نمو ملحوظ للخدمات المصرفية الاسلامية مع تنامي تأثيرها العالمي المتزايد
(الدستور)-05/11/2024
شهدت الخدمات المصرفية الإسلامية نموا ملحوظا في العقود الأخيرة، حيث أثبتت نفسها كلاعب مهم بالقطاع المالي العالمي. وتقدم البنوك الإسلامية، التي تستمد جذورها من الشريعة الإسلامية، خدمات مالية تلتزم بالمبادئ الأخلاقية والمعنوية للإسلام، مما يميزها عن البنوك التقليدية، ويمتد نفوذها إلى -ما هو أبعد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة- الأسواق الغربية، مما يعكس تأثيرها العالمي المتزايد.
وكان العام الماضي عاماً قويا للمؤسسات المالية الإسلامية، حيث استفادت من الاستثمار بالتكنولوجيا والقدرات الرقمية لتعزيز النمو واكتساب العملاء. وساعد التقدم بالخدمات المصرفية الرقمية في إبقاء التكاليف تحت السيطرة، وأدى ذلك لزيادة توافد العملاء من البنوك التقليدية إلى المؤسسات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وخاصة بين جيل الشباب الباحثين عن التمويل الحلال لمشاريعهم وحياتهم. وتظل الخدمات المصرفية للأفراد حجر الزاوية في معظم المؤسسات المالية الإسلامية، لكن العديد منها تعمل على تعزيز منتجاتها المصرفية التجارية.
وقد ارتفعت الميزانيات العمومية للبنوك الإسلامية بنحو 8% العام الماضي، وهو ما يقل قليلا عن النمو العام السابق، لكنه يظل أعلى من نمو أصول البنوك التقليدية. ويظل الوضع العام للبنوك الإسلامية جيدا للغاية، حيث تبلغ نسبة القروض المتعثرة نحو 3%، وفق ما ذكرت مجلة غلوبال فاينانس.
وبلغ إجمالي أصول أكبر 100 بنك إسلامي 1.57 تريليون دولار، وصافي التمويل تريليون دولار، والودائع 1.15 تريليون دولار، ووصل صافي الأرباح إلى 24.4 مليار دولار. ويشمل التصنيف 45 بنكا إسلاميا آسيويا، و42 بنكا إسلاميا من الشرق الأوسط، و9 بنوك إسلامية أوروبية، و4 بنوك إسلامية أفريقية، وفق ما ذكرت منصة «تاب إنسايتس».
ويكشف تحليل أداء أكبر 10 بنوك إسلامية عن تمثيل جغرافي متنوع، حيث تستضيف كلا من السعودية والإمارات وقطر والكويت وماليزيا أبرز اللاعبين. وتستحوذ بنوك الشرق الأوسط على حصة مهيمنة تبلغ 71.6% من أصول أكبر 100 بنك إسلامي «بحسب موقع الجزيرة» في العالم، وهو ما يفوق بشكل كبير حصة نظيراتها الآسيوية البالغة 24.3%، وفق ما ذكر المصدر السابق.
وتستمر الأصول الإجمالية لصناعة التمويل الإسلامي العالمية في مسار نموها التصاعدي، وتتوقع وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيفات الائتمانية نموا مرتفعا عامي 2024 و2025 .
ووفق تقرير مجلة غلوبال فاينانس، تصدر بيت التمويل الخليجي قائمة أفضل 10 بنوك إسلامية في العالم خلال العام الحالي، وذلك بفضل الابتكار في التمويل والانتشار الجغرافي العمليات القوية. وقد حصل بيت التمويل الكويتي (بيتك) على لقب أفضل مؤسسة مالية إسلامية على مستوى العالم، حسب تصنيف مجلة غلوبال فاينانس بفضل الابتكار في التمويل الإسلامي والانتشار الجغرافي الواسع والعمليات المالية القوية.
ويعد «بيتك» ثاني أكبر بنك إسلامي على مستوى العالم، حيث يقدم خدماته للعملاء بالشرق الأوسط وآسيا وأوروبا من خلال قنوات توزيع واسعة النطاق. ولديه فروع وشركات تابعة في الكويت وتركيا ومصر والبحرين والعراق وماليزيا والمملكة المتحدة وألمانيا.
