صندوق النقد يكشف خطط الحكومة المصرية لإصلاحات الضرائب ودعم الوقود
(العربية)-12/03/2025
وافق صندوق النقد الدولي على صرف 1.2 مليار دولار من برنامج التسهيل الممدد بجانب الموافقة على تمويل بقيمة 1.3 مليار دولار ضمن تمويل الصلابة والمرونة.
ولم يكشف الصندوق عن قيمة ما سيتم صرفه ضمن تمويل الصلابة والمرونة لكن متحدثة الصندوق جولي كوزاك، قالت في مؤتمر صحافي، الخميس الماضي، إنه سيصرف على دفعات.
كيف يرى صندوق النقد الاقتصاد المصري؟
يرى صندوق النقد أن مصر واصلت تنفيذ الإصلاحات الرئيسية للحفاظ على الاستقرار الكلي للاقتصاد، رغم التوترات الإقليمية المستمرة التي أدت إلى انخفاض كبير في إيرادات قناة السويس وصل إلى 6 مليارات دولار خلال 2024.
وذكر الصندوق أنه وافق على طلب مصر لتحسين المؤشرات المالية في ضوء الظروف الخارجية الصعبة، وخفض مستهدف الفائض الأولي، باستبعاد إيرادات الخصخصة، إلى 4% في العام المالي الحالي مقابل 4.5% المستهدفات السابقة.
وقال نايجل كلارك، نائب المدير العام ورئيس المجلس التنفيذي: “منذ مارس 2024، أحرزت السلطات تقدمًا كبيرًا في استقرار الاقتصاد واستعادة ثقة الأسواق رغم البيئة الخارجية الصعبة التي تتسم بالصدمات الخارجية المستمرة والمتتالية، بما في ذلك النزاعات الإقليمية والاضطرابات التجارية في البحر الأحمر.
أضاف: “على وجه الخصوص، أظهرت معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي علامات على التعافي، وتراجع التضخم تدريجيًا، واحتياطيات العملة الأجنبية وصلت إلى مستويات كافية.
وأشار إلى أنه رغم خفض عجز الموازنة وتحقيق فائض أولي باستبعاد إيرادات الخصخصة يصل إلى 2.5% من الناتج المحلي العام المالي الماضي إلى جانب انخفاض في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، لكن لا يزال الدين المرتفع واحتياجات التمويل الإجمالية الكبيرة والمخاطر المحلية المتعلقة بتجديد الديون تشكل تحديات مالية كبيرة على المدى المتوسط، بينما تعرقل التقدم في الإصلاحات الهيكلية آفاق النمو، مما يقيد تطوير القطاع الخاص.
وقال: “على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال المخاطر كبيرة ويميل التوقع الاقتصادي إلى الاتجاه السلبي، و يظل الاقتصاد عرضة للصدمات الخارجية وتحديات السياسات المحلية، بما في ذلك النزاعات الإقليمية والاضطرابات التجارية التي قد تؤدي إلى مزيد من الضغط على الإيرادات المالية، والاستثمار الأجنبي المباشر، والاستقرار الخارجي.
خطوات الحكومة للسيطرة على العجز
وقال الصندوق إن التقدم في خفض عجز الموازنة في النصف الأول من السنة المالية 2024/25 أقل قوة مما كان متوقعًا في البداية، رغم النمو القوي في إيرادات الضرائب.
وبحسب وزير المالية فإن الإيرادات الضريبية نمت 38% لتصل إلى 914 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام المالي الحالي.
وذكر الصندوق أن الحكومة ستتخذ خطوات لاحتواء الإنفاق في النصف الثاني من السنة المالية لضمان تحقيق الهدف المالي في نهاية السنة المالية 2024/25.
وتوقع أن يستمر الوضع الخارجي في فرض تحديات حيث استمرت الصدمات الخارجية المتتالية.
ولفت نايجل كلارك، نائب المدير العام ورئيس المجلس التنفيذي، إلى أن الإصلاحات المطلوبة في أسعار الطاقة والدعم والسياسات الضريبية تحمل تكاليف اجتماعية يجب أن تتم إدارتها بعناية، في حين أن دور الدولة الممتد في القطاعات غير الاستراتيجية والجهود المحدودة لتعزيز التنافسية في السوق قد تؤثر على النمو على المدى المتوسط.”
وقال المدير التنفيذي وعضو مجلس المديرين التنفيذين وممثل المجموعة العربية والمالديف بصندوق النقد الدولي، د.محمد معيط، في مقابلة لـ”العربية Business” إن مصر ملتزمة بالتخلي عن دعم الوقود نهائيًا بحلول ديسمبر المقبل.
