196.3 مليار دولار الاستثمار الأجنبي المباشر بالإمارات في 10 سنوات
(البيان)-28/07/2025
حققت دولة الإمارات أكبر رقم في تاريخها لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، بقيمة 167.6 مليار درهم (45.6 مليار دولار) عام 2024، بنسبة زيادة تصل إلى 430 %، مقارنة بعام 2015، الذي سجل 31.6 مليار درهم (8.5 مليارات دولار)، وبمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.5 %، خلال السنوات العشر الماضية، بحسب البيانات الواردة في تقرير الاستثمار العالمي لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد».
وبحسب رصد «البيان»، وصلت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات خلال السنوات العشر الأخيرة منذ عام 2015، إلى حوالي 196.3 مليار دولار (720.5 مليار درهم).
وأظهر رصد «البيان»، أن إجمالي الاستثمار الأجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي بلغ 73.6 مليار دولار، لتصل حصة الإمارات إلى 62 % من الاستثمار الأجنبي، في دول التعاون الخليجي مجتمعة.
وبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي في غرب آسيا نحو 82.08 مليار دولار، لتعادل حصة الإمارات أكثر من 55.6 % من الاستثمار الأجنبي في غرب قارة آسيا، وتمثل نحو 37 % من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتحتل الإمارات المرتبة العاشرة عالمياً، كأكبر وجهة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة في العالم – وفق تقرير «أونكتاد».
وبحسب بيانات وزارة الاستثمار، سجلت الإمارات في عام 2024، دخول 200 ألف رخصة اقتصادية جديدة، تعمل في أنشطة اقتصادية متنوعة، في ظل وجود أكثر من 1.1 مليون شركة ومؤسسة اقتصادية تعمل في الأسواق الإماراتية.
وبحسب نتائج مؤشر «كيرني» لعام 2025، جاءت الإمارات في المرتبة الثانية عالمياً بين الأسواق الناشئة، من حيث ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر، لترسخ الدولة موقعها إحدى الوجهات الاستثمارية الأكثر تفضيلاً حول العالم.
بيئة استثمارية
وأكد عدد من خبراء الاقتصاد في تصريحات لـ (البيان)، أن الإمارات سجلت أرقاماً قياسية غير مسبوقة، وتبوأت مكانة مرموقة على خريطة الاستثمار العالمي، وتمكنت من تجهيز البنية التحتية والتشريعية، لتوفر بيئة استثمارية مرنة وجاذبة للاستثمارات ورجال الأعمال في جميع القطاعات، وحافظت على مكانتها العالمية، لترتفع قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الدولة لأعلى مستوياتها، بفضل الاقتصاد القوي، وكفاءة قيادتها، وأنظمتها القانونية، والتنظيمية.
أوضح الخبراء أن الأرقام القياسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات، تعكس الطفرات النوعية التي يشهدها الاقتصاد الوطني.
وأشاروا إلى أن الدولة عززت مكانتها الرائدة، باعتبارها وجهة للاستثمارات الأجنبية، ومركزاً دولياً للتجارة، في ظل ما توفره من بيئة أعمال مثالية للمستثمرين ورواد الأعمال، وبناء شراكات مع دول مهمة على خريطة الاقتصاد العالمي.
الجاذبية الاستثمارية
وقال الخبير والمحلل المالي وضاح الطه لـ«البيان»، إن دولة الإمارات تتصدر المنطقة منذ سنوات، في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفق تقرير منظمة «الأونكتاد» التابعة للأمم المتحدة لعام 2024. وأوضح أن الأرقام تشير إلى قفزة في الاستثمار الأجنبي المباشر في الإمارات، تجاوزت 45 مليار دولار، مشيراً إلى أن الإمارات تتصدر دول المنطقة بشكل واضح.
وتابع: هناك تقدم في منطقة الشرق الأوسط وفي شمال أفريقيا أيضاً، رغم أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم انخفضت – بحسب التقرير – بحدود 11 %، لتصل إلى تريليون و490 ملياراً تقريباً.
وأضاف أن هناك مناطق مهمة في العالم انخفضت بها الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأكبر انخفاض شهدته القارة الأوروبية، بحدود 58 %، وكذلك في آسيا تراجعت الاستثمارات.
وأشار إلى أن ما حدث في الإمارات، كان بحق قفزة، وهذا يدل على الجاذبية الاستثمارية للدولة، وهذه لم تأتِ من فراغ، فهناك دعامات ومحاور وأوتاد قوية لتلك الجاذبية، أهمها البنية التحتية القوية، والبنية التشريعية أو الهيكل التشريعي والمرونة التشريعية، والقدرة على الاستجابة الفورية للمتغيرات العالمية، بالإضافة إلى ثبات العملة، لارتباطها بالدولار، والاستقرار الاجتماعي، وتوفر الكفاءات، والموقع الجغرافي، وسهولة التنقل، كل هذه عوامل جاذبة، والحقيقة لاحظنا أيضاً مدى انتقال الكثير من المليونيرات في العالم خلال أزمة (كورونا)، واستمر هذا النهج، وانتقال أصحاب الثروات إلى الإمارات، وكل هذه العوامل تؤدي إلى خلق جاذبية.
مضيفاً أن الإمارات لديها قدرة في إدارة هذا الملف، واستدامة عنصر الجاذبية.
