محيي الدين: النظام الاقتصادي الدولي ينهار.. والدولار يفقد هيبته تدريجيًا
(العربية)-08/04/2025
أكد محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وعلى رأسها الحروب التجارية وفرض الرسوم الجمركية، وضعت النظام الاقتصادي العالمي في مأزق حقيقي، واصفًا ما يحدث بأنه “المسمار الأخير في نعش النظام الاقتصادي الدولي” الذي ظل قائمًا لعقود على قواعد التعاون والتجارة الحرة.
وأوضح محيي الدين، في مقابلة مع “العربية Business”، أن النظام الذي تأسس منذ الحرب العالمية الثانية، مرورًا باتفاقيات “الجات” ثم منظمة التجارة العالمية، بدأ يتآكل بشكل ملحوظ، بعدما جرى العبث بتقاليده وقواعده الجوهرية.
واعتبر محيي الدين أن هذه التطورات لا يمكن أن تُفهم فقط كتحولات عابرة مرتبطة بدورة سياسية، بل هي انعكاس لتوجه عالمي أكثر عمقًا نحو الحمائية والانكفاء الاقتصادي.
وحذر محيي الدين من أن تداعيات هذه السياسات تمتد إلى الدولار الأميركي نفسه، مشيرًا إلى أن “المسمار الثاني” في نعش الدولار بدأ يُدق بالفعل، حيث تراجعت الثقة العالمية بالعملة الأميركية، ليس بسبب قوة عملات أخرى، بل نتيجة تآكل مصداقية السياسات الاقتصادية الأميركية، واستخدام الدولار كسلاح سياسي واقتصادي في أكثر من مناسبة.
وأضاف: “قوة الدولار لم تكن في يوم من الأيام قرارًا سياسيًا، بل هي انعكاس لثقة السوق في المؤسسات الأميركية وعمق الأسواق المالية، لكن استخدام العملة كسلاح، سواء في العقوبات أو السياسات الجمركية، بدأ يزعزع هذه الثقة.”
وشدد محيي الدين على أن العالم دخل فعليًا في حالة “حرب تجارية عالمية”، لا يمكن وصفها بأقل من ذلك، مضيفًا أن عدد القيود المفروضة على التجارة الدولية قد تجاوز 3400 قيد، حتى قبل الإجراءات الأخيرة. كما أشار إلى أن المنظمات المالية والاقتصادية الدولية أصبحت اليوم محل مراجعة شاملة، ما يهدد النظام القائم بأكمله.
فرص للدول الصاعدة
رغم المشهد القاتم، يرى محيي الدين أن هذه المرحلة الانتقالية تُمثل فرصة تاريخية للدول الصاعدة، خصوصًا تلك التي تمتلك مرونة اقتصادية واستعدادًا تقنيًا للرقمنة والتكامل الإقليمي. وقال إن دولًا مثل تلك المنضوية في رابطة “آسيان” أثبتت قدرة استثنائية على التعامل البراجماتي مع المتغيرات العالمية، مشيرًا إلى دعوة رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم إلى قمة تجمع دول آسيان مع الصين ودول الخليج، بوصفها خطوة واعدة نحو نموذج اقتصادي جديد أكثر تنوعًا وتوازنًا.
وأفاد محيي الدين: “المستقبل لا ينتمي لمن يملك القوة وحدها، بل لمن يستطيع قراءة المتغيرات والتكيّف معها بذكاء. التعاون الإقليمي، التحول الرقمي، وتنويع الاقتصاد أصبحت الأدوات الأساسية لبناء مكانة في النظام العالمي المقبل.”
وذكر أن “النتائج اليوم باتت أكثر وضوحًا من النوايا”، مشيرًا إلى أن النظام الاقتصادي العالمي لن يعود كما كان، وعلى الدول الاستعداد لعالم جديد بمعادلات جديدة.