ثورة الذكاء الاصطناعي تحرك 380 مليار دولار.. خريطة الرابحين والخاسرين
(العربية)-03/11/2025
تتسابق كبرى شركات التكنولوجيا العالمية — “غوغل” و”مايكروسوفت” و”ميتا” و”أمازون” — في رفع حجم إنفاقها الرأسمالي إلى مستويات غير مسبوقة، في وقت تتواصل فيه موجة الإنفاق الضخمة على الذكاء الاصطناعي دون أي مؤشرات على التراجع.
ففي تقارير أرباح الربع الثالث من 2025، أعلنت هذه الشركات عن زيادات كبيرة في توقعاتها للإنفاق الرأسمالي، ليتجاوز الإجمالي المشترك أكثر من 380 مليار دولار خلال العام الجاري، وفق بيانات شركات وول ستريت.
وقال براين أولسافسكي، المدير المالي لشركة أمازون، خلال مكالمة الأرباح: “نؤمن بأن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة هائلة مع إمكانات قوية لتحقيق عوائد طويلة الأجل على رأس المال المستثمر، وفقا لتقرير نشرته شبكة “CNBC”، واطلعت عليه “العربية Business”.
“أمازون”.. ارتفاع في الأرباح وزيادة في الإنفاق
سجّلت “أمازون” أداءً قوياً متفوقة على التوقعات من حيث الأرباح والإيرادات، مع إعلانها أن الإنفاق الرأسمالي سيرتفع إلى نحو 125 مليار دولار هذا العام، مقارنةً بتقديرات سابقة بلغت 118 مليار دولار.
وأكد أولسافسكي أن الرقم سيواصل الارتفاع في 2026، مضيفاً: “سنستمر في استثمارات ضخمة، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي.”
“غوغل” تحقق قفزة.. و”ميتا” تتراجع
أما “غوغل” (ألفابت)، فقد رفعت توقعاتها للإنفاق الرأسمالي إلى ما بين 91 و93 مليار دولار هذا العام، مقارنة بنطاق سابق بين 75 و85 مليار دولار، ما دفع سهمها للارتفاع بنسبة 2.5%.
في المقابل، تراجعت أسهم مايكروسوفت بنحو 3% رغم تفوقها في النتائج، بعد أن أعلنت مديرة المالية آمي هود أن نمو الإنفاق الرأسمالي سيتسارع في العام المالي 2026، ليصل إلى ما لا يقل عن 94 مليار دولار، أي بزيادة 45% عن العام السابق.
أما “ميتا”، فكانت الخاسر الأكبر، إذ هبط سهمها بنسبة 11% — في أكبر تراجع له منذ ثلاث سنوات — رغم تجاوز نتائجها التوقعات. وقلّصت الشركة نطاق إنفاقها الرأسمالي إلى 70 – 72 مليار دولار من تقديرات سابقة بين 66 و72 مليار دولار.
مخاوف من فقاعة استثمارية
ورغم الحماس الكبير تجاه الذكاء الاصطناعي، يرى بعض المحللين أن مستويات الإنفاق التاريخية هذه قد تُغذي فقاعة مالية يصعب تبريرها على المدى الطويل، وسط تساؤلات حول مدى توافر الطاقة والموارد اللازمة لتحقيق الوعود الطموحة في هذا المجال.
فعلى سبيل المثال، أعلنت “OpenAI” عن صفقات بنحو تريليون دولار لبناء بنية تحتية ضخمة بالشراكة مع “إنفيديا” و”أوراكل” و”برودكوم” — وهو رقم يفوق بمراحل ما خصصته شركات التكنولوجيا الكبرى.
فرصة عائد مجهولة
على عكس “أمازون” و”مايكروسوفت” و”غوغل”، لا تمتلك ميتا خدمة سحابية تمكّنها من توليد عائدات مباشرة من استثمارات الذكاء الاصطناعي. وتقول الشركة إن الفائدة الأساسية تأتي من تحسين أداء الإعلانات الرقمية عبر خوارزميات أكثر دقة في الاستهداف.
لكن محللين في “أوبنهايمر” خفّضوا تصنيف سهم الشركة من “شراء” إلى “احتفاظ”، مشيرين إلى أن مشروعها المسمى “الذكاء الفائق” (Superintelligence) يمثل “فرصة إيرادات غير معروفة”، وسط إنفاق متسارع.
وكان مارك زوكربيرغ قد أعلن في يونيو عن تأسيس مختبرات الذكاء الفائق في “ميتا”، يقودها عدد من كبار المنضمين حديثاً، بينهم ألكسندر وانغ الرئيس التنفيذي السابق لـ Scale AI ونات فريدمان الرئيس التنفيذي السابق لـ GitHub.
لكن محللي أوبنهايمر شبّهوا هذا التوجه بإنفاق الشركة الضخم على “الميتافيرس” عامي 2021 و2022، الذي لم يحقق عوائد تذكر حتى الآن، إذ خسرت وحدة “رياليتي لابز” التابعة لشركة ميتا نحو 4.4 مليار دولار في الربع الثالث مقابل إيرادات بلغت 470 مليون دولار فقط.
سباق بلا نهاية
يرتبط الجزء الأكبر من الإنفاق في الشركات العملاقة الأخرى بتطوير البنية التحتية السحابية لدعم خدمات الذكاء الاصطناعي.
ولا تزال “أمازون ويب سيرفيسز”(AWS) تتصدر السوق بإيرادات بلغت 33 مليار دولار في الربع الثالث بزيادة 20%، لكن المنافسة تشتد مع مايكروسوفت أزور التي سجلت نمواً قدره 40% وغوغل كلاود التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 34% إلى 15.15 مليار دولار.
ويرى محللو “كانتور” أن شركات مثل مايكروسوفت، بفضل نطاق خدماتها الواسع، في موقع مميز للاستفادة من مرحلة التوسع الكبرى في بنية الذكاء الاصطناعي.
لكنهم حذروا من أن إجمالي الإنفاق الرأسمالي — بما في ذلك عقود الإيجار الرأسمالي — قد يصل إلى 140 مليار دولار هذا العام، بزيادة 58% عن العام الماضي، وهو ما وصفوه بأنه “طلب قوي ولكن بلا نهاية تلوح في الأفق”.
