تراجع قروض القطاع الخاص في مصر لأول مره منذ 5 أعوام
(العربية)-16/07/2024
تراجعت حصة القطاع الخاص من إجمالي قروض القطاع المصرفي المصري في مارس الماضي لتمثل 46.2% مقابل 51.9% بنهاية عام 2023.
وأوضحت بيانات للبنك المركزي المصري اطلعت عليها “العربية Business” أن التراجع هو الأول منذ مارس 2019، والذي سجلت فيه حصة قروض القطاع الخاص 36% فقط من إجمالي الائتمان في مصر.
واستحوذت قروض القطاع الخاص على أعلى حصة لها في عام 2020 بنسبة بلغت 63%، مقابل حصة بلغت 37% للقطاع الحكومي، في حين أخذ الائتمان الخاص في التراجع تدريجيا منذ بداية عام 2021.
وقالت مصادر مصرفية تحدثت معها “العربية Business”، إن هناك تراجعاً، بل إحجاما من جانب بعض الشركات الخاصة على طلبات الائتمان، وذلك منذ مارس الماضي الذي طبق فيه المركزي المصري زيادة في الفائدة بلغت 6%.
وأوضحت المصادر أن الزيادة في سعر الفائدة بمعدلات قياسية من شأنها رفع التكلفة على المشروعات بمعدلات كبيرة، وخاصة المشروعات الخدمية، وهو ما حدث – بالفعل -.
وأشارت المصادر إلى أن بعض الشركات عدلت استراتيجياتها التوسعية بعد ارتفاع أعباء القروض القائمة، في حال تطبيق فائدة متغيرة، وهو ما أضاف أعباء جديدة لم تكن مدرجة ضمن خطط التوسع.
ومن المتوقع استمرار تراجع حصص القطاع الخاص من إجمالي الائتمان حتى يبدأ المركزي في خفض الفائدة تدريجيا، والتي من المتوقع أن تكون خلال الربع الأول من العام المقبل، وفقا للمصادر.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في 6 مارس الماضي، رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، وذلك بالتزامن مع قرار تبنى سياسة سعر صرف مرن خاضعة للعرض والطلب دفعت بسعر الدولار إلى 50 جنيها.
تأجيل التوسعات وتخفيف الأعباء
وعزى رئيس قطاع البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية محمد عبد الحكيم تراجع قروض القطاع الخاص إلى تأجيل بعض الشركات لتوسعاتها الجديدة وتخفيف أعباء الاستدانة بعد ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة كبيرة.
في حين تري رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، آية زهير أن وصول الفائدة لأعلي معدلات لم تصل لها منذ أكثر من ربع قرن تقريباً، دفع الشركات لإعادة ترتيب أولوياتها واستراتيجياتها، بما يتناسب مع التكلفة الجديدة للائتمان.
وأكدت على أن هذه المرحلة تستغرق وقتا، كما أن هناك بعض الشركات التي تؤجل التوسعات لحين تنخفض تكلفة الائتمان ويتراجع التضخم في نفس الوقت.
وأشار مسؤول ائتمان بأحد البنوك أن هناك تراجعا ملحوظا في استخدامات بعض الشركات للتسهيلات المفتوحة، بعد ارتفاع الفائدة، في محاولة لتقليص التكلفة.
وأكد على أن الشركات المتوسطة وفوق المتوسطة الأكثر تأثرا بالتكلفة، نظرا لانخفاض إيراداتهم مقارنة بالشركات الكبري التي يستوعب بعضها الزيادة في الفائدة.
استعادة النمو في الربع الثاني من 2025
وقال عبد الحكيم إن ارتفاع أسعار الفائدة والتكلفة أحد أهم أسباب تراجع نمو الائتمان الخاص، ولكن ليست السبب الوحيد.
وأوضح أن الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي لمصر بشكل عام وراء تقليص الشركات لأنشطتها التوسعية وبالتالي حاجتها للاقتراض البنكي.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد المصري نسبة نمو 4.4% في عام 2025 ارتفاعا من نسبة 3% خلال عام 2024.
وأشار عبد الحكيم إلي أن انتعاش قروض الشركات بشكل عام يتطلب نمو الناتج المحلي الإجمالي وتيسير تكلفة الائتمان، متوقعاً بدء تحقيق ذلك في الربع الأول من العام المقبل على أقل تقدير.
“وتتباين تأثيرات ارتفاع أسعار الفائدة على الشركات الخاصة وفقا لحجم كل شركة ونشاطها، فالشركات الكبرى أقل تأثرا في تحمل التكلفة المرتفعة جراء عمليات الاقتراض”، وفقا لعبد الحكيم.
ومن جانبه قال مسؤول خزانة بأحد البنوك الخاصة إن تراجع الطلب على الائتمان مرتبط بالنمو الاقتصادي لمختلف الأنشطة، مشيرا إلي أن تراجع معدلات الإقراض وخاصة للقطاع الخاص متوقع في ظل تحركات البنك المركزي للسيطرة على معدلات التضخم وتحجيم القوى الشرائية.
“وتعد مرحلة الانكماش التمويلي للشركات مؤقتة، ومن المتوقع أن تعاود النمو مرة أخرى في الربع الثاني من العام المقبل، خاصة في ظل اهتمام الدولة بالشراكة مع القطاع الخاص”، وفقا للمسؤول.
وقال البنك المركزي في بيان سابق له ندرك أن التقييد النقدي يمكن أن يؤدى إلى تراجع الائتمان الحقيقي الممنوح للقطاع الخاص على المدى القصير، إلا أن ارتفاع الضغوط التضخمية يشكل خطراً أكبر على استقرار وتنافسية القطاع الخاص.