مصرف لبنان يجهد لفصل خسائر الدولة عن خسائر المركزي لتفادي مطالبة حملة اليوروبوندز بحجز الذهب
(الديار)-30/05/2025
لا يزال “قانون الفجوة المالية” قيد الدرس… في انتظار أن يقدّم مصرف لبنان للحكومة تصوّرًا في شأنه وهو قيد الإعداد، قبل أن تُحيله كمشروع قانون إلى مجلس النواب، بحسب ما أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النيابية النائب إبراهيم كنعان.
وبات من المؤكد وفق ما رشح عن الاجتماع الأخير بين الحاكم كريم سعَيد وجمعية المصارف، أن سعَيد يجهد كي يُعيد للمصارف ودائعها لدى البنك المركزي، لتُعيدها بدورها إلى المودِعين، آخذًا في الاعتبار معالجة الفوائد المرتفعة التي حصّلتها المصارف من مصرف لبنان، وكذلك تلك التي حصل عليها المودِعون من المصارف… من دون أن يتردّد الحاكم في الإشارة إلى الفترة التي يتوقع فيها أن تُعاد الودائع، مؤكدًا أن المبالغ الصغيرة (100 ألف وما دون) ستُعاد سريعًا، فيما الودائع التي تصل قيمتها إلى 500 ألف ومليون دولار ستُعاد خلال مدة معقولة، أما التي تقارب المليون دولار فستتم إعادتها في أمدٍ أبعد.
التفاوض بين المصارف و “أنكورا”…
في غضون ذلك، أفادت مصادر مصرفية “المركزية”، أن جمعية المصارف تنكبّ على التفاوض مع شركة “أنكورا” للاستشارات (شركة مستقلة تقدّم خدمات عالمية وحلولًا شاملة لإدارة المنازعات والأزمات والمخاطر) حول شروط العقد القاضي بتكليف الشركة التفاوض مع الدولة اللبنانية في شأن إعادة هيكلة الديون في ما خصّ سندات الـ”يوروبوندز”، وفي ملف توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان.
وكشفت معلومات لـ “المركزية” أن مصرف لبنان سيكلّف من جهته مستشارا ماليا دوليا، إلى جانب المستشار المالي الدولي الخاص بجمعية المصارف، على أن يكون المستشاران على تنسيق تام فيما بينهما توصّلاً إلى النتيجة المتوخاة من الجانبين.
وتجدر الإشارة إلى أن ملف إعادة الهيكلة والخسائر وتوزيعها… حضر بقوّة في الاجتماع المنوَّه عنه بين الحاكم والمصارف، للوقوف على رأي سعَيد في هذه المسائل والإطار الذي رسمه للعلاقة بين مصرف لبنان والمصارف التجارية، والتي حُدّدت في إطار تجاري لا علاقة للدولة به، في مسعى من قِبَل الحاكم سعَيد إلى عزل الخسائر التي وقع فيها مصرف لبنان مع المصارف، عن خسائر الدولة. إذ ينبّه إلى أن الربط بين خسائر الدولة وخسائر مصرف لبنان قد يؤدّي إلى رفع دعاوى من قبل الدائنين الأجانب من حملة سندات الـ”يوروبوندز” للمطالبة بحجز الذهب، وبالتالي يجب ألا يكون هذا الربط سببًا لخسارة احتياطي الذهب في البنك المركزي.
هذه الجهود التي يبذلها الحاكم سعَيد تتلاقى مع المساعي التي تقوم بها جمعية المصارف للخروج بحل جذري للفجوة المالية، على نحو “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”… فهل تتلقف الدولة دعوتهما إلى تحمّل مسؤوليّتها في هذا الملف فتتحقق العدالة في توزيع الخسائر؟!
*المركزي يسابق الازمات
لايجاد الحلول الجذرية
وبحسب ما تؤكد أوساط نقديّة لـ المركزية”، فإن الدراسات والتحليلات التي يجريها مصرف لبنان بشكل مكثّف بالتنسيق الوثيق مع الحكومة حول الوسائل الكفيلة بمعالجة العجز المالي في ميزانيّته – والذي ينشأ من التزاماته تجاه المصارف والمودِعين – مستمرة ولن تتوقف بالتوازي مع مراجعة قانون إصلاح المصارف ووفقًا الأوساط النقدية، يعمل مصرف لبنان على كل هذه المحاور بهدف تلبية متطلبات هذا الوضع الخطير، والامتثال لكل القواعد والأنظمة، والالتزام بدور إيجابي وبنّاء في ما يخص النظامين النقدي والمصرفي.
ومن هذا المنطلق، فإن مصرف لبنان، في الوقت الذي يشارك فيه في النقاش الدائر في مجلس النواب، يعقد أيضا جلسات عمل لتشخيص الأزمة النظامية التي تعصف بالبلاد، ولمعالجة مسؤوليات كل الأطراف المعنية، أي الدولة، ومصرف لبنان، والمصارف التجارية تجاه المودعين، والتزاماتهم المستقبلية حيال إعادة إطلاق قطاع مصرفي سليم ومستدام، يتمتع برسملة أفضل وحوكمة أقوى، إذ لا يمكن استعادة دورة الائتمان، وبالتالي لا يمكن تحقيق الانتعاش والنمو الاقتصادي، من دون هذا الإصلاح الجذري.