نائب رئيس الحكومة اللبنانية د.سعادة الشامي: تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يُمهد لإعادة ودائع اللبنانيين
(القبس)-23/05/2024
لا تزال الأزمة الاقتصادية ومسألة حصول المودعين على أموالهم من البنوك الشغل الشاغل للبنانيين، ولعلهما الجامع الوحيد بينهم، لا سيما في ظل وصول الاقتصاد اللبناني إلى حافة الانهيار. ومع ذلك ورغم حساسية المرحلة الحالية وما تحمله من قضايا متشابكة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني، طمأن نائب رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سعادة الشامي اللبنانيين بأن هناك أملا كبيرا بعودة الودائع المحجوزة في البنوك إلى أصحابها وان استغرق الأمر عدة سنوات، شريطة تنفيذ خطة الاصلاحات الاقتصادية والمضي قدماً في إقرار مشروع قانون يعالج أوضاع المصارف.
وقال الشامي – المسؤول عن ملف الإصلاح الاقتصادي في لبنان والذي يزور البلاد بدعوة من مجلس الأعمال اللبناني في الكويت – إن تسريع وتيرة الاصلاح والحصول لاحقاً على دعم من صندوق النقد الدولي هما السبيل الأفضل لإعادة أموال المودعين والخروج من النفق المظلم الذي تواجهه البلاد.
أكد الشامي في حوار خاص مع القبس أن إعادة هيكلة المصارف ستؤدي إلى تخفيض «اقتصاد الكاش» في لبنان الذي يشكل حالياً عقبة كبيرة من ناحية التهرب الضريبي وامكانية استخدامه في عمليات تبييض الأموال، والذي قد يؤدي في حال عدم مكافحته إلى وضع لبنان على «اللائحة الرمادية» من قبل مجموعة العمل المالي (فاتف) المعنية بمراقبة الجرائم المالية الدولية.
وبينما كشف أن خسائر لبنان جراء العدوان الصهيوني على جنوبه تقدر حتى الآن بأكثر من مليار دولار، أكد أن القطاع السياحي لم يتأثر بالدرجة المتوقعة، لأن غالبية السياح هم لبنانيون لا يهابون السفر إلى بلادهم في ظل الأوضاع الحالية على عكس الزوار من الدول الأخرى.
وشدد الشامي – الذي شغل في السابق منصب كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك الكويت الوطني بعد أن أمضى عشرين عاماً في صندوق النقد الدولي – على عمق العلاقات الأخوية والتاريخية التي تقوم على أسس صلبة من الأخوة والصداقة والثقة والاحترام بين لبنان والكويت، شاكرا الكويت على وقوفها الدائم الى جانب لبنان، وفي أحلك الظروف… وفي ما يلي تفاصيل الحوار:
** ما المهام والمسؤوليات الموكلة إليكم في الحكومة اللبنانية؟
عندما تشكلت الحكومة اللبنانية الأخيرة كانت مهمتي الأساسية الاهتمام بالشأن الاقتصادي اللبناني بحكم الخبرة الطويلة التي أملكها في هذا المجال، حيث أوكل إلي تحضير برنامج إصلاح إقتصادي ومالي ومناقشته مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة لتوفير المساعدات المالية. ولا يخفى على أحد بأن المرحلة الاقتصادية التي يمر بها لبنان حالياً هي الأصعب في تاريخ البلد، وهي ثالث أسوأ أزمة في العالم، وفق ما ذكر البنك الدولي. ووفق تقرير للبنك الدولي الذي من المتوقع نشره قريباً، فإن نسبة الفقر بين اللبنانيين تضاعفت بنحو %100 ما بين عامي 2012 و2022، أي ما يقارب نصف اللبنانيين. وعلى ضوء هذه الأوضاع والأزمات المتتالية، توصلنا الى ابرام اتفاق على صعيد الموظفين مع صندوق النقد في أبريل 2022. ولكن لم نتوصل بعد الى الاتفاق النهائي مع الصندوق لأننا لم ننته بعد من تنفيذ جميع الإجراءات المسبقة كشرط للوصول الى هذا الاتفاق.
** ما مصير ودائع اللبنانيين في المصارف؟
أزمة الودائع كانت موجودة قبل أن تتشكل الحكومة الحالية وذلك نتيجة سياسات مالية ونقدية خاطئة على مر السنين نتجت عنها فجوة مالية كبيرة في القطاع المصرفي ناهزت الـ 70 مليار دولار، وهي الفرق بين الودائع بالدولار الأمريكي وما تبقى من أصول اجنبية في القطاع المصرفي. ونحن نحاول منذ تشكيل الحكومة إيجاد أفضل الحلول لتحرير هذ الودائع بأقل كلفة ممكنة على المودعين. وفي هذا الشأن فان مشروع قانون هيكلة المصارف ومعالجة الفجوة المالية واستعادة الثقة في هذا القطاع سيساهم في انصاف المودعين. وكلما أسرعنا في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة تحررت الودائع بسرعة أكبر.
أما في ما خص مشاريع القوانين التي أحيلت الى مجلس النواب والمتعلقة باستعمال أصول الدولة، فاني أوافق الرأي على أن القطاع الخاص أكثر قدرة على إدارة أصول الدولة اللبنانية، لأنه وبشكل عام أكثر فعالية وانتاجية من القطاع العام، ولكن وضع هذه المشاريع موضع التنفيذ يستغرق وقتا طويلا، ولهذا يجب البدء بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة بأسرع وقت ممكن وفي نفس الوقت نعمل على إقرار القوانين المطلوبة.