وبلغ إجمالي أصوله 124 مليار دولار نهاية عام 2023 حيث قفز صافي الربح إلى 2.2 مليار دولار من 1.4 مليار، بعائد على الأصول المتوسطة بنسبة 1.8%.
ويحافظ «بيتك» على مكانته الرائدة في مجال الخدمات المصرفية الإسلامية للشركات. ففي العام الماضي، نجحت المجموعة في قيادة وترتيب إصدارات صكوك تجاوزت قيمتها 4 مليارات دولار لصالح مجموعة متنوعة من العملاء المصدرين، شملت إصدارات سيادية وشركات عبر قطاعات ومناطق جغرافية متعددة.
أما بنكالراجحي فهوأكبر بنك إسلامي في العالم بأصول تبلغ 216 مليار دولار، أي ما يعادل 21.8% من إجمالي أصول البنوك في السعودية، وحقوق ملكية تبلغ 28 مليار دولار. ولديه فروع وشركات تابعة في كل من الأردن وماليزيا والكويت إلى جانب قاعدته الواسعة في السعودية. كما ارتفعت محفظة تمويل الشركات والمشاريع الصغيرة والمتوسطة لدى البنك عام 2023 بنسبة 20.7% و22.8% على التوالي.
ويعد بنك الراجحي رائدا في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية للأفراد، حيث يقدم خبرات كبيرة في الخدمات المصرفية للأفراد المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.وقد حصل على جائزة أفضل بنك إسلامي للأفراد بناءً على أدائه القوي في مجال الخدمات المصرفية للأفراد والابتكار في عملياته.ويهيمن «الراجحي» على سوق التمويل بالتجزئة في السعودية بحصة 41%، ويدير أكثر من 800 مليون معاملة وأكبر حصة من التحويلات المالية شهريا.
أما في المرتبة الثالثة، بنك ماي الإسلامي و هو أفضل بنك إسلامي للشركات الصغيرة والمتوسطة، وأفضل مزود لتمويل التجارة الإسلامية. وهو البنك الأكبر شرق آسيا من حيث إجمالي الأصول، والتي تبلغ أكثر من 67 مليار دولار. ونجح هذا البنك الماليزي في ترسيخ مكانته كقناة عالمية حيوية للعمليات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في ماليزيا والصين وسنغافورة وإندونيسيا وبروناي.
وقدم بنك ماي الإسلامي الماليزي «نظاما بيئيا حلالا» للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، من خلال منصة رقمية مدفوعة بالقيم.
وهو يدعم نمو الأعمال، وذلك من خلال حلول سلسلة التوريد الإسلامية التي تلبي احتياجات العملاء الرئيسيين وكذلك مورديهم والمشترين.
وأطلق هذا البنك برنامج تمويل الموردين الرقمي بالخريف لتسهيل الوصول إلى التمويل للموردين في النظام البيئي وتعزيز نمو الأعمال بالخارج. ونتيجة لذلك، شهد تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في «ماي بنك» نموا قويا على مدى السنوات القليلة الماضية.
ويأتي في المرتبة الرابعة بنك «سي آي إم بي» وهو فرع الخدمات المصرفية الإسلامية لمجموعة «سي آي إم بي» التي تركز عملياتها على منطقة «آسيان». ويتصدر «سي آي إم بي»(CIMB) الماليزي البنوك الإسلامية في مجال الصكوك العالمية، وسندات العملة المحلية في رابطة دول جنوب شرق آسيا، ويستحوذ على حصة سوقية تبلغ نحو 13% في الصكوك العالمية، وحصة سوقية تبلغ 28% بالصكوك بـ «الرينغيت» (العملة المحلية الماليزية .
والعام الماضي، نجح في إطلاق أكبر إصدار للصكوك بالدولار الأميركي من قبل دولة آسيوية، كما حقق أضيق فروق بأسعار الفائدة على السندات لأجل 5 و10 سنوات عند الإصدار من قبل دولة آسيوية للعام الثاني على التوالي.
