استحقاقات دولية للاقتصاد السعودي
*عبدالحميد العمري
تتوالى الاستحقاقات العالمية واحدةً تلو الأخرى التي يحظى بها الاقتصاد السعودي، بالتزامن مع تتالي خطوات الإصلاحات والتغييرات الهيكلية التي بدأ تدشينها منذ أكثر من 8 أعوامٍ مضت تحت مظلة رؤية السعودية 2030، كان آخرها عن جدارةٍ واستحقاق الفوز باستضافة السعودية لبطولة كأس العالم 2034، التي سيأتي تنظيمها بعد نحو 10 أعوامٍ من تاريخه، سيكون الاقتصاد السعودي قد أنجز جميع برامج ومبادرات التحول وإعادة هيكلته وفقاً لرؤيته الإستراتيجية الراهنة.
وبالتأكيد أنه قد بدأ غمار تجارب أكبر في الاتجاه الصاعد بمقدرات وممكنات الاقتصاد الكلي، وصولاً إلى مستهدفاتٍ إستراتيجية أبعد بكثيرٍ مما تم إنجازه وفق الرؤية الأولى الراهنة، والتي ستحمل في مضامينها بالتأكيد مزيداً من تشاركية الاقتصاد السعودي مع الاقتصاد العالمي، ومزيداً من التطلعات والمستهدفات التي تتواكب مع حجمه الأكبر في ذلك التاريخ بعد نحو العقد الزمني من تاريخ اليوم.
تأتي قراءة وتحليل هذه الاستضافة التاريخية لواحدةٍ من أكبر البطولات الرياضية العالمية، بالتركيز أولاً على أنها أحد محفزات اندفاع الاقتصاد السعودي بقوةٍ أكبر نحو مستهدفاته المرسومة سلفاً، وأنّها جزءٌ لا يتجزأ من المشروع الاقتصادي العملاق للسعودية، الذي قام وما زال يقوم على إعادة هيكلية الاقتصاد الكلي وتنويع قاعدته الإنتاجية، بما يخفف اعتماده الكبير سابقاً على القطاع النفطي، ودفع إسهام القطاع الخاص إلى أن يتجاوز الـ65% بحلول 2030، ودفعها بدرجة أكبر فيما سيلي ذلك التاريخ إلى نسبٍ أعلى مما سيكون قد تحقق بمشيئة الله تعالى.
وهو الأمر الذي يحمل في طيّاته مزيداً من ضخ الاستثمارات واقتناص الفرص الواعدة في الاقتصاد السعودي، التي تجتذب الأموال من داخل السعودية وخارجها، ستعزز بدرجة كبيرةٍ من استدامة القطاع الإنتاجي في السعودية، وفي الوقت ذاته تزيد بدورها من توليد فرص العمل المجدية والجاذبة للموارد البشرية المواطنة، التي ستكبح بمزيدٍ من القوة على معدل البطالة بين المواطنين والمواطنات نحو الانخفاض لما دون مستهدفه الجديد في 2030 عند 5%، وهو الأمر الذي أصبح ممكناً وقابلاً للتحقق بعد أن تمكّنت سوق العمل المحلية من الاقتراب كثيراً من مستهدفه السابق 7% قبل حلول موعده بأكثر من 8 أعوام، وكل هذا في المجمل سيدفع إلى رفع الطلب الاستهلاكي والادخاري الداخلي إلى مستوياتٍ أعلى مما هي عليه في المرحلة الراهنة.
ويمكّن الاقتصاد الكلي من تجاوز ضعف حجمه الراهن (أعلى من تريليون دولار) خلال أقل من عقدٍ زمني مقبل، هذا إن لم تتسارع وتيرة نمو القطاع غير النفطي التي تمكنت وفقاً لأحدث إحصاءات الهيئة العامّة للإحصاء من تجاوز معدل 4% كمعدل نموٍ حقيقي.
على الرغم من الأوضاع غير المواتية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خلال الفترة الراهنة، فإنّ الإصلاحات التي دشنتها السعودية خلال العقد الجاري أسهمت في تعزيز صلابة الاقتصاد السعودي، وفتحت أمامه آفاقاً أوسع بما فاق توقعات وتقديرات كثير من المراقبين الدوليين، ويعد هذا الرهان الأساسي والأول الذي تقف عليه الثقة الكبيرة التي أصبح يحظى بها الاقتصاد السعودي بحمد الله وفضلٍ منه، قبل أن يربطها بعضهم بانعقاد أو تنظيم أيّ من تلك المناسبات العالمية التي ستحظى السعودية باستضافتها وتنظيمها خلال الأعوام المقبلة بمشيئة الله.
والتأكيد في هذا المقام على أن الأرض الصلبة التي أصبح يقف عليها الاقتصاد السعودي، وتسارع توسّعها ورسوخها عاماً بعد عامٍ، تعد هي الركيزة الأولى والكبرى التي مكنته وستمكنه بمشيئة الله تعالى من مواصلة مسيرته الواعدة والمتسارعة، وفق المسارات المحددة لمستهدفات مبادراته وبرامجه الإصلاحية قبل أي عاملٍ آخر.