«بنك الكويت الوطني»: اقتصاد مصر يتجه لمعدلات نمو قوية
(القبس)-25/03/2025
قال تقرير بنك الكويت الوطني: يبدو أن الاقتصاد المصري بدأ ينتقل إلى مرحلة تتسم بقوة معدلات النمو بعد 4 أعوام من التحديات الصعبة، إذ تراجع معدل التضخم بشكل حاد من ذروته البالغة نحو %36 العام الماضي إلى أقل من %13 في فبراير، مما يهيئ الظروف لتيسير البنك المركزي للسياسة النقدية بدءاً من أبريل. وتعد هذه الخطوة من أبرز العوامل الجوهرية اللازمة لخفض تكلفة ممارسة أنشطة الأعمال، ودعم الانضباط المالي، وتعزيز تدفقات رؤوس الأموال والاستثمار الأجنبي المباشر، الأمر الذي يترتب عليه تعزيز الزخم الاقتصادي بدعم من انتعاش الاستهلاك.
واشار التقرير الى ان ديناميكيات القطاع الخارجي تشكل أبرز التحديات أمام الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي في مصر، ولا سيما في ظل غياب التعويم الكامل للجنيه المصري. وكان صندوق النقد الدولي قد نوه إلى أن سعر الصرف لا يزال يتحرك ضمن نطاق محدود، الأمر الذي يتطلب تطبيق المزيد من الإصلاحات لتعزيز مرونته الحقيقية. كما اتسع عجز الحساب الجاري على خلفية زيادة الواردات، وارتفاع تكاليف الطاقة، وتراجع إيرادات قناة السويس. وتعد مرونة سعر الصرف عاملاً جوهرياً للحفاظ على مستويات قوية من الاحتياطيات الأجنبية وصافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية، والتي لا تزال متقلبة وتعتمد بشكل كبير على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر نحو أدوات الدين المحلية.
وتابع: في 11 مارس الجاري، استكمل صندوق النقد الدولي المراجعة الرابعة بموجب الاتفاق مع مصر في ظل تسهيل الصندوق الممدد (EFF)، ما يمكّن السلطات المصرية من سحب 1.2 مليار دولار إضافية، ليصل إجمالي السحوبات ضمن حزمة التمويل الممتدة البالغة 8 مليارات دولار إلى 3.2 مليارات دولار. كما وافق الصندوق أيضاً على منح مصر 1.3 مليار دولار إضافية بموجب تسهيل المرونة والاستدامة، مع التأكيد مجدداً على أهمية تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، خاصة في ما يتعلق بتخارج الدولة من الأصول المملوكة لها، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتحسين الحوكمة والشفافية.
النمو الاقتصادي
وبين أن مؤشرات تحسن النمو تظهر بوضوح في كل من البيانات الفعلية والاستطلاعات المختلفة، إذ ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من السنة المالية 2024–2025 (يوليو – سبتمبر 2024) إلى %3.5 على أساس سنوي، متجاوزاً بشكل ملحوظ معدل النمو المسجل في الربع السابق البالغ %2.4.
واوضح انه من المتوقع أن يستمر اتساع فجوة الحساب الجاري في السنة المالية 2024–2025 نتيجة زيادة الواردات وضعف إيرادات قناة السويس. وكشفت أحدث البيانات عن ارتفاع العجز بشكل ملحوظ إلى 6 مليارات دولار في الربع الأول من السنة المالية 2024–2025، مقابل 2.8 مليار دولار في الربع نفسه من السنة المالية 2023–2024. ويعزى هذا الاتساع بالدرجة الأولى إلى الزيادة الحادة التي شهدتها الواردات (إلى 23 مليار دولار من 16 مليار دولار قبل عام) على خلفية ارتفاع واردات النفط والغاز (إلى 5.4 مليارات دولار من 2.9 مليار دولار)، إلى جانب نمو الواردات غير المتعلقة بالطاقة (بنسبة %30 على أساس سنوي لتصل إلى 17.7 مليار دولار).
وزاد: على الجانب الإيجابي، نمت الصادرات غير النفطية بنسبة %18، في حين تضاعفت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالخارج تقريباً لتصل إلى 8.3 مليارات دولار خلال الربع نفسه. أما على صعيد إيرادات قطاع الخدمات، فقد تراجعت إيرادات قناة السويس إلى 0.9 مليار دولار مقابل 2.4 مليار دولار في العام السابق، متأثرة باستمرار التوترات الجيوسياسية التي تعيق التدفقات التجارية عبر البحر الأحمر.
الاحتياطيات الأجنبية
واصلت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي ارتفاعها بوتيرة تدريجية، مسجلة زيادة قدرها 129 مليون دولار في فبراير، لتصل إلى 47.4 مليار دولار، بنمو بلغت نسبته %34 على أساس سنوي. في المقابل، استمر تذبذب صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية على خلفية تأثره بالتدفقات الأجنبية الخارجة والواردة لاستثمارات المحافظ في سوق أدوات الدين بالعملة المحلية. وتقلص الميزان السلبي (العجز) لسندات البنوك التجارية إلى 3.3 مليارات دولار مقابل 6.4 مليارات دولار على خلفية ارتفاع الأصول الأجنبية (25.2 مليار دولار)، وانخفاض المطلوبات الأجنبية (28.5 مليار دولار)، إلى جانب إصدار مصر لسندات يورو بوند بقيمة مليارَي دولار، وتسلمها مليار يورو من الاتحاد الأوروبي ضمن حزمة التمويل البالغة 7.4 مليارات يورو، الأمر الذي أسهم في تعزيز هذا التحسن.
انخفاض التضخم
أضاف التقرير: كما كان متوقعاً إلى حد كبير، انخفض معدل التضخم بشكل حاد في فبراير إلى %12.8 على أساس سنوي، مقابل %24 في يناير، مدفوعاً بالتأثير الإيجابي الناتج عن قاعدة الأساس. وعلى أساس شهري، تباطأ التضخم إلى %1.4 في فبراير، بعد أن سجل %1.5 في يناير. وبالنظر إلى الفترة المتبقية من العام وما بعدها، تأخذ توقعاتنا بعين الاعتبار استئناف خفض دعم الوقود (ربما يشمل الغاز الطبيعي) والكهرباء. وبالنسبة لعامي 2025 و2026، نتوقع أن يبلغ متوسط التضخم %15 و%12، على التوالي. ويستهدف البنك المركزي المصري حالياً أن يصل معدل التضخم إلى %7 (+/– %2) بحلول الربع الرابع من عام 2026، وهو الهدف الذي نرى إمكانية تحقيقه استناداً إلى الاتجاهات الحالية.
انضباط مالي
أشار التقرير إلى أن الحسابات المالية التي صدرت للفترة الممتدة من يوليو إلى نوفمبر من السنة المالية 2024–2025، تعكس ارتفاع مستوى الالتزام بالانضباط المالي، إذ تقلص عجز المالية العامة إلى %3.3 من الناتج المحلي الإجمالي مقابل %4.7 في الفترة المماثلة من العام السابق. كما سجل الرصيد المالي الأولي (باستثناء مدفوعات الفوائد) فائضاً بنسبة %1.0 من الناتج المحلي الإجمالي، أي بمعدل أفضل مقارنة بالفائض البالغ %0.4 من الناتج المحلي الإجمالي المسجل في العام السابق.