وزير الماليةالأردني: رفع التصنيف الائتماني للمملكة لن يكون مبررًا لمزيد من الديون
(الدستور)-17/05/2024
عقدت جمعية البنوك في الأردن، لقاء حواريا، للحديث ضمن الإيجاز الربعي الثاني لعام 2024، حول رفع التصنيف الائتماني للأردن من قبل وكالة موديز إلى Ba3 بنظرة مستقبلية مستقرة، بحضور وزير المالية، الدكتور محمد العسعس، ومحافظ البنك المركزي الدكتور عادل شركس، إضافة إلى عدد من القيادات المصرفية والاقتصادية.
وقال وزير المالية، إن هذا الإنجاز هو نتيجة تراكمية للجهود المبذولة من قبل جميع الجهات المعنية، والتي تضمنت مؤسسات وطنية واقتصادية رائدة.
وأضاف: رفع التصنيف الائتماني للأردن يأتي في وقت تعاني فيه دول أخرى من خفض تصنيفاتها، أو تحارب من أجل الحفاظ على ثباتها، خاصة بعد الهزات الاقتصادية الهائلة التي شهدها العالم بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.»
وتطرق العسعس إلى التحديات التي واجهها الاقتصاد الأردني في ظل الأزمات العالمية، مثل التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وكذلك الاضطرابات الإقليمية في غزة.
وأكد أن هذه العوامل لم تمنع الأردن من تحقيق هذا الإنجاز، بل زادته عزيمة وإصرارًا على تحسين أوضاعه الاقتصادية.
وأوضح العسعس أن رفع التصنيف يعكس الثقة العالمية في الاقتصاد الأردني، ويعزز جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية، ويساعد الحكومة في الوصول الى الأسواق العالمية والحصول على مميزات ائتمانية مستقبلاً ويعزز من فرص النمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن وكالة موديز استندت في تقييمها إلى مجموعة من المعايير، من بينها قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وتنافسية الاقتصاد، وفاعلية السياسات الحكومية.
وأكد أن هذا التحسن في التصنيف ليس مجرد إنجاز حكومي، بل هو نتاج عمل جماعي يضم جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، خصوصا القطاع المصرفي.
وأكد العسعس على دور رؤية التحديث الاقتصادي الوطنية التي ساهمت في توحيد الجهود ووضع إطار شامل لبناء مستقبل أفضل.
وأضاف أن هذه الرؤية كانت لها دور كبير في تحقيق هذا الإنجاز، مشيرًا إلى أن العمل الجماعي والمثابرة هما مفتاح النجاح.
وأوضح العسعس ان القيادة الحكيمة لجلالة الملك كانت الأساس في أكثر من جانب أبرزها الدعم والمساندة جانب الإصلاح الذي تقوم به الحكومة.
وأشار العسعس إلى الجهود الحكومية المشتركة مع البنك المركزي في التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتجديد البرنامج السابق، موضحًا أن الأردن تمكن من إنهاء ست مراجعات بنجاح، بينما لم تتمكن دول أخرى من إتمام، ولو مراجعة واحدة بسبب الظروف العالمية.
وفي رده على سؤال، حول ان رفع التصنيف يرفع شهية الحكومة لمزيد من الاقتراض، شدد الوزير العسعس ان الاقتراض يخضع لقانون الدين، ولا يجوز اقتراض أي فلس إضافي دون الخضوع للقانون الذي يضع سقفا للمديونية.
بدوره، أكد محافظ البنك المركزي أن قيام وكالة موديز برفع التصنيف الائتماني للأردن يأتي كثمرة نجاح توكد سلامة نهج السياسات الاقتصادية المُطبقة في الأردن، التي عززت من منعة الاقتصاد وقدرته على الصمود في وجه التحديات. مؤكداً على أن هذا الانجاز تزداد قيمته مع توقيت تحقيقه، الذي يأتي في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي بسبب استمرار تداعيات الحرب في غزة. مُشيراً إلى أن هذا الإنجاز ما كان ليأتي لولا تظافر الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومة والبنك المركزي.
وعلى صعيد السياسة النقدية، قال الشركس، إن مؤسسات التصنيف الائتماني تنظر للسياسة النقدية كعامل ثقة واستقرار للاقتصاد، وشرط مُسبق للنمو والتنمية، وعامل هام ينعكس تأثيره على أداء مُجمل المؤشرات الاقتصادية الأخرى، مُشيراً إلى أن السياسة النقدية للبنك المركزي نجحت على مدى أكثر من عقدين في الحفاظ على الاستقرار النقدي، رغم كل التحديات التي تعرض لها الأردن والمنطقة خلال هذه الفترة، وتمكنت من الاستجابة بمرونة واستباقية للتحديات التي واجهناها خلال الأعوام الماضية، مؤكداً على أن هذه الاستجابة مدعومة باستقلالية عالية للبنك المركزي في تنفيذ سياسته النقدية، كانت من بين العوامل الهامة التي ركز عليها تقييم وكالة موديز في رفع تصنيفها الائتماني للأردن.