وقال: إذا تابعنا الأرقام من 1990، وعلى مدار سلسلة زمنية طويلة، 34 سنة، حدث خلالها الانخفاض مرة واحدة أو مرتين، ولكن السنوات الأخيرة، كان هناك ارتفاع، خصوصاً في 2024، كانت قفزة كبيرة.
أوراق قوة
ويرى الخبير الاقتصادي جمال بن سيف الجروان، أن الإمارات تعزز جاذبيتها أمام المستثمرين الأجانب بشكل لافت، بما لديها من أوراق قوة متعددة، مشيراً إلى وجود محركات للنمو، منها السماح بملكية أجنبية 100 %، وتبسيط إجراءات التأسيس والملكية، بالإضافة إلى تنوع القطاعات المستهدفة بالاستثمارات، لتشمل خدمات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات التجارية، والطاقة المتجددة، والعقارات.
وأضاف أن دولة الإمارات لديها استراتيجية وطنية 2031، تهدف إلى مضاعفة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية، وتحقيق تراكم استثمار أجنبي قيمته 2.2 تريليون درهم، بحلول 2031، وتعزيز الشراكات التجارية الدولية.
وأوضح أن هناك العديد من العوامل التي تعزز ثقة المستثمر الأجنبي، منها وجود بيئة استثمار مستقرة وشفافة، وإطار قانوني قوي، مثل مركز دبي للتحكيم الدولي، مشيراً إلى أن الدولة تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في جذب المهارات المتقدمة، والثالثة في مجال مواهب الذكاء الاصطناعي.
وقال: الخلاصة، الإمارات جاذبة بما لديها من بيئة شاملة، تدعم الاستثمار الأجنبي، ورؤية طويلة الأمد نحو اقتصاد مستدام ومتنوع، ومكانة متقدمة في جذب المستثمرين العالميين والمشاريع الجديدة.
وحول رؤيته للمستقبل، أكد الجروان أن الإمارات على الطريق، سوف تجاوز أهدافها لعام 2031، من حيث التراكم الاستثماري وقوة المشاريع، مشيراً إلى ضرورة استمرار تطبيق الحوافز، وتعزيز الشفافية، وتوسيع نطاق القطاعات ذات القيمة المضافة.
السياسات التنموية
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد الدرمكي، أن دولة الإمارات استطاعت خلال العشر سنوات الماضية، تعزيز وتنمية البيئة الاستثمارية، والترويج لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، بما يتوافق مع السياسات التنموية للدولة، بهدف ترسيخ مكانة الدولة مركزاً جذباً رئيساً للاستثمار الأجنبي المباشر، على المستويين الإقليمي والعالمي.
وأوضح أن الإمارات رسخت مكانتها وجهة جاذبة للاستثمارات، مشيراً إلى تطوير البيئة الاستثمارية، وإطلاق قطاعات جديدة للاستثمار، تشمل التكنولوجيا المالية، والتقنيات الزراعية المتطورة، والرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية، والتصنيع وغيرها.
وأشار إلى توسيع قاعدة الإنتاج وتنوعه، ونقل واستقطاب التكنولوجيا المتطورة والمعرفة في القطاعات ذات الأولوية، بما يحقق التنمية المتوازنة والمستدامة، وتوفير فرص عمل في المجالات المختلفة.
وأضاف أن الإمارات نجحت في تهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوحيد وتسهيل الإجراءات، وترخيص المشاريع الاستثمارية الأجنبية، وكذلك رصد ومتابعة وتقييم أداء الاستثمارات الأجنبية بالدولة، وكلها إجراءات ساهمت في النقلة النوعية لاستقطاب رؤوس أموال، ما أدى لتحقيق عائد أفضل، وقيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
الوقت المناسب
وقال الخبير الاقتصادي محمد الجابري: برزت دولة الإمارات – على مدى العقد الماضي – مركزاً عالمياً جاذباً للاستثمار الأجنبي المباشر، ورسّخت مكانتها نموذجاً إقليمياً للانفتاح الاقتصادي، بفضل تحديث التشريعات، وتعزيز ثقة المستثمرين في تحول استثنائي، تقف خلفه القيادة الرشيدة، والإصلاحات الاستراتيجية.
وأضاف أن تقارير المنظمات العالمية، تتضمن إنجازات غير مسبوقة بالنسبة لمشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر، التي حققتها الإمارات، تظهر مكانة الدولة، وترسخ مكانتها مركزاً دولياً للأعمال، ووجهة عالمية جاذبة لرؤوس الأموال والاستثمارات من مختلف دول العالم.
وقال الجابري: تحتضن الإمارات أكثر من 40 منطقة حرة، توفر للمستثمرين الأجانب حرية التملُّك الكامل للشركات بنسبة 100 %، وتمنح هذه المناطق حرية واسعة للمستثمرين في اختيار الموقع الأنسب لتأسيس شركاتهم، وفي مختلف إمارات الدولة، وحق ممارسة الأنشطة الاقتصادية، مع تقديم مزايا متعدّدة، منها الإعفاء الضريبي، ما يجعل الدولة بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية.
وأوضح أن الدولة تتخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، مشيراً إلى أن دمج اختصاصات السياحة ضمن وزارة الاقتصاد، خطوة محورية نحو توحيد الرؤية الوطنية.
وقال: تتطلع دولة الإمارات بثقة نحو المستقبل، من خلال تمكين القطاع الخاص، وتحفيز الابتكار، وتوسيع الشراكات الدولية، بما يرسّخ مكانتها مركزاً اقتصادياً وسياحياً عالمياً، يواكب تطلعات الأجيال القادمة.