مستقبل الجنيه المصري مقابل الدولار.. 8 متغيرات تقود المشهد الاقتصادي
(العربية)-12/09/2025
واصل الجنيه المصري مكاسبه مقابل الدولار الأميركي، وارتفع خلال الأسبوع الحالي إلى أعلى مستوى له في أكثر من عام، وجاءت هذه المكاسب نتيجة مجموعة من العوامل والمؤشرات الإيجابية التي سجلها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية.
وتتزامن ارتفاعات الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، مع سياسة الولايات المتحدة الأميركية لخفض الدولار مقابل سلة العملات الرئيسة لتعزيز الصناعات الأميركية ودعم الصادرات.
وسجل الدولار الأميركي في مصر سعرا أعلى من 51 جنيهًا في منتصف تعاملات أبريل الماضي، لكن في التعاملات الأخيرة انخفض إلى مستوى أقل من 48 جنيها، وسط توقعات باستمرار نزوله خلال الفترة المقبلة من العام الحالي.
هل يشهد الجنيه المصري مزيدًا من التحسن؟
في تصريحات لـ”العربية Business”، قال رئيس وحدة البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، هاني جنينة، إن مصر بدأت تشهد زخمًا واضحًا في تدفقات النقد الأجنبي خلال النصف الثاني من 2024، مدفوعًا بطفرة كبيرة في السياحة وتحسن الثقة في الاقتصاد المصري بعد قرارات تحرير سعر الصرف.
وأكد أن قطاع السياحة يشهد تعافيًا ملحوظًا، وعدد السياح المتوقع للعام الجاري يبلغ نحو 18 مليون سائح، بإيرادات تصل إلى 16 مليار دولار، وهو ما ساعد على تعويض جزء كبير من خسائر إيرادات قناة السويس التي تأثرت بالتوترات الجيوسياسية في المنطقة.
أوضح أن اتجاه الحكومة المصرية نحو طرح أصول مثل مطار الغردقة أمام مشغلين أجانب يعزز هذه الطفرة ضمن استراتيجية تخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية. فيما شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج انتعاشة كبيرة عقب تحرير سعر الصرف في مارس 2024، ما أعاد الثقة بشكل واسع للاقتصاد وسوق الصرف في مصر.
ورجح جنينة، أن يسجل الجنيه المصري مزيدًا من التحسن مقابل الدولار الأميركي بنهاية العام الحالي، مدفوعًا بتراجع الدولار عالميًا، وخاصة أمام اليورو، الذي يمثل كتلة كبيرة من الشركاء التجاريين لمصر. متوقعا أن يتراوح سعر صرف الدولار بين مستوى 47 إلى 48 جنيهًا للدولار بنهاية 2025.
الدين الخارجي يتراجع
ويتمثل أول أسباب صعود الجنيه المصري مقابل الدولار، في ارتفاع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي والذي سجل نحو 49.25 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي، وفق البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري.
أما العامل الثاني فهو استعداد مصر للمراجعات التي من المقرر أن يجريها صندوق النقد الدولي بشأن حزمة التمويل البالغة 8 مليارات دولار. وتسلمت مصر في مارس الماضي، نحو 1.2 مليار دولار بعد المراجعة الرابعة من صندوق النقد الدولي، بينما قرر الصندوق دمج المراجعة الخامسة مع السادسة في شهر سبتمبر الحالي.
وتراجع الدين الخارجي لمصر وهو مرشح للنخفاض بقوة، خصوصا مع الإعلان عن تحويل ودائع خليجية لدى “المركزي” المصري إلى استثمارات مباشرة، ما يساهم بشكل كبير في خفض التزامات السداد الخارجية. حيث انخفض إلى 155.093 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2024 مقابل 155.204 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024.
تحويلات المصريين في الخارج
فيما يرتبط ثالث هذه العوامل بالارتفاع القياسي في تحويلات المصريين العاملين في الخارج، حيث شهدت تدفقات قياسية بعدما بلغت نحو 36.5 مليار دولار خلال السنة المالية 2024- 2025، بمعدل زيادة بنسبة 66.2% مقارنة بنحو 21.9 مليار دولار خلال السنة المالية 2023-2024.
يتعلق السبب الرابع بهدوء التضخم، والذي واصل الانخفاض. ويتوقع البنك المركزي المصري أن يواصل التضخم مساره النزولي ليتراوح بين 14 و15% في المتوسط خلال عام 2025.
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أمس الأربعاء، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تباطأ إلى 12% في أغسطس/ آب، مقارنة بـ13.9% في يوليو/تموز.
وذكر البنك المركزي المصري في بيان أمس، أن معدل التضخم الأساسي في مصر – الذي يعده البنك و يستثني أسعار الغذاء والطاقة- انخفض إلى 10.7% على أساس سنوي في أغسطس من 11.6% في يوليو 2025.
وأفاد المركزي في بيان بأن معدل التغيير الشهري في التضخم القياسي سجل 0.1% في أغسطس الماضي مقابل 0.9% في الشهر المماثل من عام 2024، و سالب 0.3% في يوليو 2025.
أما السبب الخامس فيرتبط بشكل مباشر باستمرار دورة التيسير النقدي، حيث أعلن البنك المركزي المصري عن خفض لأسعار الفائدة بنحو 200 نقطة أساس، وهو ما يعزز من الثقة في سوق الأعمال المصرية، ويزيد من شهية المستثمرين في ظل أسعار الفائدة المنخفضة، وهو ما يعد رابع أسباب استقرار سوق الصرف وتحسن الجنيه المصري مقابل الدولار.
نمو الاقتصاد بمعدلات جيدة
أما سادس هذه العوامل فيتمثل في تسجيل الاقتصاد المصري لمعدل نمو جيد في ظل التوترات التي تشهدها المنطقة، حيث سجلت قطاعات السياحة والصناعات التحويلية غير البترولية وعائدات قناة السويس، نموًا كبيرًا خلال الفترة الماضية.
وتشير توقعات البنك المركزى المصرى إلى توسع النشاط الاقتصادي بمعدل 5.4% خلال الربع الثاني من عام 2025، ليسجل العام المالى 2024- 2025 معدل نمو حقيقى قدره 4.5% فى المتوسط مقارنة بمعدل 2.4% فى العام المالى 2023- 2024.
تدفق استثمارات أجنبية
يضاف إلى ذلك، إعلان الحكومة المصرية عن توقيع عقود استثمار جديدة، ما يعزز من ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة.
أما العامل الثامن من العناصر الداعمة لسعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار فهو تقديرات المؤسسات الدولية وبنوك الاستثمار، حيث يتوقع بنك “غولدمان ساكس”، أن الجنيه المصري مازال مقوّمًا بأقل من قيمته العادلة بنحو 30%، ما يعزز فرصه في تحقيق ارتفاع خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل استمرار تدفقات المحافظ الاستثمارية وتحسن المؤشرات النقدية.