“خبرات الاغتراب في خدمة الدولة الذكيّة”… مؤتمر يجمع نخبة لبنان لبناء مستقبل رقمي
(النهار)-28/05/2025
في مبادرة وطنية تحمل في طياتها الكثير من الأمل، أعلن مجلس التنفيذيين اللبنانيين عن تنظيم مؤتمر “الحكومة الذكيّة: خبرات الاغتراب في خدمة لبنان”، برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وبمشاركة دولية ومحلية رفيعة، في الثالث من حزيران/يونيو المقبل في فندق فينيسيا – بيروت.
المؤتمر الذي يُنظَّم بالتعاون مع الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU) وغرفة تجارة بيروت، يأتي في توقيت مفصلي، بينما يعاني لبنان من أزمات متشابكة، في مقدمتها تراجع أداء مؤسسات الدولة وانعدام الثقة بين المواطن والحكومة. ويطرح المؤتمر حلاً مختلفاً: التحول الرقمي كأداة لإعادة بناء الدولة، وتقريب المسافة بين اللبنانيين في الوطن والمغتربين.
ربيع الأمين: لم يعد التحوّل الرقمي خياراً… والمغتربون جاهزون للمساهمة
وفي حديث خاص مع “النهار”، قال ربيع الأمين، رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين: “نحن كمجلس اقتصادي اغترابي مؤلف بمعظمنا من رجال وسيدات أعمال في الخليج، نؤمن بأن دور الاغتراب لا ينبغي أن يقتصر على تحويل الأموال إلى لبنان فقط، بل يجب أن نكون شركاء في إعادة بناء مؤسسات الدولة، من خلال ما نحمله من خبرات وكفاءات ومعرفة”.
وأضاف: “بعد خمس سنوات على تأسيس المجلس، نرى أن الوقت قد حان لتفعيل مساهمتنا في بناء حكومة ذكيّة في لبنان، خصوصاً بعدما شهدنا التطور المذهل في الدول العربية في مجالات الحوكمة، ومحاربة الفساد، وتحسين الخدمات من خلال الرقمنة. المغتربون اللبنانيون يمتلكون خبرات واسعة في هذا المجال، فلماذا لا يتم إشراكهم في عملية التحول الرقمي في لبنان؟”.
وأكد الأمين أن المؤتمر ليس مجرد منصّة عرض أفكار، بل يهدف إلى خلق تواصل مباشر بين المغتربين وأعضاء الحكومة والقطاع الخاص، موضحاً أن جميع المشاركين يقدمون خبراتهم تطوّعاً، دون أي مقابل.
منظمة التعاون الرقمي: الثقة تُبنى عبر الرقمنة
تحظى الجلسة الافتتاحية بمشاركة مميزة من المديرة العامة لمنظمة التعاون الرقمي (DCO) الدكتورة هاجر الحداوي، التي أكدت في تصريح خاص أن “التحول الرقمي ليس رفاهية أو ترفاً، بل هو ضرورة لبناء الثقة بين المواطن والدولة، ولتعزيز الشفافية وتحفيز النمو الاقتصادي”.
وأضافت: “منصات كهذا المؤتمر تمثل فرصة استراتيجية لتبادل الخبرات وبناء الشراكات من أجل تمكين الحكومات من تبنّي حلول رقمية مبتكرة، وهذا ما يحتاج إليه لبنان اليوم”.
جدول أعمال المؤتمر: 4 جلسات و30 متحدثاً
يتضمن المؤتمر أربع جلسات حوارية رئيسية تغطي المواضيع التالية:
1. الحكومة الذكيّة والحوكمة الرقمية
2. التعاون مع القطاع الخاص لتحقيق الكفاءة والنموّ
3. إصلاح القطاع العام عبر الرقمنة
4. الأجندة التشريعية الداعمة للتحول الرقمي
وسيشارك في المؤتمر أكثر من 30 متحدثاً بارزاً، بينهم وزراء لبنانيون، خبراء دوليون، ومغتربون متخصصون في مجالات الرقمنة، الحوكمة، والتكنولوجيا، إلى جانب حضور نحو 500 شخصية محلية ودولية.
شراكات استراتيجية… ودعم من مؤسسات الاغتراب
إلى جانب مجلس التنفيذيين اللبنانيين، يشارك في تنظيم المؤتمر مجموعة من مجالس الأعمال الاغترابية، منها مجلس العمل اللبناني في أبو ظبي، مجلس الأعمال اللبناني في الكويت، غرفة التجارة الأسترالية – النيوزيلندية – اللبنانية، وتجمّع رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا. وتؤكد هذه المشاركة الجماعية التزام المغتربين بالعودة إلى لبنان، لا جسدياً فقط، بل بمشاريع إصلاحية ورؤية رقمية جديدة.
نحو لبنان رقمي… لا مكان فيه للفساد
يأمل القائمون على المؤتمر أن يشكل هذا الحدث نقطة انطلاق نحو تحول حقيقي في طريقة إدارة الدولة. فالحكومة الذكية، كما يرى ربيع الأمين، لا تعني فقط وجود تطبيقات رقمية، بل تعني تحسين الأداء الحكومي، تسهيل حياة المواطنين، محاربة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
وختم الأمين حديثه قائلاً: “نحن في عصر رقمي، ومن لا يواكب هذا العصر يخرج من معادلة النموّ. لبنان يستحق أن يكون جزءاً من هذا المسار العالمي، وعلينا جميعاً أن نتحمّل مسؤوليتنا لنحقق ذلك”.
مسار الرقمنة في لبنان متعثر رغم الطفرة التكنولوجية العالمية
على مقلب آخر يرى الخبير في التحوّل الرقمي ريمون خوري أن “مسار الرقمنة في لبنان متعثر رغم الطفرة التكنولوجية العالمية، بسبب غياب الإرادة السياسية، وتشتت الصلاحيات بين الوزارات، وضعف البنية التحتية، وغياب الإصلاحات التشغيلية. ويشير إلى أن الاستراتيجيات الوطنية والمبادرات الرقمية وُضعت ومُوّلت، لكن التنفيذ فشل لغياب التنسيق والقرار الجدي”.
يرى خوري أن “لبنان يمتلك إمكانيات كبيرة للنجاح، بفضل كفاءاته البشرية وشبكة المغتربين ذوي الخبرات، لكنه يحتاج إلى حكومة متجانسة تضع التحول الرقمي في صلب أولوياتها. ويقترح خطوات عملية للانطلاق، أبرزها: تحسين البنية التحتية للاتصالات، إطلاق هوية رقمية موحدة، تطوير بوابات إلكترونية للخدمات، ومنظومة دفع رقمية آمنة، إلى جانب تدريب الموظفين واستثمار قدرات الشباب من خلال الهاكاثونات”.
ويشدد على أن “الفرق بين لبنان ودول الخليج يكمن في الإرادة السياسية والرؤية الواضحة التي تقود مشاريع التحول الرقمي هناك نحو الريادة، بدلاً من الاكتفاء بالتبنّي. ويختم بأن “الوقت لم يفت بعد، وعلى الدولة الانتقال من التردد إلى الفعل الجاد، لتلحق بركب العالم الرقمي وتستعيد ثقة المواطن”.