بنوك حكومية مصرية تواجه استحقاقات تريليونية في يناير المقبل
(العربية)-12/12/2024
يشهد شهر يناير المقبل بدء استحقاقات آجال شهادات الادخار ذات العائد المرتفع البالغ 23.5% و27%، والتي أصدرتها بداية العام الجاري البنوك المصرية الحكومية “الأهلي المصري” و”مصر”، وهو ما يفرض عليها سداد التزامات ضخمة تجاه المودعين في الشهادات.
وقدر أربعة مصرفيين تحدثوا لـ”العربية Business” أن تتراوح حصيلة الاكتتابات في الشهادات مرتفعة العائد بأكبر بنكين حكوميين منذ بداية العام الحالي بين تريليون و1.5 تريليون جنيه، متمثلة في أصل الشهادات والفائدة عليها، مع الأخذ في الاعتبار استمرار إتاحة الوعاء الادخاري للعملاء.
وأكدت مصادر مصرفية أن البنوك أمام خيارين بشأن شهادات الادخار ذات الفائدة المرتفعة، وهي إما الاستمرار في طرحها للعملاء مع التحوط تجاه تكلفتها لتجنب الخسائر حتى يبدأ “المركزي” سياسة التيسير النقدي، أو خفض الفائدة عليها تدريجيا بدءا من يناير المقبل، استباقا لقرارات “المركزي” بشأن إعادة تسعير الفائدة الربع الأول.
استقرار المدخرات في الشهادات
وقال رئيس قسم البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية محمد عبد الحكيم، إن الفترة بين بداية موعد استحقاق شهادات الادخار المرتفعة واجتماع لجنة السياسة النقدية لا تتجاوز شهر تقريبا، وهو ما يعزز احتمالية استمرار طرح الشهادات ترقبا لقرار تسعير “المركزي” للفائدة.
أضاف عبد الحكيم أنه في حالة استباق البنوك العامة لقرار “المركزي” بشأن الفائدة، سيكون خفض فائدة الشهادات محدود، وغير مؤثر على مستويات استقرار أرصدة شهادات الادخار.
“نسبة كبيرة من المدخرات في الشهادات ستستمر في البنوك، حتى مع خفض الفائدة عليها، نظرا لأن الحصة الأكبر من الحصيلة لمستثمري العائد الثابت، ونسبة منخفضة من المستثمرين جذبتهم الفائدة المرتفعة”، وفقا لعبد الحكيم.
وتبلغ إجمالي قيمة شهادات الادخار والودائع لأجل 5.6 تريليون جنيه، والتي تمثل 78.5% من إجمالي المدخرات بالعملات المحلية بالبنوك المصرية حتى سبتمبر الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
ومن جانبه توقع المدير التنفيذي لأسواق الدخل والنقد الثابت في شركة الأهلي لإدارة الاستثمارات المالية محمود نجلة، أن تستمر البنوك العامة في إصدار الشهادات مرتفعة العائد مع اتخاذ خطوة تجاه الخفض بمعدلات محدودة مع بداية العام المقبل.
وذكر نجلة أن السيولة المتوقع خروجها من البنوك حال خفض فائدة الشهادات هامشية، ويمكن للسوق استيعابها، لا سيما مع التراجع التلقائي المرتقب في معدلات التضخم بناءً على تأثيرات سنة الأساس.
“قرار البنوك الحكومية بشأن إعادة تسعير الشهادات مرتفعة العائد، مرتبط بشكل كبير بقراءة التضخم لشهري ديسمبر ويناير المقبلين”، وفقا لنجلة.
وفي يناير الماضي، أعلن بنكا مصر والأهلي عن إصدار شهادات ادخار جديدة بعائد مرتفع يصل إلى 27% سنوياً، وذلك بعد انتهاء فترة شهادات الادخار التي كانت تمنح عائداً بنسبة 25% والتي طُرحت في يناير 2023.
وتزامنا مع قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي طرح البنكان شهادة ادخار جديدة بعائد متناقص على مدار 3 سنوات، إذ يحصل المستثمر في السنة الأولى على عائد قدره 30%، بينما ينخفض العائد إلى 25% في السنة الثانية، ويصل إلى 20% في السنة الثالثة، مع صرف العائد سنوياً.
وجمع البنكان الحكوميان نحو 700 مليار جنيه، عبر شهادات الادخار ذات العائد الكبير البالغ 27% و23.5%، وذلك بعد أول شهرين من طرح الشهادات، وتستحق قيمتها الشهادات في شهري مارس و أبريل المقبلين.
خفض محتمل لفائدة بعض الأوعية الادخارية
واستبعد مسؤول خزانة بأحد البنوك وقف إصدار شهادات الادخار ذات الفائدة المرتفعة مع بداية يناير المقبل، أي مع بداية استحقاقات الإصدارات القديمة، ولكنه توقع خفضا بنحو 2% على الشهادة ذات الفائدة 27 % و23.5% لأجل عام.
وأكد على أن خفض الفائدة لا يؤثر على السيولة في البنوك، خاصة مع تراجع التضخم المحتمل واستمرار جاذبية فائدة الشهادات، مقارنة ببعض قنوات التوظيف الأخرى.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي من إصدار هذه الشهادات كان دعم قيمة الجنيه والتصدي لعمليات “الدولرة”، والتي توقفت بالفعل بعد إجراءات المركزي بتحرير سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية.
في حين أكد مسؤول ائتمان على أهمية تحول جزء من المدخرات البنكية لاستثمارات يعاد تدويرها وينتج عنها عوائد أكبر، بالتزامن مع تراجع معدلات التضخم الفترة المقبلة.
وتُكلف أسعار الفائدة الحالية خزينة الدولة ما يقرب من 1.83 تريليون جنيه، حيث إن كل زيادة 1% تكلف خزانة الدولة ما يقارب 70 مليار جنيه، بحسب تقديرات وزارة المالية.
متى يخفض المركزي فائدة الجنيه؟
وتوقع عبد الحكيم بدء البنك المركزي لسياسة التيسير النقدي مع نهاية الربع الأول من العام المقبل، وذلك بعد التأكد من انحسار معدلات التضخم بشكل كبير، يستوعب أي زيادات محتملة في الأسعار.
وأشار إلى أن الارتفاع في معدلات التضخم الربع الأخير من العام الحالي مؤقت، نتيجة لإجراءات رفع أسعار الطاقة سواء الكهرباء والغاز والمواد البترولية.
كما رجح محمود نجلة بدء المركزي خفض فائدة الجنيه في فبراير المقبل أو نهاية مارس على أقصى تقدير، نظرًا لاستمرار ارتفاع معدلات التضخم في الوقت الحالي.
وأشار بيان لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري الأخير إلى أن قرارات السياسات النقدية قائمة على التوقعات المستقبلية، مع التركيز على التوقعات الحالية.