وبحسب موازنة العام المالي الحالي رصدت البلاد 154 مليار جنيه لدعم الوقود ووفق بيانات وزارة البترول يذهب معظمهم للسولار.
مكاسب مرونة سعر الصرف
قال الصندوق إن مصر استمرت في جني مكاسب مرونة سعر الصرف التي اعتمدتها في مارس الماضي، حيث ظلت تحويلات العمال المصريين في الخارج وإيرادات السياحة قوية.
وأشار إلى أنه تم سد الفجوات مع السعر الموازي، والقضاء على تراكم طلبات الاستيراد غير المنفذة، وزاد التداول في السوق البينية للبنوك، رغم أن سعر الصرف يتقلب ضمن نطاق محدود.
وشدد على ضرورة استمرار مرونة سعر الصرف حتى يدرك الفاعلون الاقتصاديون أن سعر الصرف مرن فعلاً.
أضاف نايجل كلارك، نائب المدير العام ورئيس المجلس التنفيذي، أن سعر الصرف المرن، المدعوم بنظام استهداف التضخم المستقل للبنك المركزي والسياسات المالية السليمة، أداة أساسية تسمح للاقتصاد بالتكيف مع الصدمات.
في الوقت نفسه، سيعزز تنفيذ الإصلاحات المناخية التي لها تأثيرات كبيرة على الاقتصاد قدرة مصر على التكيف مع التغيرات المناخية.
الإصلاحات الهيكلية
وقال صندوق النقد إن التقدم في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية كان متباينًا، مع تأخر في الإصلاحات المتعلقة بالخصخصة وتحقيق التكافؤ في الفرص.
في الوقت نفسه، اتخذت الحكومة خطوات لتعزيز الاستقلال التشغيلي لجهاز حماية المنافسة المصرية (ECA)، بهدف تحسين المنافسة في أسواق المنتجات والخدمات، واختارت شركة استشارية دولية لإعداد دراسة حول ممارسات الحوكمة المتعلقة بالبنوك العامة لزيادة كفاءة وشفافية القطاع المالي.
وقال: “يتطلب تعزيز الاستدامة المالية جمع الإيرادات المحلية بفعالية واستراتيجية شاملة لإدارة الديون. كما أن توسيع قاعدة الضرائب، وتبسيط الحوافز الضريبية، وتعزيز الامتثال أمر أساسي لخلق مجال مالي لتلبية احتياجات التنمية والاجتماعية ذات الأولوية.
ويرى نايجل كلارك، نائب المدير العام ورئيس المجلس التنفيذي أن ضمان استدامة الديون يتطلب تبني استراتيجية متوسطة المدى لإدارة الديون، بما في ذلك تعميق وتطوير سوق الديون المحلية، وتحسين الشفافية في الأنشطة المالية وتعزيز الرقابة المالية، خاصة على الكيانات خارج الميزانية، وتسريع عملية الخصخصة.
وشدد أنه لتحقيق الصمود وتعزيز النمو الديناميكي والشامل والموجه نحو الصادرات، يجب على السلطات الانتقال إلى نموذج اقتصادي جديد.
أوضح أن ذلك يشمل تقليص دور الدولة بشكل حاسم، وتحقيق التكافؤ في الفرص، والسماح لأسعار الطاقة بالوصول إلى مستويات تغطي التكلفة، ومعالجة قضايا الحوكمة والشفافية، مما سيمكن القطاع الخاص من أن يصبح المحرك الرئيسي للنمو
الدين الخارجي لمصر
وتوقع صندوق النقد ارتفاع نسبة الدين الخارجي للناتج المحلي إلى 46.1% بنهاية يونيو المقبل من 39.9% بنهاية يونيو 2024، وأن تنخفض تغطية الاحتياطي للواردات إلى 6.2 شهر من 6.8 شهر.
ورجح اتساع عجز الحساب الجاري إلى 5.8% من الناتج المحلي من 5.4% العام المالي الماضي
لهجة أكثر صرامة
قالت رامونا مبارك، محللة في شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز” إن نبرة البيان الصحفي لصندوق النقد، الذي جاء متأخرًا يومًا كاملًا،جاءت أكثر حدة عن المعتاد.
أضافت في تدوينة على موقع “لينكد إن”: لا يزال أمام مصر قائمة طويلة من المهام، وشدد صندوق النقد الدولي على أهمية المضي قدمًا في الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز بيئة الأعمال، وتسريع جهود الخصخصة، والانتقال إلى نموذج اقتصادي جديد، وأنه يتعين على السلطات ضمان أن “ينظر الفاعلون الاقتصاديون إلى سعر الصرف على أنه مرن حقًا”.