المملكة العربية السعودية .. من تأسيس الدولة إلى تأسيس النموذج
(الإقتصادية)-21/02/2024
تستحضر المملكة العربية السعودية في احتفالاتها بيوم التأسيس، مسيرة ثلاثة قرون من الأحداث والمواقف التي نسجت خيوطها حكاية دولة، صنعت التاريخ وسطرت الجغرافيا لتشيد علياء أمة تباهي بإرثها الحضاري الشعوب والأمم. فقوة الأوطان في العالم المعاصر لا تقاس فقط بالاقتصاد والسياسة، بل كذلك بالتراث والحضارة، فالذاكرة والتاريخ كانا دوما وقود عبور الأمم نحو المستقبل.
مطلع عام 1727، قام الأمير محمد بن سعود بتأسيس الدولة السعودية مستثمرا إرث أجداده، الضارب في الأصالة والقدم، فكان الإمام المؤسس بذلك وراء إقامة أول دولة مركزية في المنطقة، استطاع بحنكته ونظره السديد أن يؤسس لتجربة جديدة في الحكم بالمنطقة، يعدها أغلب المؤرخين، أول دولة مركزية في شبه الجزيرة العربية، فرضت نفسها بالفعل والإنجاز والعطاء والأمن والاستقرار… حتى أضحت قصة تروى على لسان كل القبائل، مستثمرا في ذلك موقعها الاستراتيجي على طرق الحج، فكل من مر بها حكى عنها خبرا.
ظلت المملكة صامدة، على مدار قرنين، تنسج بتفاصيلها سيرة دولة لا تعترف بالخضوع أو الاستسلام، فتوالي الإمبراطوريات وتعاقب الغزاة لم ينل شيئا من عزيمتها، حتى جاء الملك الموحد عبدالعزيز، في عز أوج الغزو الاستعماري للعالم، فجدد مقومات الدولة السعودية، في 23 سبتمبر عام 1932، بتغيير الاسم ولم الشمل وبناء الصرح، فكانت اللحظة انطلاقة جديدة للدولة السعودية الحديثة، في مشرق عربي تتكالب عليه القوى الاستعمارية من كل جانب.
وجاء حكم الملك سلمان بن عبدالعزيز ليدشن حقبة تحول المملكة العربية السعودية من مجرد دولة، على غرار بقية دول المنطقة، إلى تأسيس نموذج ريادي في التحول، بفضل رؤية السعودية 2030 التي طورها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وتمثل “ثورة تحديثية ناعمة للدولة والاقتصاد والمجتمع، اتخذت منحى شموليا، بلغة اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية وثقافية، فلم تترك مجالا ولا قطاعا إلا اندرج ضمن المرتكزات الثلاثة المؤطرة لها: مجمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح”.