“ستاندرد تشارترد”: تجاوز مصر للتحديات مرهون بتحسن مؤشرات اقتصادها المحلي
(العربية)-05/06/2024
قال كبير الاقتصاديين والخبير الجيوسياسي العالمي لبنك “ستاندرد تشارترد AG” في باريس فيليب دوبا بانتاناكس، إنه علي الرغم من مضاعفة التوترات الجيوسياسية الدولية والإقليمية للتحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر محليا، إلا أن هناك العديد من المقومات والفرص المتاحة لاستغلال وتطويع هذه التحديات لمصلحة الاقتصاد.
وقال دوبا، لـ”العربية Business” إن الانقسامات والحروب السياسية والاقتصادية في العالم أعادت تشكيل ورسم خريطة الدول التي تمثل سلاسل الإمداد.
وأوضح أن مصر إحدى أهم الدول التي تلعب دورا كبيرا في التجارة العالمية لما تتمتع به من موقع جغرافي مميز، وتعداد سكاني كبير، بالإضافة إلى ربط قناة السويس للتعاملات التجارية بين الشمال والجنوب.
“وترغب أوروبا في التحول لإحدى أهم سلاسل الإمداد للسوق المصرية، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على عمليات التجارة البينية”، بحسب دوبا.
ويعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لمصر، حيث تجاوز إجمالي حجم التجارة 37 مليار يورو في عام 2022، وبلغت الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبي 16.3 مليار يورو في عام 2022.
كما شهدت الصادرات لأوروبا زيادة بمعدل سنوي هائل قدره 79% موازنة بعام 2021. ومن ناحية أخرى، بلغت الواردات المصرية من الاتحاد الأوروبي في نفس العام 20.8 مليار يورو.
ورهن دوبا بانتاناكس قدرة مصر على استغلال المميزات الجغرافية والأوضاع الجيوسياسية لخلق أسواق اقتصادية بديلة، بقدرتها على تحسين المؤشرات الاقتصادية الداخلية والارتقاء بالتصنيف الائتماني للدولة ومؤسساتها المالية الكبرى.
وأضاف الخبير الجيوسياسي لبنك ستاندرد تشارترد أن كلا من تركيا والمغرب يجدون فرصة أيضا لتوسيع علاقاتهم التجارية مع مصر، وهو ما بدأ بالفعل مؤخرا.
إعادة تشكيل سلاسل الإمداد
قال فيليب دوبا- بانتاناكس إن العالم يشهد تزايدا في الانقسامات والحروب والصراعات تؤثر على مختلف الدول اقتصاديا وسياسيا، وتعيد تشكيل سلاسل الإمداد.
وأكد على أن هناك ارتباطا وثيقا بين الأحداث السياسية والاقتصاد العالمي، موضحا أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا من جانب وغزة وإسرائيل من جانب آخر، أسهم في تغيير بعض الوجهات الاقتصادية داخل المنطقة.
وأشار الخبير الجيوسياسي إلى أنه على مستوى الاقتصاد العالمي يوجد تكتلات اقتصادية كبرى في نزاع مستمر نتيجة للصراع بين أميركا ودول الغرب من جانب والصين وروسيا من جانب آخر، وذلك من أجل السيطرة على دول الجنوب.
وسعت أميركا مؤخرا لحث الدول على إدانة هجوم روسيا على أوكرانيا، بينما قامت روسيا والصين بإدانة أميركا لمساندة إسرائيل في حربها ضد حماس في غزة، واتهمتها بازدواجية المعايير، بحسب دوبا بانتاناكس.
وتابع: “تسببت هذه الصراعات المتفاقمة في تشكيل أكبر كتلتين اقتصاديتين عالميا، تتزعم الولايات المتحدة إحداهما، بينما تعد الصين أبرز أعضاء الثانية”.
التضخم العنيد والأحداث الجيوسياسية
في سياق متصل، أرجع الخبير الجيوسياسي، لبنك ستاندرد تشارترد إيه جي، عدم قدرة البنوك المركزية في التخلي عن سياسة التشديد النقدي وبدء خفض الفائدة إلى استمرار ارتفاع التضخم عند مستويات مرتفعة، على عكس ما كان متوقعا خلال عام 2024.
وقال دوبا، إن الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن في البحر الأحمر عبر استهداف السفن التجارية والعسكرية في المنطقة، ساهمت في التأثير السلبي على عمليات التجارة الدولية من خلال منطقة قناة السويس وباب المندب، وهو ما أثر بشكل مباشر على مستويات التضخم التي وصفها بالعنيدة.
وأشار إلى أن هذه الصراعات أثرت على مستويات التجارة العالمية، ودفعت الدول للحيرة بين البحث عن الكفاءة أم الأمان، مما تسبب في إبطاء وتيرة عمليات التجارة الدولية، بسبب تصاعد المخاوف من التوترات السياسية.