شح الجنيه وليس الدولار.. أزمة جديدة تظهر في مصر
(العربية)-28/05/2024
تحولت أزمة الدولار في مصر الى أزمة في الجنيه المصري؛ حيث تكشفت أزمة جديدة في توافر العملة المصرية لدى الوزارات والهيئات الحكومية، وجاء ذلك عندما أكدها وزير المالية الدكتور محمد معيط، قائلاً: إن استمرار أزمة انقطاع الكهرباء ترجع إلى نقص الجنيه وليس الدولار.
وذلك لأن وزارة الكهرباء ليس لديها إيرادات كافية بالجنيه لتسددها إلى وزارة البترول لتقوم الأخيرة بدورها بتقديمها للبنوك لتدبير عملة أجنبية لشراء الوقود الكافي لتشغيل محطات الكهرباء.
المشكلة تفاقمت مع ضبط “المالية” للمصروفات العامة، حيث منعها ذلك من دعم الوزارات بالجنيه إلا في إطار أرصدة كل وزارة وجهة حكومية على حدة.
والمفارقة أن وزارة المالية تدعم المواد البترولية والكهرباء وحتى رغيف الخبز والسلع التموينية في الموازنة، وهذا ما تكشفه موازنة 2024/2025 على سبيل المثال بزيادة دعم الموارد البترولية 30% عن السنة السابقة لتصل إلى 154 مليار جنيه، أي يفترض أنها تسدّد الفارق بالجنيه بين تكلفة المنتجات والسلع وسعر البيع المدعم لهذه الوزارات.
فكيف ظهرت مشكلة نقص الجنيه؟
توجد تشابكات بين الوزارات تحاول الحكومة فضها منذ سنوات، فالوزارات مدينة لبعضها بعضا، وهي مديونيات تراكمية، تؤدي لنقص الجنيه.
فمثلا مديونية وزارة الكهرباء المصرية لصالح وزارة البترول بلغت نحو 168 مليار جنيه بنهاية 2023، في حين تعاني وزارة الكهرباء من تراكم مديونيات بعض الوزارات وشركات قطاع الأعمال العام وأيضا متأخرات سداد فواتير كهرباء لدى المواطنين، وهي أرقام بالمليارات أيضا.
ويؤدي ذلك الى عجز لدى الوزارات في توفير الجنيهات اللازمة لتسديد مديونياتها في حلقة تصيب كل الوزارات وتضعف إيراداتها بالعملة المحلية. وما عقّد العملية أن مجلس الوزراء أصدر قرارا يلزم الوزارات والجهات الحكومية الأخرى بالتنازل عن الدولار والحصول على المقابل بالجنيه.
وكان وزير البترول طارق الملا قد أوضح أن فارق التكلفة الذي تتحمله وزارة البترول لإمداد وزارة الكهرباء بالغاز فقط، يقدر بـ 70 مليار جنيه، إضافة إلى 40 مليار جنيه للمازوت، وأن وزارة الكهرباء تُسدد ثلث فاتورتها الشهرية لوزارة البترول المقدرة بـ 15 مليار جنيه بخلاف الـ 120 مليار جنيه فروق التكلفة. أي أن الآن انتهينا من أزمة الدولار لكن ظهرت أزمة الجنيه.
حلت مصر أزمة شح العملة الأجنبية التي كانت تعاني منها منذ فترة طويلة في ضوء صفقة رأس الحكمة التي حصلت مصر بموجبها على 35 مليار دولار من الإمارات وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وأيضا الاتفاق مع مؤسسات دولية أخرى للحصول على تمويلات منها.
وزادت حصيلة الدولار في البنك المركزي والبنوك المصرية بصورة كبيرة بفضل العودة التدريجية لتحويلات المصريين في الخارج وأيضا عودة شركات السياحة لتحويل حصيلتها للبنوك وكذلك شركات التصدير.