محافظ المركزي المصري: النظام المالي العالمي يشهد مرحلة دقيقة فى ظل التحديات الحالية
(الوفد)-24/11/2025
أكد حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى المصرى، أن النظام المالى العالمى يشهد مرحلة دقيقة، خاصة فى ظل توجه البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة مع تراجع الضغوط التضخمية، وتصاعد دور التكنولوجيا فى النظم المالية والتحول الرقمى، ونمو المؤسسات المالية غير المصرفية، وما يترتب على ذلك من تأثيرات مباشرة على الاستقرار المالى.
وترأس حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى المصرى، بصفته الرئيس المشارك لدورة كاملة، اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابعة لمجلس الاستقرار المالى، الذى انعقد مؤخراً بمدينة إسطنبول بتركيا بمشاركة فاتح كرهان محافظ البنك المركزى التركى، بصفته رئيساً للمجموعة، وبحضور محافظى البنوك المركزية وكبار المسئولين من 12 دولة.
ووجه الشكر إلى نظيره التركى على استضافة الاجتماع الأول ولفريق سكرتارية المجلس معرباً عن سعادته بالمشاركة كرئيس مشارك فى اجتماعات المجموعة.
أكد عبدالله حرص الدولة المصرية على التواجد الفعال فى المحافل الدولية المعنية بالشئون المصرفية والمالية والاقتصادية، وفى مقدمتها المحافل التى تدعم التكامل مع الدول العربية والإفريقية. مشيداً بالدور الحيوى الذى تقوم به المجموعة وما تطرحه من قضايا وموضوعات تسهم فى تعزيز الاستقرار المالى والنقدى، ودعم التعاون الاقتصادى بين الدول الأعضاء، بما يعزز الفرص المشتركة ويحد من التحديات على المستويين الإقليمى والعالمى،
قدم محمد أبوموسى، مساعد المحافظ، خلال الاجتماع، عرضاً تقديمياً حول الترابط بين البنوك والشركات المالية غير المصرفية، كما قدمت زكية إبراهيم، وكيل المحافظ المساعد، عرضاً حول أثر استدامة ديون القطاعين العام والخاص على القطاع المصرفى المصرى.
وجدير بالذكر أن البنك المركزى المصرى كان قد استضاف الاجتماع الماضى لمجلس الاستقرار المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمدينة شرم الشيخ يومى 29 و30 يناير 2025.
وعلى الجانب الآخر، أكد حسن عبدالله، محافظ البنك المركزى المصرى أن السنوات الأخيرة شهدت إنجازات ملموسة فى التحول الرقمى بالقطاع المصرفى بفضل المبادرات والمشروعات التى أطلقها البنك المركزى المصرى جاء ذلك فى كلمة ألقاها محمد عامر القائم بأعمال وكيل المحافظ لقطاع العمليات المصرفية ونظم الدفع نيابة عن المحافظ خلال فى افتتاح المؤتمر الدولى الثانى عشر للمدفوعات الرقمية والشمول المالى والبنوك الرقمية «PAFIX» 17 نوفمبر 2025.
وأوضح أن العالم يشهد تحولات غير مسبوقة فى القطاع المالى والمصرفى، تقودها تقنيات التكنولوجيا المالية المبتكرة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعى، وتعيد تشكيل قواعد العمل المالى والبنية التحتية للاقتصاد العالمى، فلم يعد التحول الرقمى مجرد تطور تقنى، بل أصبح أداة استراتيجية لتحقيق النمو والكفاءة والشفافية، وتعزيز معدلات الشمول المالى.
مؤكداً أن البنك المركزى يمضى بخطى واثقة لمواكبة هذه التحولات العالمية المتسارعة، من خلال تنفيذ استراتيجية شاملة للتحول الرقمى وتطوير نظم وخدمات الدفع الوطنية، وتبنى تقنيات التكنولوجيا المالية المبتكرة بما يعزز من كفاءة البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية وجهود الشمول المالى، ويقودنا نحو مجتمع أقل اعتماداً على النقد، وأكثر استعداداً لمستقبل الاقتصاد الرقمى.
أكد أن جهود البنك المركزى فى مجال التحول الرقمى المعتمد على التقنيات التكنولوجية الحديثة والذكاء الاصطناعى أثمرت فى ارتفاع معدلات الشمول المالى للأفراد إلى 76.3% فى يونيو 2025 مقارنة بـ27.4% عام 2016، بمعدل نمو استثنائى تجاوز 214%، إلى جانب نمو محافظ التمويل الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 395% خلال الفترة نفسها بما يضع مصر فى قلب التحولات العالمية، ويضمن لمواطنيها ومستثمريها فرصاً متكافئة للوصول إلى خدمات مالية متطورة وآمنة.
وقال من أبرز خدمات التحول الرقمى الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والهاتف المحمول، والتى كان لها دور مهم فى حصول المواطنين على خدماتهم المصرفية بسهولة خلال جائحة كورونا، وبلغ عدد مشتركيها نحو 18 مليون مشترك ونفذ من خلالها عدد 114 مليون معاملة بقيمة 11.7 تريليون جنيه مصرى بنهاية 2024.
ومنظومة «ميزة» الوطنية للبطاقات، التى أتاحت للمواطنين وسيلة دفع مصرية آمنة وسهلة الاستخدام، وتم إصدار أكثر من 43.5 مليون بطاقة حتى يونيو 2025.
وشبكة المدفوعات اللحظية وتطبيق «إنستاباى»، التى أحدثت نقلة نوعية فى سرعة وكفاءة التحويلات المالية، وتجاوز عدد مستخدميها 16 مليون عميل حتى يونيو 2025، وتم تنفيذ أكثر من 1.1 مليار معاملة بقيمة 2.4 تريليون جنيه.
