«يوم التأسيس» ورحلة التحول من المليون إلى التريليون في 300 عام
(الإقتصادية)-22/02/2024
من المليون إلى التريليون، جملة تختصر 300 عام للدولة السعودية، فمنذ التأسيس 1727 حتى اكتشاف النفط في 1938، كانت إيرادات الدولة تعتمد على الزكاة والهبات من التجار، إضافة إلى الإعانات والدعم الذي يقدمه الحاكم من أمواله الخاصة في حال اقتضت الظروف ذلك.
واستند هيكل الاقتصاد السعودي في تلك المراحل على الثروة الحيوانية بشكل رئيس، وعلى الزراعة قليلا، حتى اكتشاف النفط الذي أصبح رافدا من روافد الدخل الرئيسة.
في عام 1934 كانت أول ميزانية للدولة بنحو 14 مليون ريال، وحتى 1972 لم تتجاوز الميزانية الـ10 مليارات، بينما تطورت تدريجيا لتصل لأول مرة إلى تريليون ريال في عام 2014 بالتزامن مع وصول أسعار النفط لأعلى مستوياتها تاريخيا، ما منح الدولة القدرة على ضخ مزيد من النفقات والصرف على المشاريع، ولا سيما مع تجاوز إنتاج النفط السعودي التسعة ملايين برميل يوميا، بعد أن كان أكثر قليلا من المليون برميل في 1960.
الميزانيات التريليونية في الأعوام الأخيرة تتجاوز 80000 ضعف أول ميزانية، وتوسع الاقتصاد السعودي حتى تضاعف أكثر من 170 مرة أخر خمسة عقود تقريبا، حيث كان نحو 24 مليارا في 1970، بينما تجاوز الأربعة تريليونات في 2022.
رؤية 2030 التى اطلقت في 2016 كانت بمنزلة النفط الجديد للسعودية، على الرغم من أن هدفها الرئيس الابتعاد عن النفط وتنويع مصادر الدخل للبلاد، فتطورت القطاعات غير النفطية من سياحة وترفيه وصناعة وزراعة حتى أصبحت الإيرادات غير النفطية تشكل 38% من الإيرادات في 2023 بعد أن كانت 7% في 2011.
على صعيد الناتج، تطور حجم الاقتصاد من 24 مليار ريال فقط في عام 1970 ليتجاوز التريليون ريال لأول مرة في 2005، والتريليوني ريال في 2011، والثلاثة تريليونات في 2018، حتى تجاوز الأربعة تريليونات في 2022 للناتج المحلي بالأسعار الجارية.
فيما أثمرت برامج الرؤية دفع الاقتصاد للنمو في 2022 بأسرع وتيرة بين دول مجموعة العشرين عند 8.7%، وبات القطاع غير النفطي يلعب دورا رئيسا في الاقتصاد مع تركيز الرؤية على القطاع الخاص لدفع عجلة الاقتصاد.
منذ عام 1970 “خلال 53 عاما”، حقق الناتج المحلي الإجمالي معدلات نمو أعلى من 7.5% خلال 14 مرة، كان معظمها فترة السبعينيات التي كانت أكبر طفرة لنمو الاقتصاد السعودي أو يمكن تسميته بمرحلة الازدهار، مع الارتفاعات الكبيرة التي شهدها إنتاج وأسعار النفط، بعدما كانت أسعار الخام دون ثلاثة دولارات حتى 1970.
لكن مع نهاية عام 1974 قفز السعر 400% إلى 12 دولارا للبرميل بعد أن حظرت الدول العربية تصدير النفط الخام إلى الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية ردا على دعمها لإسرائيل خلال حربها مع العرب، ثم الحرب بين إيران والعراق، ما رفع الأسعار لأكثر من 35 دولارا للبرميل، قبل أن تنهار دون الـ10 دولارات في فترة الثمانينيات مع دفع الاقتصاد السعودي للانكماش مع اعتماده حينها على النفط بشكل رئيس.
هذا الحال تغير الآن، فالرؤية أثمرت تنويعا للاقتصاد، يلعب فيه القطاع غير النفطي دورا بارزا، وقطعت السعودية شوطا كبيرا في تنويع مصادر الدخل حتى أصبحت الإيرادات غير النفطية تغطي 35% من الإنفاق بعد أن كان لا يتجاوز 10% في السابق.