تريليون دولار لماسك.. مكافأة تتجاوز حدود الخيال
(البيان)-08/09/2025
يبدو مقترح شركة تسلا منح رئيسها التنفيذي إيلون ماسك أسهماً تصل قيمتها إلى تريليون دولار خطوة مثيرة للكثير من الجدل، حتى بالنسبة لشركة اشتهرت بأفكارها الجامحة. فيما يرى البعض أن التكلفة الباهظة للإبقاء على ماسك ضمن صفوف الشركة تعد، في نظر المساهمين، خياراً لا مفر منه.
وتقوم الخطة على منح ماسك أسهماً جديدة تعادل 12% من الشركة على مدى عشرة أعوام، تصرف على دفعات مشروطة بتحقيق أهداف محددة، في سابقة غير معهودة على الإطلاق. وأكثر ما يلفت الانتباه هنا أن الملياردير نفسه يملك حق التصويت على هذه الحزمة خلال الاجتماع السنوي المقرر في نوفمبر. كما أن وثائق الشركة زخرت بإشادات واسعة بقدرة ماسك على «استقطاب المواهب»، إلى جانب مزايا أخرى مختلفة، لكن يظل الرقم المطروح فلكياً إلى حد يصعب تصوره.
في المقابل، يرى البعض أن الحزمة المطروحة تحمل في طياتها جوانب إيجابية، إذ وضعت الشركة معايير بالغة الصرامة. فلكي يحصل ماسك على المكافأة كاملة، يتعين عليه رفع أرباح «تسلا» وفق مؤشر الأرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك، من نحو 13 مليار دولار هذا العام إلى 400 مليار خلال عقد واحد. كما يجب أن ترتفع القيمة السوقية للشركة إلى ثمانية أضعاف مستواها الحالي، ولن يحصل الرئيس التنفيذي على شيء ما لم تتضاعف هذه القيمة تقريباً. ورغم أن إصدار الأسهم الجديدة سيؤدي إلى تقليص حصص المساهمين الآخرين، فإنهم سيظلون، في حال تحقق الشروط، في وضع أفضل بنحو سبعة أضعاف مقارنة بما هم عليه اليوم، بافتراض ثبات العوامل الأخرى.
ويتوجب على ماسك أيضاً تحقيق ثلاثة أنماط مختلفة من الأهداف: القيمة السوقية، والربحية، والمعايير التشغيلية التي تشمل إنتاج مليون «روبوت» مثل المساعد البشري «أوبتيموس» من تسلا. ويعد هذا النهج الثلاثي أكثر كفاءة من بعض الأهداف الأخرى التي تعتمدها شركات كبرى، والتي غالباً ما تكون معقدة وأقل وضوحاً. فعلى سبيل المثال، تتضمن أهداف الرئيس التنفيذي لبنك أوف أمريكا، براين موينيهان، بنداً مثل «توفير بيئة عمل رائعة».
ومع ذلك، فإن هذه المعايير وحدها لا تبرر دعم السوق لمكافآت بهذه الأرقام الفلكية. فلو افترضنا مثلاً أن الرئيس التنفيذي لبنك «إتش إس بي سي»، جورج الحيدري، طالب بحصة قدرها 12% من الشركة، حتى وإن كانت ستجعل المساهمين يحققون عوائد هائلة، فهل ستوافق الإدارة؟ على الأرجح لا. إذ إن البنك، شأنه شأن معظم الشركات، يمكنه إيجاد شخص آخر ينجز المهمة على نحو جيد مقابل حوافز تقليدية.
الفارق هنا أن «تسلا» لا تملك خيارات أخرى حقيقية، فالجزء الأكبر من قيمتها السوقية البالغة 1.1 تريليون دولار يعتمد على منتجات لا وجود ملموس لها حتى الآن، مثل روبوت «أوبتيموس»، وربما لن ترى النور أبداً إذا رحل قائدها. بمعنى آخر، يمتلك ماسك احتكاراً لكونه «إيلون ماسك» – والاحتكارات، كما هو معروف، تميل إلى توليد أرباح طائلة. وهذه حقيقة اقتصادية لا مفر منها، شئنا أم أبينا.
لذا، من المرجح أن يصوت مستثمرو «تسلا» بالموافقة على الأرجح. لكن يظل هناك تساؤل مقلق: ماذا يعني للعالم أن يتمكن شخص واحد من الحصول على مكافأة تعادل أكثر من ضعفي كمية الذهب المخزنة في «فورت نوكس» والتي تمثل حوالي نصف مخزونات الذهب التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية؟
إن شخصاً يمتلك مثل هذه المكافأة سيكون لديه من الأصول والنفوذ ما يصعب تصوره. فإذا كان المليارديرات يعيدون صياغة موازين القوى العالمية، فإن عصراً لأصحاب التريليونات سيشكل تحولاً غير مسبوق في تاريخ البشرية.