النظرة المستقبلية لإعادة هيكلة اليوروبوند اللبناني ومعدلات التعافي مرتبطة بعوامل متعدّدة
(النهار)-24/12/2024
اعتبر المصرف الاستثماري العالمي بنك أوف أمريكا (Bank of America)أن الفراغ المؤسساتي المستمر في لبنان والوضع السياسي المحلي الصعب يعقّدان حلّ بند التقادم في عقود اليوروبوند اللبنانية، حيث سيبدأ سريان هذا البند تدريجيًا من آذار 2025. وقال إن حاملي اليوروبوند قد يفقدون تدريجياً حقهم في الفائدة المتأخرة بدءًا من آذار 2025، وهو ما يمثل خمس سنوات بعد أن قررت الحكومة السابقة التخلف عن سداد التزاماتها تجاه حاملين اليوروبوند في آذار 2020. وأشار إلى أن سندات اليوروبوند وقسائمها ستصبح باطلة ما لم يقدّم حاملوها على مطالبتهم للدفع في غضون خمس سنوات للفائدة وعشرة سنوات لرأس المال بعد تاريخ استحقاق الدفعة الأولى. وقد وردت نتائج التقييم في التقرير الاقتصادي الأسبوعي لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء اللبناني قد يوافق على تمديد الإطار الزمني من خلال اتفاق “تأجيل” مع حاملي السندات، والذي سيتطلّب بعد ذلك الحصول على موافقة المحاكم في ولاية نيويورك. لكنه تساءل عن حق الحكومة الدستوري في اتخاذ هكذا القرار، بالنظر إلى أنها تعمل بصفتها حكومة تصريف أعمال منذ أيار 2022، وأضاف أن الحكومة قد تتردّد في المضي قدمًا في مثل هذا الاتفاق نظرًا لكونه قرارًا غير شعبي.
واقترح المصرف أن يحافظ حاملو السندات على حقوقهم التعاقدية من خلال الحصول على حكم لصالحهم في محاكم نيويورك، وأشار إلى أن حصولهم على حكم مؤيّد لن يسمح لهم على الأرجح بتحصيل أصول السيادة اللبنانية الأجنبية لتغطية مطالباتهم. لكنه أضاف أن هذا قد يسمح لحاملي السندات بالسعي للحصول على معاملة أفضل من السيادة في أي إعادة هيكلة محتملة في المستقبل، مقارنة بحاملي السندات الآخرين الذين لن يكونوا ملزمين بشروط العمل الجماعي. وأشار إلى أن التكاليف القانونية على حاملي السندات يمكن تخفيضها في دعوى قضائية جماعية أو إذا لم تسعى الحكومة اللبنانية إلى التمثيل القانوني. بالتوازي مع ذلك، قدر أن مصرف لبنان يمتلك ما مجموعه 5.2 مليار دولار أمريكي من اليوروبوند، بما في ذلك تلك التي يملكها بالكامل أو جزئيًا، وأن هذه اليوروبوند يمكن شطبها في أي إعادة هيكلة محتملة وإدراجها في خطط إعادة رسملة المصرف المركزي.
إضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن عدة عوامل من المحتمل أن تؤثر على معدل تعافي اليوروبوند، والتي تتكون من اجماع داخلي حول توزيع خسائر القطاع المالي، وتوقيت الإصلاحات، ومعالجة الفائدة المتأخرة، وأقدميّة المطالبات الجديدة، وحل مشكلة القروض المكشوفة للحكومة البالغة 16.5 مليار دولار لمصرف لبنان، و تكاليف إعادة رسملة مصرف لبنان، وقدرة لبنان على انتاج إيرادات كافية بالعملة الأجنبية.
