«بنك الكويت الوطني»: تحسُّن مؤشرات الاقتصاد المصري
(القبس)-16/05/2024
قال تقرير بنك الكويت الوطني إن الاقتصاد المصري يبدو أنه قد اتخذ منعطفاً مهماً خلال الأشهر الأخيرة بعد استئناف تدفق رؤوس الأموال وانخفاض قيمة الجنيه المصري واستحداث تدابير عدة مرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، كما يبدو أيضاً أن التضخم بدأ يتجه نحو الانخفاض. ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى %3.5 في السنة المالية 2024–2025 مقابل %2.5 المتوقعة في العام الحالي.
وتابع: أما على صعيد القطاع الخارجي، فنرى صافي فجوة تمويلية يمكن التحكم فيها تقارب نحو 10 مليارات دولار على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة، وذلك بالاستفادة من صفقة رأس الحكمة وصفقات التمويل الأخرى. وتشمل المخاطر التي تهدد التوقعات الصراع الجيوسياسي الإقليمي وأسعار الفائدة التي قد تبقى «أعلى لفترة أطول» مما كان متوقعاً في السابق، في حين أن تحسن نتائج الإصلاح الاقتصادي بوتيرة أفضل من المتوقع وانخفاض معدلات التضخم وخفض أسعار الفائدة تعتبر من العوامل التي من شأنها تعزيز التوقعات.
بوادر إيجابية
وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية شرعت في عملية الإصلاح الاقتصادي التي طال انتظارها، بعد أن حصلت على موجة جديدة من الاستثمارات والقروض من الإمارات وصندوق النقد الدولي وهيئات دولية أخرى، ما يوفر وضعاً مالياً أقوى بكثير، موضحاً أنه في إطار الصفقة المعدّلة مع صندوق النقد الدولي، تحولت السلطات المصرية في مارس الماضي إلى إطلاق نظام أكثر حرية لتحريك سعر صرف الجنيه المصري، والذي انخفض إثر ذلك بنسبة %34. ويتضمن جدول الأعمال ضبط أوضاع المالية العامة بشكل أكثر صرامة، وخفض دعم الطاقة وزيادة الإيرادات غير الضريبية على خلفية برنامج الخصخصة الذي يبدو أن وتيرته بدأت تتسارع.
وزاد: كما تحسنت الشفافية المالية، مع إصدار أول موازنة عامة للحكومة على الإطلاق وإصدار تقارير مالية بوتيرة منتظمة عن أداء الشركات المملوكة للدولة. وعلى الرغم من أنه لا يزال من السابق لأوانه الحكم على نجاح هذه المبادرات، فإن هناك بالفعل بعض المؤشرات الواعدة، كما أن توقعات الاقتصاد المصري تحسنت كثيراً مقارنة بستة أشهر مضت.
وتيرة النمو
وبين التقرير أن وتيرة النمو الاقتصادي تباطأت الى حوالي %2.5 في النصف الأول من السنة المالية 2023–2024 مقابل نمو نسبته %4.2 في النصف الأول من السنة المالية 2022–2023، وهو المعدل الذي نتوقع استمراره خلال العام بأكمله. ويعتبر هذا المعدل أقل بكثير من النمو المسجل في السنة المالية 2022–2023 والبالغ %3.8، كما أنه يأتي وسط تشديد السياسة النقدية (رفع أسعار الفائدة بنسبة %8 في مارس)، وتخفيف القيود المفروضة على الواردات تدريجياً، وارتفاع التضخم) وإن كان بدأ في الاعتدال مع انخفاضه إلى %33 في أبريل) وضعف سعر صرف الجنيه المصري.
وتابع: من المتوقع أن تسهم سياسات الإصلاح التي تم تطبيقها خلال الفترة الأخيرة في تعزيز النمو خلال السنة المالية 2024–2025 ليتراوح في نطاق %3.5–%4 مع استمرار تباطؤ وتيرة تضخم أسعار المستهلكين، وبدء تراجع أسعار الفائدة (يتوقع تخفيض أسعار الفائدة بداية من الربع الثالث من عام 2024) وتوافر السيولة بالعملات الأجنبية بسهولة أكبر، ما يدعم بعافي بعض القطاعات مثل الطاقة والتصنيع وتجارة الجملة والتجزئة والقطاع الاستهلاكي.
الحل بالتعويم
اشار التقرير الى انه إضافة إلى صفقة رأس الحكمة الاستثمارية بقيمة 35 مليار دولار التي وقعتها الحكومة المصرية مع الإمارات في فبراير الماضي، تلقت مصر نحو 18 مليار دولار من الاستثمارات في هيئة أدوات دين بالعملة المحلية وأبرمت اتفاقيات تمويل بقيمة 20 مليار دولار على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة. كما ساهم انتعاش التحويلات المالية والسياحة والصادرات بعد تعويم الجنيه المصري في زيادة حصيلة العملات الأجنبية منذ مارس الماضي.
وذكر التقرير انه بالنظر إلى هذه التطورات، تحسنت مقاييس المخاطر الخارجية لمصر للمرة الأولى منذ فترة من الزمن، إذ تراجعت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان لأجل 5 سنوات (مقياس لمخاطر التخلف عن السداد) إلى نحو 613 نقطة أساس مقابل 1835 نقطة أساس قبل عام تقريباً، وأصبحت عائدات سندات اليورو لأجل 5 سنوات في خانة الآحاد للمرة الأولى منذ أشهر عدة فيما يُرجح أن تتحسن أكثر خلال فترة التوقعات.
واضاف: تشير تقديراتنا إلى أن صافي القيمة التراكمية لفجوة التمويل ستنخفض إلى 10 مليارات دولار بنهاية السنة المالية 2025–2026 (من 40 مليار دولار في العام الماضي)، والتي يمكن تغطيتها بسهولة من خلال إصدار سندات «يوروبوندز» بقيمة تتراوح ما بين 3 و4 مليارات دولار سنوياً. وبطبيعة الحال، سيتوقف تقليص الفجوة التمويلية على الحفاظ على سعر صرف مرن للجنيه المصري يعكس الديناميكيات الخارجية المحركة للاقتصاد.
عوامل جيوسياسية
قال التقرير ان وضع مصر اتسم بالحساسية تجاه التداعيات الناجمة عن مواجهة سلسلة من المخاطر الجيوسياسية على مدار السنوات الأخيرة، بدءاً من الأزمة الروسية الأوكرانية (التي أثّرت في السياحة) إلى الصراع في غزة (اللاجئين) وتعطل سفن الشحن في البحر الأحمر (عائدات قناة السويس). كما أن البيئة النقدية العالمية لأسعار الفائدة والتي بقيت «أعلى لفترة أطول» ستؤثر سلباً في مصر، ما سيرفع تكاليف الاقتراض الخارجي. أما على الصعيد الإيجابي، فيبدو التزام الحكومة أخيراً بالإصلاحات ومبادئ برنامج صندوق النقد الدولي جاداً ومن غير المرجح أن يتزعزع خلال فترة التوقعات.
واضاف يمكن للإصلاحات أن تحقق فوائد اقتصادية بسرعة أو بقوة أكبر مما نتوقع، ما يعزز النمو الاقتصادي، كما يُحتمل أن ينخفض التضخم بوتيرة أسرع من المتوقع، ما يسمح بخفض أسعار الفائدة وتسارع النمو بشكل أكبر.