ومن بين الإصدارات البارزة التي لعب فيها دورا مهما إصدار صكوك عالمية بقيمة ملياري دولار لصالح إندونيسيا والتي تضمنت شريحة خضراء بقيمة مليار دولار، وصكوكا بقيمة 750 مليون دولار أصدرتها شركة «الخزانة الوطنية» والتي تم الاكتتاب فيها بأكثر من 6 أضعاف، وصكوكا مضمونة من الدولة بقيمة 1.5 مليار رينغيت ماليزي لـ»شركة جوهر» وهي أول معاملة مضمونة من الدولة على الإطلاق.
وتبلغ أصول بنك أبو ظبي الإسلامي الذي تصدر المرتبة الخامسة 53 مليار دولار عام 2024 حسب مجلة فوربس. ويعد أحد البنوك الرائدة بالإمارات، وأحد أكبر البنوك الإسلامية على مستوى العالم من حيث الأصول. ويخدم البنك حاليا أكثر من 1.3 مليون عميل من خلال عرض متوازن يجمع بين تجربة عملاء مخصصة للغاية وخدمات مصرفية رقمية عالمية المستوى. ويمتلك أبوظبي الإسلامي واحدة من أكبر شبكات التوزيع في الدولة وعلى الصعيد الدولي، ويتمتع بحضور في 6 أسواق استراتيجية هي مصر والسعودية والمملكة المتحدة وقطر والسودان والعراق.
وهو أفضل بنك إسلامي في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية حسب تصنيف غلوبال فاينانس. وباعتباره إحدى المؤسسات المالية الإسلامية الرائدة بالعالم، وقد واصل البنك لعب دور حاسم في تعزيز التمويل المستدام بمنطقة الخليج العربي، وتسهيل حوالي 1.5 مليار دولار من المشاريع المستدامة عام 2023.
وحلت شركة إدارة الأصول العالمية «سدرة كابيتال» المرتبة السادسة ومقرها السعودية، وتوصف بأنها «مدير الصناديق الإسلامية الأكثر ابتكارا» لعام 2024.
وقد أطلقت «سدرة كابيتال» سلسلة من المشاريع الجديدة عام 2023، بما في ذلك شركتها الأولى «سدرة آسيان أوبورتيونيتيز» في سنغافورة. وتركز هذه الشركة الجديدة على تسهيل سلاسل توريد السلع عبر الحدود من خلال خطابات اعتماد غير قابلة للإلغاء وممولة بالكامل، وتستهدف على وجه التحديد الطلب المرتفع على الوقود الصلب لدى منتجين إندونيسيين مختارين.
والعام الماضي، استحوذت على منطقة «يوروكاب» الصناعية والتجارية شمال فرنسا، وهي عقار مجاور لمحطة سكة حديد «يوروتانيل» ويتألف من 23 مبنى على مساحة 130 فدانا، مما يوفر مجموعة واسعة من خيارات العقارات للمستأجرين. كما استحوذت أيضا على «لندن سكوير» وهو مبنى مكاتب في جيلدفورد بالمملكة المتحدة، مقابل ما يزيد قليلا على 40 مليون جنيه إسترليني.
أما مجموعة «جي إف إتش» المالية، المعروفة سابقا باسم بيت التمويل الخليجي، هي أفضل بنك استثماري إسلامي حسب تصنيف مجلة غلوبال فاينانس. وتتميز المجموعة التي تتخذ من البحرين مقرا لها، بتطوير منتجاتها وطرحها، حيث سجلت سلسلة من الصفقات الناجحة عام 2023، بما في ذلك طرح «منصة الرعاية الصحية الإقليمية» (Healian).
وقد وسعت «جي إف إتش» حضورها العالمي بشكل كبير العام الماضي، ويجسد استحواذها على «بيج سكاي» لإدارة الأصول، وهي شركة رائدة في مجال العقارات الصحية بالولايات المتحدة، تركيز المجموعة على الأسواق العالمية الجذابة.
