هل تعيد المصارف ودائع السوريين دون غيرهم؟
(النهار)-20/02/2025
خلال اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس السوري أحمد الشرع في 11 كانون الثاني/يناير الماضي في دمشق، طرح ميقاتي موضوع عودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلادهم، فكان جواب الشرع “طولوا بالكم علينا شوي، متل ما نحنا مطولين بالنا على أزمة فقدان ودائع السوريين في لبنان”.
هذه الودائع، وإن لم يقدّر الشرع حجمها، إلا أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد كان قدّرها بما بين 20 و40 مليار دولار. أما مصادر المصارف اللبنانية فتؤكد أن حجم الودائع عموما في لبنان هو نحو 88.5 مليار دولار، بينها نحو 68 مليارا للمقيمين و20.5 مليارا لغير المقيمين (نصفهم تقريبا لبنانيون). وفيما ليس ثمة أرقام رسمية عن حجم الودائع لكل جنسية على حدة، قدرت المصادر حجم ودائع السوريين بما بين مليارين و3.5 مليارات دولار، حدا أقصى.
وإذا كانت المطالبة بالودائع حقا مقدسا للمودعين، فإن السؤال هو: هل يمكن إعادة ودائع السوريين تحديدا بمعزل عن بقية الودائع؟ ثمة إجماع من المصرفيين وخبراء المال على أن أي معالجة لأزمة ودائع السوريين لن تكون حتما بمعزل عن مشكلة المودعين في لبنان عموما، لبنانيين وأجانب، مقيمين وغير مقيمين (استنادا إلى تعميم مصرف لبنان رقم 24 (القرار الأساسي رقم 6170 تاريخ 17 أيار/مايو 1996 الذي طلب من المصارف والمؤسسات المالية كافة العاملة في لبنان تصنيف زبائنها وعملائها بين “مقيم” و”غير مقيم”). فيما كان الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود قد جزم في حديث إلى “النهار” أن “النظام السوري السابق لم يودع أمواله في لبنان، وأصبح معروفا أنها ذهبت على شكل استثمارات إلى روسيا والإمارات العربية المتحدة”.
وفي السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي لـ”النهار”، أن الودائع السورية كما غيرها من الودائع تخضع للسرية المصرفية، وتاليا لا يمكن معرفة هوية المودعين ولا جنسياتهم أو حجم ودائعهم إلا بقرار قضائي. وفي حال صدور القرار لمصلحة المدّعين فإن الأموال ستعود إلى المودعين الأفراد، لا إلى الدولة السورية التي يقتصر دورها على المطالبة الشفوية بأموال مواطنيها، مع الأخذ في الاعتبار أن بعض المودعين السوريين، أيام النظام السوري السابق، لم يفتحوا حسابات بأسمائهم خوفا من العقوبات الأميركية، علما أن البعض، وخصوصا الذين تزوجوا من لبنانيات، فتحوا حسابات بأسماء زوجاتهم.
أما المطالبة برد الودائع لأي مودع من أي جنسية كانت، فتتطلب خطة واضحة لرد الأموال لكل المودعين، إذ لا يمكن التفريق بينهم، أو الفصل بين الودائع وإعطاء جنسية محددة على حساب جنسية أخرى، والأمر عينه ينطبق على حملة سندات اليوروبوندز.
وفي حين يستند البعض إلى أن الأموال المودعة في المصارف اللبنانية تعود إلى النظام السوري السابق وتاليا يجب وضع اليد عليها، يؤكد جباعي أن “هذا الكلام لا يعدو كونه ذرا للرماد في العيون”. وفيما يتم تداول أرقام تتعلق بالودائع السورية تصل إلى 40 مليار دولار، يقول جباعي إن هذه الأرقام مبالغ فيها حتما ولا يمكن التكهن بدقتها، علما أن كل ما تبقى من ودائع في لبنان يصل حجمه إلى 86 مليار دولار، وتاليا يستحيل أن يصل حجم الودائع السورية إلى نحو 50% من الودائع ككل.
ولكن هل يحق للسلطات السورية المطالبة بأموال المودعين السوريين؟ يجيب جباعي بأن “الوديعة ملكية فردية، ولا يحق لأي سلطة سياسية، لبنانية كانت أم سورية أن تطالب بها”.
وبالسؤال عن تحديد حجم الودائع السورية في لبنان، يشير رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية الدكتور منير راشد إلى أن “كل مصرف على حدة يعرف حجم ودائع السوريين لديه، ويمكن المصرف المركزي أن يسأل عن حجمها في كل المصارف ليصار إلى جمعها”.