لماذا ضخّت البنوك السعودية 9.5 مليار دولار في السوق عبر صكوك الشريحة الأولى؟
(الشرق الاوسط)-10/09/2025
يواجه القطاع المصرفي السعودي تحدياً يتمثل في تسارع نمو الإقراض مقارنةً بنمو الودائع، ما يدفع البنوك إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة للحفاظ على وتيرة النمو. وفي هذا السياق، برزت الصكوك الهجينة، وخاصة صكوك الشريحة الأولى الإضافية (AT1)، بوصفها أداة رئيسة لتعزيز رأس المال، ودعم المراكز المالية للبنوك، وفق تقرير لمؤسسة «ستاندرد آند بورز».
والصكوك الهجينة هي أدوات مالية إسلامية تجمع بين نوعين أو أكثر من أنواع الصكوك، مثل صكوك المرابحة والمضاربة، لتوفير تمويل مرن ومتنوع لاحتياجات استثمارية محددة. في حين أن صكوك الشريحة الأولى هي أداة رأسمالية إضافية من الفئة الأولى متوافقة مع الشريعة الإسلامية، يصدرها البنك لتعزيز رأسماله التنظيمي. وبصفتها أداةً دائمةً تابعةً، وتمتص الخسائر العالية، وتجمع هذه الصكوك بين خصائص الدين وحقوق الملكية لتلبية معايير «بازل 3» لكفاية رأس المال للبنوك.
وذكرت «ستاندرد آند بورز» في تقرير اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أنه رغم أن البنوك السعودية لا تزال تحتفظ بمستويات رسملة قوية، حيث بلغ متوسط كفاية رأس المال 19.3 في المائة بنهاية النصف الأول من عام 2025، فإن التوقعات تشير إلى استمرار الضغط على التمويل بفعل برامج «رؤية 2030» التي تحفز الإقراض للشركات، والأفراد.
طفرة في إصدارات الصكوك
بلغت قيمة إصدارات الصكوك السعودية 9.5 مليار دولار حتى نهاية أغسطس 2025، مقارنة بـ5.3 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وشكلت صكوك «AT1» الجزء الأكبر من هذا النمو، بقيمة 4.2 مليار دولار، أي أكثر من ضعف قيمتها في 2024، وفق بيانات «ستاندرد آند بورز».
وتُعد هذه الصكوك خياراً جذاباً للبنوك، إذ تتيح لها تعزيز رأس المال التنظيمي بتكلفة تنافسية، حيث بلغ متوسط العائد على صكوك «AT1» الدولارية 6.4 في المائة مقابل 5 في المائة لصكوك الدين التقليدية ذات أجل خمس البنوك.
رسملة قوية وأرباح مستقرة
تؤكد الوكالة أن البنوك السعودية تتمتع برأسمال قوي، حيث بلغ متوسط نسبة رأس المال المعدل للمخاطر 13.1 في المائة بنهاية 2024. كما أن مساهمة صكوك «AT1» في هيكل رأس المال وصلت إلى 22 في المائة من حقوق الملكية بنهاية يونيو (حزيران) 2025، دون أن تثير مخاوف تنظيمية.
وتحقق البنوك السعودية عائدات جيدة، حيث بلغ متوسط العائد على الأصول 2.3 في المائة في النصف الأول من 2025، ومن المتوقع أن يبقى مستقراً بفضل نمو الإقراض الذي يعوض أي انخفاض في هوامش الفائدة.
ديون خارجية محدودة وسيولة آمنة
رغم ارتفاع الديون الخارجية للبنوك، فإن مساهمتها في إجمالي التمويل لا تزال محدودة، حيث بلغ صافي الدين الخارجي 123 مليار ريال (32.8 مليار دولار)، أي ما يمثل 3.9 في المائة فقط من محفظة الإقراض. وتتوقع «ستاندرد آند بورز» أن يرتفع هذا الرقم تدريجياً، لكنه لن يتجاوز 10 في المائة من إجمالي الإقراض.
وتشير الوكالة إلى أن الدعم الحكومي القوي للقطاع المصرفي السعودي يضمن استقراره حتى في حال حدوث أزمات مالية محتملة.