وتمثل «بيج سكاي» ثالث شركة لإدارة الأصول الدولية تستحوذ عليها «جي إف إتش» خلال السنوات الأخيرة، بعد شركتي «روبوك» لإدارة الأصول و»إس كيو» لإدارة الأصول، اللتين تستفيدان من الفرص القوية في الخدمات اللوجستية الأوروبية، وإسكان الطلاب بالولايات المتحدة على التوالي.
كما دخلت «جي إف إتش» في شراكة العام الماضي مع شركة إدارة الاستثمار «إكويتيكس» ومقرها المملكة المتحدة للاستثمار بشركة «أورورا إنفراستركتشر» التي تدير شبكتين رئيسيتين للكهرباء في فنلندا. كما شاركت المجموعة في الاستثمار لدى «سيبر باور» وهي شركة مربحة وعالية النمو تقدم خدمات البنية التحتية الكهربائية ومقرها مدينة هيوستن الأميركية.
وبالنسبة لبنك دخان الاسلامي القطري، يعتبرأفضل بنك إسلامي خاص لعام 2024 حسب تصنيف مجلة غلوبال فاينانس، ويبلغ إجمالي أصوله 114.2 مليار ريال قطري (31.33 مليار دولار حتى 30 يونيو/جزيران 2024.
ونشأ هذا البنك نتيجةً للاندماج الناجح بين بنكيْ بروة وقطر الدولي عام 2019، وبرز كواحد من أكبر المؤسسات المصرفية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية بالدولة، مستفيدا من الخبرة والتآزر المشترك لاثنين من اللاعبين الماليين الرائدين تحت مؤسسة واحدة.
ويركز عرض الخدمات المصرفية الخاصة لبنك دخان على الخدمات المبتكرة التي تركز على العملاء والمدعومة بتكنولوجيا قوية عبر محفظة شاملة من منتجات وخدمات التمويل والخدمات المصرفية والاستثمار للأفراد ذوي الثروات الضخمة.
ويركز بنك دخان على التحول الرقمي المعزز بشكل خاص على جذب جيل أكبر وأصغر سنا من العملاء.
وقد نمت أصول إدارة الثروات في هذا البنك بنسبة 17% العام الماضي، مما ساعد على زيادة حصته بالسوق.
أما بنك بوبيان الذي جاء في المرتبة العاشرة، فهو يركز على الخدمات المصرفية للأفراد والتكنولوجيا، ويزيد حصته في السوق مقارنة بالبنوك التقليدية والإسلامية بالكويت، من خلال تركيزه على ابتكار منتجات وخدمات رقمية مبتكرة لعملائه.
ويُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره مبتكرا يتمتع بعلامة تجارية قوية وخدمة عملاء ممتازة، وقد أثبت نفسه كرائد في تلبية احتياجات الفئة العمرية تحت سن 30 عاما، وساعد ذلك المؤسسة التي تبلغ أصولها 27 مليار دولار على زيادة صافي الأرباح بنسبة 44% إلى 254 مليون دولار العام الماضي.
ويتميز بنك بوبيان باتساع التزامه بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، وتشمل المبادرات الاجتماعية تنمية الشباب وتطوير المنتجات التي تركز على النساء، ودمج مؤشرات الأداء الرئيسية الاجتماعية في تقييمات أداء الموظفين. وينشط البنك في القضايا الإنسانية والخيرية، بما في ذلك مبادرات مثل حملة «نور بوبيان» التي نجحت في استعادة الآلاف أبصارهم في العديد من البلدان الأفريقية.
ويعتبر البنك الكويتي التركي للمشاركة أكبر بنك إسلامي في تركيا بأصول تبلغ 24 مليار دولار، ويعمل في جميع أنحاء البلاد، بدعم من شبكة فروع كبيرة نسبيا.
ويعمل مكتب له في البحرين كجسر بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، كما يدير بنكا إسلاميا بألمانيا تحت اسم «كي تي بنك» (KT Bank).
وقد ارتفع صافي الربح بنسبة 37% عام 2023 إلى 1.3 مليار دولار.