بعد سقوط الأسد في سوريا يستمر التفاؤل في السندات اللبنانية
(الجمهورية)-13/12/2024
بعد أيام من هروب الرئيس السوري بشار الأسد المفاجئ إلى العاصمة الروسية موسكو، بدأت عملية تحليل ما يعنيه ذلك لمنطقة الشرق الأوسط والعالم.
نّ نهاية الأسد هي استمرار لتقليص التأثير الإيراني، إذ كانت سوريا قناة حاسمة بين إيران و»حزب الله» في لبنان، بحسب إريك روبرتسن، المدير العام ورئيس البحث والاستراتيجيات العالمي في «ستاندرد تشارترد».
وأضاف: «هناك حجج تقول إنّ هذه خطوة أخرى في الاتجاه الصحيح للمنطقة، لكنّها من السيناريوهات الكلاسيكية التي قد تتطلّب كسر بعض البيض لصنع الأومليت».
مع ذلك، فإنّ سيناريو البجعة السوداء مِن سقوط الأسد هو أن تُصبح سوريا مثل ليبيا أو العراق، كما أضاف.
ورأت كارلا سليم، الخبيرة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أنّ المؤشر الوحيد للسوق الذي يعكس التغيّرات في منطقة الشام هو السندات الأوروبية في أسواق الائتمان اللبنانية، التي ارتفعت بنسبة 70-80% منذ أيلول بسبب تصعيد إسرائيل مع إيران وإسرائيل مع لبنان الذي أدّى إلى ضعف «حزب الله».
استمر الارتفاع بعد سقوط الأسد كدلالة على التفاؤل بشأن التغييرات على الأرض، بحسب سليم.
وتشير توقعات البنك للبنان في عام 2025 إلى انكماش بنسبة 0,5% في الناتج المحلي الإجمالي، وهو الانكماش السابع على التوالي، لكنّ الأسواق تتبنّى وجهة نظر معاكسة، إذ يرى البعض أنّ إعادة التوازن في القوى تفتح نافذة فرصة لمزيد من التمويل الخارجي للبناء، وأنّ التغيير قد يكون بمثابة علامة إيجابية، وفقاً لسليم.
وأوضحت سليم، أنّ لبنان يقترب من إجماع بشأن الخروج من الأزمة المالية، لكن لا يزال يتطلّب النصف الثاني من الإصلاحات، بالإضافة إلى برنامج من صندوق النقد الدولي واحتياجات التمويل لإعادة الإعمار لمساعدة البلاد في استعادة ما فقدته، بعد انكماش من اقتصاد بقيمة 55 مليار دولار إلى اقتصاد بقيمة 20 مليار دولار.
في أماكن أخرى، رُقِّيَت التصنيفات الائتمانية للأردن، وتلقّت مصر أخّيراً تصنيفاً ائتمانياً بعد 3 سنوات من عدم التوازن الاقتصادي الكلي، وهو مؤشر إلى أنّ الدول القريبة من الصراع تُظهِر مرونة.
السلام في 2025؟
أوضح روبرتسن أنّه بحلول حزيران 2025، وبمجرّد أن يتولّى الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، من المحتمل جداً أن تُنهى صراعات جيوسياسية عدة، بما في ذلك صراع روسيا-أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو سيناريو يتمّ تقليله حالياً من قبل الأسواق.
هناك أيضاً «تفاوت كبير» بين ما تُسعِّره الأسواق وما تراه البنوك من تبعات اقتصادية لإدارة ترامب، وفقاً لروبرتسن.
ترامب يدعم النمو، ويؤيّد إزالة القيود التنظيمية، ويؤيّد خفض الضرائب، لكنّ هدفه في فرض تعريفة بنسبة 60% على الصين قد يقلّل من صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 65-70%، ممّا سيؤثر على الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 2%، ويتسبّب في «صدمة مطلقة» للاقتصاد العالمي.
يُعدّ المَوقف القائل بتطبيق تعريفة بنسبة 60% بداية للمفاوضات، مع توقع البنك أن يكون هناك تسوية جزئية بين التعريفات الحالية ونسبة 60%.
آفاق دول مجلس التعاون الخليجي في 2025
ويرى روبرتسن أنّ الممرّات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا، وخصوصاً الصين، ستستمر في النمو بشكل كبير في ظل حكم ترامب الثاني.
بينما تنتهي أسعار النفط في عام 2024 عند 70 دولاراً للبرميل، يرى البنك أنّها ستتّجه نحو 80 دولاراً في 2025.
وينبغي أن يدفع الصراع الجيوسياسي بأسعار النفط إلى الارتفاع، لكن هذا لم يكن الحال في عام 2024، ممّا يعني أنّ سوق النفط كان مزوّداً بشكل أكبر ممّا يبدو، أو أنّه أكثر قلقاً بشأن الآفاق الاقتصادية العالمية.
وأضاف روبرتسن: «سيكون من الساخر إذا قلّلنا من المخاطر الجيوسياسية، لكن ارتفع النفط». ويمكن أن يعني «عائد السلام» المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل المنطقة أو نحوها، وفقاً لسليم.
ويتوقع البنك نموّاً متوسطاً في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 4% في عام 2025، وهو أعلى من الاتجاهات السابقة قبل الجائحة، بسبب الإصلاحات والتحوّلات الهيكلية.
بينما كانت ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي تُعتبر في السابق جامدة من قِبل صندوق النقد الدولي، فقد أظهرت مرونة في مواجهة تقلّبات أسعار النفط، إذ ضبطت المملكة العربية السعودية على سبيل خطط الإنفاق، وتمكّنت من الاستمرار في نموّها غير النفطي.
يبقى أنّ أحد عناصر القلق الإقليمي هو مخاطر الصرف الأجنبي في مصر، وفقاً لسليم، إذ تنتظر البلاد التزامات استثمارية من السعودية وقطر، لأنّ عدم وجودها يُعرّض العُملة المصرية إلى الخطر إذا استمرّت أسعار الفائدة المرتفعة. في آذار، هناك أيضاً تركيز عالٍ على استحقاقات ديون عمليات التحكيم.