وحول أداء المؤشرات النقدية، أشار الشركس إلى المؤشرات النقدية اليوم تظهر بوضوح نجاعة السياسة النقدية للبنك المركزي في التعامل مع الضغوط التضخمية وما رافقها من سياسات نقدية مُتشددة عالمياً خلال العاميين الماضيين، والتي من أبرزها الاتجاه المُستمر للانخفاض في معدل الدولرة، والذي يُعد مؤشراً على الثقة بالعملة المحلية، ليصل إلى 18.0% في نهاية شهر آذار 2024، قياساً بمستويات فاقت 20% قبل تداعيات الجائحة في عام 2020، إلى جانب التنامي الملحوظ في الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي، والتي تبلغ حالياً نحو 19مليار دولار، تغطي 8.2 شهراً من مستوردات المملكة من السلع والخدمات.
وأكد شركس على أن النجاح في إدارة الموجة التضخمية خلال العامين الماضيين عبر التكامل بين قرارات السياسة النقدية للبنك المركزي مع الإجراءات الحكومية المُتعددة على هذا الصعيد، ساهم في دعم رفع التصنيف الائتماني للمملكة؛ إذ بقي معدل التضخم ضمن حدود معقولة بلغت 1.6% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، قياساً بمعدل بلغ 4.2% في ذروة الموجة التضخمية خلال عام 2022.
وأكد شركس على أن الاقتصاد الوطني أظهر مرونة واضحة على الرغم من التحديات الاخيرة، إذ سجل نمواً بنسبة 2.9% بالمتوسط، خلال الأعوام الثلاثة الاخيرة، وهو ما سينعكس، بكل تأكيد، بإيجابية على التوقعات الاقتصادية لعام 2024 وايضاً على المدى المتوسط. مشيراً إلى توقعات البنك المركزي تُشير إلى تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 2.4% للعام الحالي، مقارنة مع 2.6% في عام 2023، وهو معدل نمو جيد في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي التي تشهده المنقطة والتي انعكست على أداء مؤشرات القطاع الخارجي، لا سيما الدخل السياحي، مُشيراً إلى أن الاقتصاد الوطني يمتلك خارطة طريق للتعامل مع التحديات القائمة عبر البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ورؤية واضحة للاقتصاد عبر رؤية التحديث الاقتصادي، مما يضع الأردن على مسار النمو التصاعدي.
وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، باسم خليل السالم، أن رفع التصنيف يعكس الثقة العالية في الاقتصاد الوطني والمالية العامة، كما يعزز من جاذبية الأردن للاستثمارات الأجنبية، ويعطي إشارات إيجابية للأسواق العالمية والمؤسسات الدولية والمستثمرين والجهات المانحة.
وأضاف أن هذه الخطوة تؤكد أن الأردن يتمتع بأمن واستقرار قويين، مما مكنه من تجاوز مختلف الظروف الصعبة والصدمات السابقة بحكمة واقتدار، مدعومًا بمؤسسات قوية وسياسات حصيفة.
كما أشاد السالم بالقطاع المصرفي مباركا للبنوك التي رفعُ تصنيفها من قبلِ وكالةِ موديز قبلَ يومين، وهي البنك العربي وبنك الإسكان وكابيتال بنك، والذي جاءِ كنتيجةٍ مباشرةٍ لرفعٍ التصنيفِ الائتمانِّي للمملكة.
بدوره شدد مدير عام جمعية البنوك، الدكتور ماهر المحروق، على ان رفع التصنيف الائتماني للأردن، اعتمد على مجموعة من المعايير الرئيسية التي شملت القدرة على السداد، وأداء الاقتصاد الوطني، السياسات الحكومية، ومستوى الديون ومصادر التمويل، إضافة إلى التنافسية الاقتصادية والمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.
وذكر المحروق أن تقرير التصنيف الائتماني أشار إلى عدة عوامل مبررة لرفع التصنيف الائتماني للأردن، منها السجل الطويل للإدارة الفعالة للاقتصاد الكلي، التدابير المالية العامة، وتدابير تخفيف المخاطر.
وأشار المحروق إلى وجود مؤسسات قوية لصنع السياسات الاقتصادية الكلية والمالية، والدعم المالي والفني الدولي القوي من مجموعة واسعة من شركاء التنمية، فضلاً عن القدرة الفعالة على الوصول إلى الأسواق المحلية.