محافظو البنوك المركزية يقتربون من رفع راية النصر في حربهم ضد التضخم
(البيان)-12/03/2024
اقترب محافظو البنوك المركزية في أوروبا والولايات المتحدة، من إعلان النصر على أكبر موجة تضخم منذ جيل كامل، حيث تمنح البيانات الجديدة صانعي السياسات الثقة في قدرتهم على خفض أسعار الفائدة بحلول الصيف. يأتي ذلك بعد خفض أرقام نمو الوظائف في الولايات المتحدة لشهري ديسمبر ويناير بشكل حاد، ما عزّز توقعات المستثمرين بخفض أسعار الفائدة بحلول يونيو، في حين أظهرت بيانات منطقة اليورو تباطؤ نمو الأجور والأرباح.
وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إنّ المركزي الأمريكي «ليس بعيداً» عن امتلاك أدوات الثقة لبدء خفض تكاليف الاقتراض.
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن صانعي السياسات «بدأوا مناقشة التراجع عن موقفنا التشددي»، محتفية بـ «إحراز تقدم جيد في ما يخص التضخم لدينا»، حتى لو «لم نصل إلى هذا الهدف بعد».
وقال لودوفيك سوبران كبير الاقتصاديين في شركة التأمين أليانز للتأمين، عن باول ولاغارد: «لقد وجدتهما أكثر تساهلاً نحو خفض أسعار الفائدة»، «السؤال الآن هو ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى الانتظار حتى سبتمبر لخفض أسعار الفائدة».
أظهرت البيانات الأمريكية الصادرة يوم الجمعة، أن الاقتصاد أضاف 275 ألف وظيفة الشهر الماضي، متجاوزاً التوقعات، لكن التخفيضات الكبيرة للأرقام السابقة، عزّزت التوقعات بأن الخفض الأول يمكن أن يحدث بحلول يونيو.
وفي منطقة اليورو، أظهرت بيانات الربع الرابع، ارتفاع تكاليف العمل الموحدة، وهامش الربح بمعدل أبطأ، ما خفف حدة المخاوف من أن الشركات تقود التضخم إلى الارتفاع، عن طريق تمرير تكاليف العمالة المرتفعة، من خلال زيادات كبيرة في الأسعار.
وقلّصت الأسواق رهاناتها على سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة في عام 2024، بعدما أثبت التضخم الأوروبي أنه أكثر ثباتاً من المتوقع، وظلت سوق العمل الأمريكية قوية بشكل مدهش، ولكن في الآونة الأخيرة انقلبت الآية، حيث تتوقع الأسواق الآن ما يصل إلى أربع تخفيضات بمقدار 25 نقطة مئوية لأسعار الفائدة، من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي هذا العام، ارتفاعاً من ثلاثة تخفيضات في بداية الشهر، ومن المتوقع إقدام بنك إنجلترا على أول خفض له في الصيف، حيث أشار المحافظ أندرو بيلي إلى «علامات مشجعة» بشأن التضخم.
وقال ويليام فوجان مدير المحفظة المشارك في برانديواين غلوبال: «الآن أصبح البنك المركزي الأوروبي يقول إن تخفيض أسعار الفائدة قد يكون وشيكاً في أبريل، وإذا لم يكن، فبالتأكيد سيكون بحلول شهر يونيو. إنه تغيير واضح في اللهجة عن رسائل الشهر الماضي. وبيانات الأجور الأضعف يوم الجمعة، تدعم هذا الموقف المتساهل».
وتعزّز هذه الرؤية تصريحات ثلاثة من صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة، إذ قال محافظ البنك المركزي الفرنسي، فرانسوا فاليروي ديجالو، إنه من المرجح خفض أسعار الفائدة في أبريل أو يونيو، وأكد رئيس البنك المركزي الفنلندي، أولي رين، أن مخاطر الخفض المبكر قد «انخفضت بشكل كبير»، حتى محافظ البنك المركزي النمساوي المتشدد، روبرت هولزمان، قال إن تغيير أسعار الفائدة «قد يكون قيد الإعداد».
وقال فريدريك دوكروزيت رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي في بيكتيت ويلث مانغمنت: «ما تغير خلال الأيام القليلة الماضية، هو أنهم على ما يبدو يستعيدون الثقة في نماذجهم وتوقعاتهم الخاصة، ما يقربهم من الخفض الأول»، ولكن ليس كل المتشددين مقتنعون بهذه الخطوة.
وفي الولايات المتحدة، يعتقد نيل كاشكاري رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، ورافائيل بوستيك، الذي يرأس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، أن قوة الاقتصاد الأمريكي تعني أن الاحتياطي الفيدرالي لا يحتاج إلى خفض أسعار الفائدة بقدر ما كان صانعو السياسات يعتقدون أنه ضروري في ديسمبر، عندما توقعوا ثلاثة تحركات على مدار هذا العام.
وصرح يواكيم ناغل رئيس البنك المركزي الألماني، بأن «احتمالية أن نشهد تخفيضات في أسعار الفائدة قبل العطلة الصيفية تزداد»، لكنه حذّر من «الوقوع في حالة من النشوة المبكرة للغاية».