وقال إن الطبقة السياسية دفعت باتجاه إطار لتسوية وضع القطاع المصرفي لا يتماشى مع شروط صندوق النقد الدولي، نظرًا لعدم وجود شهية محلية لهذه الإجراءات، مما سيتطلّب التوصل إلى حل وسط بين الجانبين. ثانيًا، أشار إلى أن الطبقة السياسية قد تقرّر تأجيل أي إصلاحات صعبة حتى بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في أيار 2026، مما قد يدفع إلى تأجيل استكمال إعادة هيكلة اليوروبوند حتى أواخر عام 2026 أو أوائل عام 2027، نظرًا للحاجة إلى اتفاق منقح مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإجراءات الأولية ذات الصلة للحصول على موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي. ثالثًا، أشار إلى أن معالجة الفائدة المتأخرة في ضوء بند التقادم قد تؤثّر على معدلات تعافي اليوروبوند. رابعًا، أشار إلى أن التمويل من المقرضين الرسميين الدوليين لإعادة الإعمار ما بعد الحرب والتمويل من صندوق النقد الدولي سيكون على الأرجح على شكل قروض بدلاً من منح، مما سيزيد من الدين العام للبلاد.
خامسًا، ذكر أن ديون القطاع العام البالغ 16.5 مليار دولار المستحقة لصالح مصرف لبنان ستضاف إلى إعادة هيكلة ديون الحكومة المركزية، وإذا تم شطبه، فسيضاف المبلغ نفسه إلى تكاليف إعادة رسملة مصرف لبنان. سادسًا، قال إن تكاليف إعادة رسملة مصرف لبنان قد تؤثر سلبًا على ديناميكيات استدامة الدين العام. سابعًا، أشار إلى أن قدرة لبنان على ايجاد مصادر إيرادات بالعملة الأجنبية من المحتمل أن تؤثر على معدلات تعافي اليوروبوند. واعتبر أن مصادر التمويل الخارجية للبلاد ستعتمد في الغالب على التدفقات الرسمية حتى يتم استعادة الثقة في القطاع المصرفي. وأضاف أن العوائق البنيويّة قد تؤخر ظهور محركات قطاعية أخرى مولدة للعملات الأجنبية، مما يشير إلى أن إعادة هيكلة اليوروبوند قد تتضمن فترة سماح مع قسيمة متدرجة لمنع اتساع العجز في الميزان الخارجي، وسيكون ذلك متسقًا مع توقعات صندوق النقد الدولي لسداد فوائد الديون الخارجية بفائدة متدنية خلال فترة البرنامج المحتملة.
في موازاة ذلك، اعتبر بنك أوف أمريكا أن التسعير السوقي الحالي لليوروبوند يتماشى مع نطاق قيمة التعافي من 10 سنتات إلى 15 سنتًا للدولار الأمريكي عند عائد خروج قدره 14%. وقال إن تحسن الأداء المالي قد يشير إلى تسعير 15 سنتًا للدولار. وأضاف أن اتفاقًا مع حاملي السندات سيعكس تسعير السوق، إذا كانت التوقعات متّسقة مع إطار عمل صندوق النقد الدولي.
وأشار إلى أن مسارًا متفائلاً للنمو الاقتصادي، واعتمادًا سريعًا نسبيًا لبرنامج صندوق النقد الدولي مع صرف الأموال بحلول نهاية العام 2025، ورسملة كاملة للفائدة المتأخرة، واستكمال إعادة هيكلة اليوروبوند بحلول نهاية العام 2025 مع بدء مدفوعات القسيمة بعد ستة أشهر، والافتراضات التقليدية لتسوية القطاع المالي، والإصلاحات المنضبطة، من شأنها أن تؤدي إلى معدلات تعافي تتجاوز 20 سنتًا للدولار.
أخيرًا، لم يتوقع أن تقوم السلطات اللبنانية بإعادة شراء اليوروبوند في المدى القريب. وأشار إلى أن الطبقة السياسية تنظر إلى إعادة الشراء على أنها عملية معزولة وليست جزءًا من خطة إصلاحات اقتصادية شاملة، وأن إعادة شراء السندات من المحتمل أن تولد معارضة شعبية محلية، مما سيقلل من الدعم السياسي لمثل هذه الخطوة.