لبنان على طاولة مجموعة العمل المالي في ايلول
(الديار)-19/08/2024
أظهر احدث تقرير سنوي صادر عن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان ان عدد حالات تبييض الاموال المشتبه فيها في لبنان قد وصل الى 527 حالة خلال العام 2023، 80% منها مصادرها من جهات محلية و20% تقريبا من جهات أجنبيّة.
وفي هذا السياق، قامت الهيئة بالتحقيق مع 495 حالة، فيما أبقت 32 حالة أخرى قيد الدراسة، وبحسب التقرير الذي ورد في النشرة الاسبوعية لبنك الاعتماد اللبناني، فقد أمرت السلطات القضائية في لبنان برفع السرية المصرفية عن 96 حالة، 81 منها ذات مصدر محلي و15 حالة ذات مصدر أجنبي. بالفعل، تستمر المساعي الهادفة الى إقناع المؤسسات الرقابية الدولية بأن لبنان الذي تم شطبه من لائحة الدول غير المتعاونة في محاربة تبيض الاموال منذ العام 2002، بأن هذ البلد يحقق تقدّماً مستمرّاً في مكافحة تبييض الاموال وتمويل العمليات المشبوهة. وفي سياق غير بعيد، يغادر حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري الى العاصمة واشنطن مطلع الشهر المقبل حاملا في جعبته المزيد من الامال بإبعاد لبنان عن القائمة الرمادية التي تضعها مجموعة “فاتف” قبل أيام قليلة من الاجتماع “المصيري” الذي تفصل فيه المنظمة الدول بين من هو ملتزم بالإجراءات ومن لم يحقق تقدما مطلوبا في هذا الخصوص.
أما مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFAT فقد كانت تتمتع بمقعد “مراقب” في مجموعة العمل المالي FATF حتى حزيران 2007 عندما تمّ منح مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا صفة “عضو منتسب” لدى مجموعة العمل المالي.
يعول حاكم المركزي بالانابة وسيم منصوري، مرة جديدة، على شراء بعض الوقت للبنان لحين ان تقوم الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي باتخاذ الاجراءات المطلوبة لتحسين صورة لبنان لناحية الاليات والتشريعات المعتمدة لمكافحة “العمليات المشبوهة الفساد وملاحقة الفاسدين”.
ووفق التقرير الاخير لمنظمة “فاتف” والذي دفع المنظمة الى طلب إعادة تقييم تصنيف لبنان، تعتبر المنظمة ان الملاحقات القضائية في لبنان لا تتمشى مع التهديدات والمخاطر وتحديدا كل ما يتعلق بالملاحقات الجمركية ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي والاتجار بالمخدرات وبالبشر، والاهم على هذا الصعيد ما يتعلق بغياب اي أليات واضحة في لبنان لناحية تحديد مصادر الجريمة المالية وعائداتها وكيفية تجميدها ومصادرتها وفقاً لقاعدة “فاتف”، وايضا وفق تقرير “فاتف” فالسلطات القضائية في لبنان لم تنجح حتى الساعة في إيجاد الاليات المناسبة لمصادرة عائدات هذه الجرائم.
ويضاف الى ذلك ما تصفه “فاتف” بالفساد في الادارة العليا في لبنان مع غياب أي أليات واضحة لاسترداد الأصول التي تم الحجز عليها أو نقلها إلى ولايات قضائية أخرى. كما تعتبر “فاتف” ان لبنان لم يسجل تقدّماً على صعيد التحقيقات بشأن التهديدات المحتملة التي تشكلها أنشطة إحدى الجماعات شبه العسكرية المحلية الكبرى المنظمة المعروفة بالـ paramilitary groups .
يحمل منصوري الى عواصم القرار مطلع أيلول المقبل ملفاته خسب” ام تي في” ساعيا لحثها على إعطاء لبنان المزيد من الوقت قبل إدراجه ضمن اللائحة الرمادية، حيث سيشرح مرة جديدة أهمية الإجراءات التي قام بها مصرف لبنان والمصارف، بما ينسجم مع القواعد الدولية لناحية المسارات المالية والتحويلات وتبييض الأموال وضرورة التأكيد على ان وضع لبنان على اللائحة الرمادية قد يساهم في تعزيز التهرب الضريبي وزيادة تبييض الأموال، وضرب جهود مصرف لبنان في هذا المجال. وللتذكير، فالتقرير الأخير الذي صدر عن “فاتف” أتى ليؤكد ان ما قام به المركزي في لبنان من إجراءات استثنائية تتطابق مع كل ما تتطلبه المنظمة لناحية مكافحة تبيض الأموال وتمويل الإرهاب.
من هنا، قد يكون وضع لبنان على اللائحة الرمادية ما هو إلا خطوة جديدة للضغط على السلطات اللبنانية للتنبه الى المخاطر التي تواجهها والتي قد تتدحرج نحو الأخطر في حال لم تتحرك سريعا.