خريطة استثمارية جديدة لجذب 15 مليار دولار إلى مصر
(الشرق الاوسط)-10/06/2025
تستعد الحكومة لإطلاق خريطة استثمار وطنية تمتد لعشر سنوات خلال ثلاثة أشهر، بهدف جذب استثمارات مباشرة بمليارات الدولارات، ودفع الاقتصاد نحو آفاق أكثر استدامة وفاعلية، ويأتى هذا التوجه فى سياق رؤية شاملة لإعادة بناء مناخ الاستثمار على أسس تنافسية وحوكمة واضحة وانفتاح واسع على الأسواق العالمية، مدعوماً بإرادة سياسية واضحة، وسياسات اقتصادية إصلاحية.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطة إلى بناء بيئة استثمارية قادرة على استيعاب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، من خلال توفير الوضوح التنظيمى، وضمان الحقوق والواجبات، وتعزيز الثقة فى النظام الاقتصادى، وتركز الرؤية الجديدة على خلق حالة من الاستقرار النقدى والمالى، وتقليص تدخل الدولة المباشر، ومنح القطاع الخاص دوراً أكبر فى قيادة النمو.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء، قدّم وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المهندس حسن الخطيب، ملامح الخريطة الاستثمارية المقبلة، مشيراً إلى أنها تقوم على مستهدفات قطاعية دقيقة تمتد لعقد كامل، وتركز على الإصلاحات الجذرية، وتهيئة بيئة منافسة وشفافة، وقادرة على اجتذاب رؤوس الأموال طويلة الأجل.
وأشار الوزير إلى أن الخريطة الجديدة تضع فى مقدمة أولوياتها القطاعات الإنتاجية والخدمية ذات العائد المرتفع والقدرة على خلق فرص عمل مستدامة، لافتا إلى أن الخطة تستند إلى سياسة نقدية مستقرة، وسياسة مالية محفزة، وانفتاح تجارى على الأسواق الإقليمية والدولية، مع السعى إلى خفض عجز الميزان التجارى وتعظيم الصادرات.
وتتضمن الخريطة الاستثمارية عدداً كبيراً من الفرص الجاهزة فى قطاعات الطاقة والصناعة والسياحة والصحة وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والتعليم والموارد المائية.
من جانبه، أوضح الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى، أن خطة وزارة الاستثمار تستهدف جذب استثمارات أجنبية مباشرة تتراوح بين 12 و15 مليار دولار سنوياً على المدى المتوسط، فى إطار سعى الدولة إلى تعظيم موارد النقد الأجنبى وتقوية الاقتصاد الحقيقى.
وقال «الإدريسى» فى تصريحات خاصة لـ«الوفد»: «فى عام 2023/2024، بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر نحو 9.2 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزى، ما يعنى أن الخطة الجديدة تستهدف زيادة لا تقل عن 30% سنوياً، والهدف الاستراتيجى هو الوصول إلى 60-75 مليار دولار تراكمية خلال خمس سنوات، وهو مستوى كفيل بتقليص فجوة التمويل الخارجى وتعزيز ميزان المدفوعات».
وتابع: «كل مليار دولار من الاستثمار المباشر يُقدر أنه يضيف ما بين 0.15 إلى 0.2 نقطة مئوية للناتج المحلى الإجمالى، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولى، وإذاً جذب 15 مليار دولار سنوياً قد يضيف ما بين 2.2 إلى 3 نقاط مئوية سنوياً للنمو، مما يساعد على تحقيق مستهدفات النمو البالغة 5-6% بحلول 2026».
وأضاف: «بحسب تقديرات وزارة التخطيط، كل 1 مليار دولار استثمار أجنبى مباشر يولد ما بين 15 و20 ألف فرصة عمل مباشرة، ومثلها غير مباشرة، وإذا تم جذب 15 مليار دولار، يمكن أن يؤدى ذلك إلى توفير 300-400 ألف فرصة عمل سنوياً، ما يدعم جهود خفض البطالة التى تدور حالياً حول 6.9%».
وشدد «الإدريسى» على أن تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر تُعد من أهم مصادر دعم الاحتياطى الأجنبى، الذى سجل 46.737 مليار دولار فى مايو 2025، لافتا إلى أن استقطاب 15 مليار دولار سنوياً يمكن أن يرفع الاحتياطى بما يتجاوز 15-20% سنوياً، مع تحسين جودة الاحتياطى بعيداً عن الديون قصيرة الأجل.
وأوضح أنه من شأن تدفقات الاستثمار أن تخفف الضغط على سوق الصرف، وتقلل الاعتماد على التمويل بالدين، ما يدعم استقرار الجنيه، خاصة فى ظل تحركات تدريجية نحو مرونة أكبر لسعر الصرف.
واختتم «الإدريسى» تصريحاته مؤكداً أن الخطة الاستثمارية الجديدة تمثل تحولاً استراتيجياً نحو جذب رؤوس أموال طويلة الأجل تدعم النمو المستدام وتقلل الاعتماد على أدوات الدين، مؤكدا أن نجاح الخطة مرهون بالإصلاح المؤسسى، وتهيئة بيئة جاذبة عبر الحوافز والشفافية وسرعة تسوية النزاعات، وإذا تحققت الأرقام المستهدفة، فإن الاقتصاد المصرى قد يشهد تحسناً نوعياً فى مؤشرات النمو، البطالة، والاحتياطى النقدى خلال الثلاث سنوات القادمة.