما يعزِّز دورها في عالم متعدد الأقطاب، إذ تعمل استثمارات القوة الناعمة، مثل الدبلوماسية الثقافية والقمم البارزة والأحداث الدولية، على تعزيز الصورة العالمية للمنطقة كمركز ديناميكي.
صنع القرار
وأوضح التقرير أن مجلس التعاون الخليجي بنى أساساً قوياً للقيادة العالمية من خلال التنوع الاقتصادي والابتكار التكنولوجي والتواصل الثقافي. ولكي يصبح مركزاً لصنع القرار، يجب أن يعزِّز التعاون خارج التكنولوجيا والبنية الأساسية، وخلق أطر لإشراك أصحاب المصلحة المتنوعين.
وبيَّن أن إعطاء الأولوية للحس الجماعي والحوار الذي يركِّز على النتائج يمكن أن يساعد في الانتقال من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد قائم على المعرفة، والاستفادة من موقع دول الخليج الإستراتيجي للتأثير العالمي.
ونوَّه التقرير أن إنشاء هياكل رسمية لإشراك أصحاب المصلحة المتعددين يمكن أن يدمج وجهات نظر متنوعة من الحكومات والصناعة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، مع احترام التقاليد وتحسين عملية صنع القرار من خلال رؤى واسعة.
على مستوى العالم، غالباً ما يكافح القادة مع عملية صنع القرار الناشئة والشاملة بسبب مخاوف السيطرة. ومع ذلك، يمكن للمحادثات التعاونية المنظمة أن تخلق مساحات آمنة للأفكار غير التقليدية، وتعزيز الإبداع والتوافق من خلال الحس الجماعي من دون الحاجة إلى إجماع كامل.
ويمكن للاستثمار في الأطر التعاونية أن يضع دول الخليج في وضع يسمح لها ببناء حوكمة عالمية شاملة، ووضع معيار للقيادة المستدامة والمتطلعة إلى المستقبل.
الاستثمار في التكنولوجيا الناشئة
أكد تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أن دول الخليج تتحول من مركز للطاقة إلى قائد يركز على المستقبل في مجال التكنولوجيا العالمية، بالاستثمار في التكنولوجيا الناشئة والتنويع الاقتصادي والتواصل الثقافي.
ومن خلال الاستفادة من صناديق الثروة السيادية، وتعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي وإطلاق مشاريع مثل مدينة نيوم في السعودية ومركز مدينة مصدر في أبوظبي، تعمل المنطقة على تشكيل اقتصاد الغد وتعزيز دورها في الثورات التكنولوجية المستقبلية.
معيار جديد للحوكمة المرنة
أشار التقرير الى أنه مع تحول هياكل القوة العالمية، تتمتع دول الخليج أيضاً بفرصة غير مسبوقة لإعادة تعريف دورها في عملية صنع القرار العالمي. ومن خلال الحوارات الشاملة ومشاركة أصحاب المصلحة المتعددين، يمكن لمنطقة الخليج أن تضع معياراً جديداً للحوكمة المرنة في عالم معقد ومتعدد الأقطاب.