دول الخليج الأكثر إشراقاً في النظام المصرفي
(القبس)-30/07/2024
رغم أن شبح خفض أسعار الفائدة قد يطارد الاقتصاد العالمي، فإن بنوك دول الخليج لا تزال تتمتع ببعض أفضل الظروف، التي شهدتها منذ سنوات، وفقاً لتقرير نشرته مجلة ميد.
وأشار التقرير إلى أن بنوك المنطقة تستفيد أيضاً من القرارات المتخذة في أماكن أخرى، إذ يؤدي تأخير بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة المتوقعة إلى زيادة ربحيتها هذا العام، حيث تظل هوامش الفائدة الصافية أكبر من المتوقع.
وتابع: «هناك ما هو أكثر من الظروف الخارجية المواتية، فقد برزت دول التعاون كواحدة من أكثر البقع إشراقاً في النظام المصرفي العالمي، لأسباب تتجاوز بيئة أسعار الفائدة المواتية».
ونقل التقرير عن رئيس تصنيفات البنوك في الشرق الأوسط لدى فيتش للتصنيف الائتماني، ريدموند رامسديل، قوله: «هناك إنفاق حكومي قوي في دول الخليج، والاقتصاد غير النفطي قوي أيضاً، وهذا يُترجم إلى ثقة قوية للمستثمرين والمستهلكين وظروف عمل مواتية، خاصة أن نمو الإقراض في معظم دول المنطقة معقول جداً عند حوالي %5 – %6»، وفق ما ذكرت «ميد».
من جانبه، قال كبير المحللين الماليين في موديز للتصنيف الائتماني، باديس شبيلات: «بينما كانت معظم دول العالم تكافح التضخم المرتفع والمخاوف من الركود خلال السنوات الثلاث الماضية، برزت منطقة الخليج، على النقيض من ذلك، كدول شديدة المرونة في ما يتعلق بأسعار الطاقة والتضخم وأسعار الفائدة».
مرونة قوية
وبيَّن التقرير أن البنوك الخليجية تواصل إظهار مرونة قوية بفضل اقتصاداتها الداعمة – وخاصة في السعودية والإمارات – والتضخم المنخفض نسبياً.
ويقول كبير المحللين الماليين في ستاندرد أند بورز غلوبل للتصنيف الائتماني، محمد داماك: «تستفيد معظم البنوك من أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، ونتوقع الآن أن يبدأ بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي في الخفض فقط في ديسمبر 2024، مما يعني أن الربحية ستستمر هذا العام. وسيكون التأثير السلبي لأسعار الفائدة المنخفضة على الربحية قصة عام 2025».
وتابع: «إن إصدار الدولار عند مستوى قياسي في المنطقة، يعكس ظروف التسعير الجيدة ونمو الإقراض واحتياجات إعادة التمويل القوية».
رياح معاكسة
ولفت تقرير «ميد» إلى أن بنوك دول الخليج لا تزال تشعر ببعض الرياح المعاكسة، وخاصة عندما تبدأ تخفيضات أسعار الفائدة أخيراً خلال النصف الثاني من عام 2024.
ويتوقع داماك من ستاندرد أند بورز ثلاث تخفيضات في أسعار الفائدة، بإجمالي 75 نقطة أساس في النصف الثاني من العام، تليها تخفيضات أخرى بمقدار 125 نقطة أساس في عام 2025.
وأوضح التقرير أنه نظراً لأن البنوك المركزية في دول الخليج قد واكبت تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، والذي كان له تأثير تعزيز أرباح البنوك، فإن هذا يعني أن الأرباح سوف يتم تقليصها، إذ تشير وكالة ستاندرد أند بورز العالمية للتصنيف الائتماني، إلى أن كل انخفاض بمقدار 100 نقطة أساس في أسعار الفائدة، يخفض في المتوسط نحو %9 من صافي أرباح البنوك الخليجية.
ومع ذلك، يرى التقرير أن هناك عوامل عدة من شأنها أن تخفف من التأثير الإجمالي، حيث من المرجَّح أيضاً أن تعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تقليص حجم الخسائر غير المحققة، التي تراكمت على البنوك الخليجية على مدى العامين الماضيين.
ارتفاع صافي الدخل في القطاع المصرفي الكويتي
ذكر التقرير أن القطاع المصرفي في الكويت شهد ارتفاع صافي الدخل إلى 1.34 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024، مقارنة بـ1.26 مليار دولار في الربع الأول من عام 2023، بعد أن عززت البنوك جهودها لجمع ودائع القطاع الخاص المحلي، بهدف إنشاء تمويل أقل تكلفة تحسباً لزيادة النشاط الاقتصادي.
ولفت التقرير إلى أنه رغم نمو القروض في السعودية والإمارات يظل قوياً بفضل الإطار الاقتصادي الداعم، فإن هذا ليس هو الحال بالنسبة لجميع دول الخليج. ومع ذلك، يتسارع نمو الائتمان في قطر، حيث تتوقع فيتش سوليوشنز أن يتسارع من أدنى مستوى تاريخي بلغ %2.8 في بداية عام 2023 إلى %4 بحلول نهاية عام 2024، بسبب الطلب الأقوى عبر العديد من القطاعات وتباطؤ وتيرة سداد القروض. ومن المتوقع أن يزيد نمو القروض إلى %5 على أساس سنوي بحلول نهاية عام 2025، بسبب انخفاض تكلفة الاقتراض. ومن شأن النمو الائتماني الأقوى في قطر أن يدفع نمو الأصول إلى الارتفاع في عامي 2024 و2025.
وفي البحرين، تتوقع ستاندرد أند بورز نمو الائتمان في القطاع الخاص بنسبة %4 في الفترة 2024 ــ 2026، مدعوماً في المقام الأول ببرامج الإسكان الحكومية.
وفي عمان، من ناحية أخرى، ستكافح البنوك لمواكبة التحسن الكبير في الأرباح، الذي شهدناه في عام 2023، عندما أعلنت المؤسسات المدرجة عن زيادة إجمالية بنسبة %18.6 على أساس سنوي في صافي الأرباح إلى 1.17 مليار دولار. وتتوقع فيتش تحسن مقاييس جودة الأصول بشكل طفيف هذا العام بسبب الظروف التشغيلية المواتية، في حين ستعمل عمليات الشطب على خفض نسبة القروض المتعثرة في القطاع.
تفاؤل مشروع
كشفت «ميد» أنه وبشكل عام، يمكن للمقرضين في منطقة الخليج أن يكونوا متفائلين بموقفهم الحالي – حتى لو لم تتكرر الظروف الحميدة لعامي 2022 و2023، في عالم يركز فيه بنك الاحتياطي الفدرالي على خفض أسعار الفائدة.
تمويلات مواتية
شدَّد التقرير على أن البنوك الخليجية تتمتع عادة بتمويلات مواتية للغاية ومنخفضة التكلفة، وقد يستمر هذا في الأنظمة المصرفية الكبيرة، مثل تلك الموجودة في السعودية والإمارات، والتي تشكل ثلثي أصول النظام المصرفي في المنطقة. كما تشير الظروف التشغيلية المواتية في الخليج إلى أن تكاليف الائتمان ستظل منخفضة، وهو ما من شأنه أيضاً أن يدعم الربحية القوية، ومع ذلك تظهر نتائج الربع الأول من عام 2024 انخفاضاً في الإيرادات لأول مرة منذ ثلاث سنوات.