ومحافظ الهاتف المحمول «ميزة ديجيتال»، التى أسهمت فى وصول عدد المحافظ الإلكترونية إلى 55.5 مليون محفظة، وبلغ عدد المعاملات المنفذة عبرها نحو 1.4 مليار معاملة بإجمالى تجاوز 1.8 تريليون جنيه حتى يونيو 2025.
والمنصة الوطنية لترميز البطاقات، التى مكنت من تفعيل خدمات الدفع اللاتلامسية عبر الهواتف الذكية، ومنها Apple Pay التى أطلقت فى ديسمبر 2024، ونفذ من خلالها أكثر من 40 مليون معاملة بقيمة تجاوزت 32 مليار جنيه حتى يونيو 2025، ويجرى حالياً استكمال تفعيل خدمات ترميز البطاقات على أنظمة Android لتوسيع نطاق الاستخدام داخل السوق المصرى.
وأضاف أن البنك المركزى قطع شوطاً كبيراً فى تنفيذ مشروع التعرف على هوية العملاء إلكترونياً «eKYC»، الذى يعد ركيزة أساسية لبناء هوية مالية رقمية وطنية، تتيح تقديم الخدمات المصرفية إلكترونياً بسهولة وأمان، وتفتح آفاقاً جديدة أمام المواطنين للوصول إلى الخدمات المالية دون الحاجة للتواجد الفعلى بفروع البنوك.
ونوه بأن البنك المركزى أدرك مبكراً أن التكنولوجيا المالية هى المحرك الرئيسى للتغيير فى القطاع المصرفى، وأن تطبيقات الذكاء الاصطناعى ستكون كلمة السر فى مستقبل الخدمات المالية، وفى ضوء ذلك، أطلق البنك فى عام 2019 استراتيجية التكنولوجيا المالية والابتكار، التزاماً بتحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار من جهة، وضمان الاستقرار المالى وحماية حقوق العملاء من جهة أخرى، كما يتبنى البنك نهجاً متوازناً يهدف إلى الاستخدام المسئول لتقنيات الذكاء الاصطناعى، من خلال وضع الأطر والمعايير التى تضمن توظيفها بأمان وكفاءة، فى ظل التطورات المتسارعة فى هذا المجال.
وامتداداً لهذا التوجه، قام البنك المركزى بالتعاون مع شركة I-Score بتطوير نموذج التقييم الائتمانى السلوكى باستخدام البيانات البديلة وتقنيات الذكاء الاصطناعى والتعلم الآلى، لابتكار أدوات تصنيف ائتمانى أكثر مرونة وملائمة لمتطلبات العملاء، على النحو الذى يعمل على توسيع قاعدة العملاء المستفيدين من التمويل، ويعزز معدلات الشمول المالى فى السوق المصرى.
واتساقاً مع هذه الرؤية، يواصل البنك جهوده لتوظيف التكنولوجيا فى دعم منظومة الرقابة المصرفية، حيث يعمل على تطوير أنظمة التكنولوجيا الإشرافية (SupTech) لتصبح أكثر كفاءة ودقة، من خلال الاعتماد على أدوات التحليل المتقدم للبيانات، بما يتيح مراقبة الأنشطة المصرفية واتخاذ القرارات فى الوقت الفعلى، بما يعزز سلامة واستقرار النظام المصرفى.
وأضاف القائم بأعمال وكيل المحافظ لقطاع العمليات المصرفية ونظم الدفع إن العنصر البشرى هو الركيزة التى يقوم عليها مستقبل أى قطاع وازدهاره، ومن هذا المنطلق، أولى البنك المركزى المصرى اهتماماً بالغاً بتنمية العاملين به وبالقطاع المصرفى ككل، واضعاً تنمية العنصر البشرى فى صدارة أولوياته، وقام بإطلاق العديد من المبادرات لتأهيل الكوادر المصرفية وخلق جيل جديد قادر على مواكبة التطورات الحديثة من بينها: مبادرة FinYology لتشجيع طلاب الجامعات على تقديم حلول ابتكارية واعدة فى مجال التكنولوجيا المالية. وذلك بمشاركة أكثر من 30 جامعة حكومية وخاصة، وقد أثمرت هذه المبادرة خلال السنوات الماضية تنفيذ أكثر من 900 مشروع بمشاركة 19 ألف طالب، بدعم من 18 بنكاً مصرياً، ما يعكس حرصنا على رعاية كوادر التكنولوجيا المالية الشابة وربط التعليم الأكاديمى بسوق العمل.
ومبادرة Digital Academy كأول أكاديمية رقمية بمصر تستهدف تزويد الكوادر الشابة بالقطاع المصرفى والمالى بالمعرفة والمهارات المتخصصة فى مجال التكنولوجيا المالية.
وبرنامج شهادة البكالوريوس فى العلوم المصرفية، كأول برنامج جامعى من نوعه يقدم فى عدد من كليات التجارة، بدءاً من العام الدراسى 2025/2026، والذى يؤسس لمسار تعليمى تطبيقى يدمج بين الدراسة الأكاديمية والتدريب العملى.
وبالتوازى مع ما سبق، فلم يغفل البنك المركزى عن دعم منظومة ريادة الأعمال، فأطلق المختبر التنظيمى لتطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة لتمكين رواد الأعمال من اختبار تطبيقاتهم فى بيئة آمنة تحت إشراف البنك المركزى، كما دعم تأسيس صندوق Nclude لتمويل الشركات الناشئة الواعدة فى مجال التكنولوجيا المالية، ويستكمل هذا الجهد من خلال مبادرة «رواد النيل» التى تقدم الدعم الفنى والاستشارى فى مجالات التحول الرقمى لرواد الأعمال والشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر فى جميع المحافظات.
