«سيسكو»: الشبكات الذكية تقود التحول الرقمي في السعودية
(الشرق الاوسط)-20/08/2025
في ظل مسيرة السعودية نحو تحقيق أهداف «رؤية 2030» الطموحة، التي تهدف إلى التنوع الاقتصادي والريادة التكنولوجية، تبرز الشبكات المؤسسية عنصراً استراتيجياً وحيوياً. إنها ليست مجرد وسيلة اتصال، بل هي المحرك الأساسي الذي يمكِّن الابتكار، ويعزِّز الكفاءة التشغيلية، ويدعم تبنّي التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي.
البنية التحتية لرؤية طموحة
وفقاً لدراسة عالمية أجرتها شركة «سيسكو»، يكلف انقطاع الشبكات الاقتصاد العالمي 160 مليار دولار سنوياً. وفي السعودية، يقول المهندس طارق التركي، مدير هندسة الحلول في «سيسكو» السعودية في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، إن الصورة أكثر حساسية؛ حيث واجه 73 في المائة من قادة تكنولوجيا المعلومات في المملكة انقطاعات كبيرة خلال العامين الماضيين؛ نتيجة الازدحام والهجمات السيبرانية والأخطاء في التهيئة. هذا الواقع دفع 94 في المائة منهم إلى زيادة ميزانيات الشبكات؛ بهدف الانتقال إلى بنى تحتية ذكية وآمنة. والهدف من ذلك، بحسب التركي، تقليل الخسائر، وتعزيز الثقة، واستمرارية العمليات.
وأوضح التركي أن الشبكات المؤسسية ليست مجرد خدمة، بل هي عنصر استراتيجي لتحقيق الابتكار والرقمنة ضمن «رؤية 2030». ويشدد التركي على أن هذه الشبكات تقدِّم أكثر من مجرد اتصال، «فهي تمكِّن الابتكار، وتحسّن الكفاءة التشغيلية، وتدعم تبنّي تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، من خلال بنية سريعة وآمنة ومنخفضة التأخير».
شبكات مواكِبة
مع صعود الذكاء الاصطناعي القائم على الوكلاء، حيث تعمل برامج ذكية مستقلة على تنفيذ عمليات كاملة، تواجه الشبكات تحديات ضخمة من حيث السرعة والحجم والتأمين. يوضح التركي أن «سيسكو» تطوّر أدوات شبكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تجعل الشبكات أسرع وأكثر كفاءة وأماناً. وبالتعاون مع شركاء مثل «إنفيديا»، تعمل الشركة على بناء شبكات يمكنها دعم مليارات وكلاء الذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي دون التأثير على الأمان.
البنية المحلية مقابل السحابية
تشير أبحاث «سيسكو» إلى أن 67 في المائة من مراكز البيانات في السعودية لا تفي بمتطلبات الذكاء الاصطناعي الحالية، ما يدفع 90 في المائة من القادة إلى التخطيط لزيادة السعة، إما عبر البنى التحتية المحلية أو السحابية.
يوضح التركي أن «شبكات اليوم تحتاج إلى ترقيات كبيرة من حيث المعالجة والنقل والحماية لتتمكَّن من دعم وحدات المعالجة الرسومية (GPU) وتأمين البيانات من البداية إلى النهاية».
ويشير إلى أن 62 في المائة من قادة التقنية في المملكة يرون أن الأنظمة المجزأة تشكِّل عائقاً حقيقياً. والحل، وفقاً للتركي، يكمن في التشغيل الآلي، والذكاء الشبكي، والتحكم المركزي. يقول التركي: «تخيل لوحة تحكم واحدة تُمكّنك من رؤية وإدارة كل شيء»، في إشارة منه إلى مستقبل الشبكات المؤسسية المتكاملة التي تعمل بذكاء ومرونة.
دور الأتمتة في بيئة العمل الحديثة
في عصر العمل الهجين والذكاء الاصطناعي، لا يمكن الاعتماد على التعديلات اليدوية المستمرة. يشير التركي إلى أن 97 في المائة من قادة تكنولوجيا المعلومات يتوقعون أن تؤدي الأتمتة إلى تحسينات كبيرة في الكفاءة وتخفيض الأخطاء. ويلفت إلى أن «الأتمتة تعزز أمان الشبكات من خلال تنفيذ السياسات بسرعة واكتشاف التهديدات مبكراً، كما تُمكِّن الشبكات من التوسع بذكاء ودون انقطاع».
بحسب الدراسات، يعدّ 98 في المائة من قادة الأعمال في المملكة الشبكات الآمنة ضرورية للنمو. ومع تصاعد تهديدات الذكاء الاصطناعي، واجه 91 في المائة من الشركات حوادث سيبرانية في العام الماضي.
ولكن، وفقاً للتركي، هناك خطوات فعّالة قيد التنفيذ، شارحاً أن «93 في المائة من المؤسسات في السعودية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن». وتشمل جهود «سيسكو» تقنيات مثل «إيه آي ديفنس» ومركز بيانات أمنياً في المملكة يقدم خدمات مثل «Secure Access»، و«Umbrella DNS» المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
بين الأداء والاستدامة
تستهلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي طاقة هائلة، ما يجعل من الاستدامة هدفاً أساسياً. تقدم «سيسكو» حلولاً مثل «Cisco Silicon One» التي توفر شرائح شبكية عالية الأداء ومنخفضة استهلاك الطاقة، لتجمع بين الكفاءة البيئية والابتكار التقني.
بحسب التركي: «بما أن 90 في المائة من قادة التقنية في المملكة يخططون لتعزيز البنية التحتية، فإن هذه التوجهات تجمع بين الكفاءة البيئية والابتكار التقني».
ويشدد التركي على أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص هي المفتاح لتحقيق أهداف «رؤية 2030». ومن خلال برنامجها «التسريع الرقمي»، نفَّذت «سيسكو» أكثر من 20 مشروعاً وطنياً منذ عام 2016، مساهِمة في بناء البنية التحتية للنطاق العريض، وتعمل اليوم على ربط وتأمين منظومة الذكاء الاصطناعي في المملكة.
استمرارية الخدمات في الأزمات
مع الاعتماد المتزايد على الشبكات في الصحة والطاقة والخدمات المالية، تصبح الاستمرارية أمراً أساسياً. توضح «سيسكو» أن الحل يكمن في بنية تحتية مدعومة بـ«الأمن الصفري» واكتشاف التهديدات والنسخ الاحتياطي المؤتمت، مع تدريب الموظفين باستمرار لتقليل الأخطاء البشرية.
من تشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى حماية البيانات الحساسة، أصبحت الشبكات الذكية محركاً رئيسياً في التحول الرقمي للسعودية. يختم التركي حديثه قائلاً: «الشبكات اليوم لا تدعم الأعمال فقط، بل تقودها وتعزز نموها ومرونتها».