“الاقتصاد السوري.. وطوق النجاة السعودي”
(العربية)-02/01/2025
*د. خالد رمضان
استمعت هذا الأسبوع، إلى مقابلة خاصة أجرتها قناة “العربية” مع قائد العملية الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، ولفتني في حديثه، تلك الإشارات المتعلقة بالبعد الاقتصادي، وحنينه للرياض التي ولد فيها، فهو سعودي المولد، قضى بها سبع سنوات برفقة والديه، ولا زال الرجل يتذكر أهلها الطيبين وحدائقها العامة التي كان يذهب إليها في طفولته المبكرة، وتبين من حديثه أنه يعتقد أن بلاده بحاجة لاستنساخ التجربة السعودية في البناء والتنمية، وهو يؤكد على حرص إدارته على التعاون مع الشقيقة الكبرى، السعودية، وأن الرياض سيكون لها دور كبير في مستقبل بلاده، وامتدح مواقف السعودية الإنسانية مع السوريين، وشدد على أن هذه المواقف موضع فخر واعتزاز لكل السوريين.
باعتقادي، فإن تصريحات قائد العملية الانتقالية في سوريا مبشرة للغاية، فهو يطالب صراحة بفزعة العرب مع بلاده، وخاصة السعودية، ومن هنا، فإنه يتعين على جميع العرب انتهاز هذه الفرصة الاستثنائية والمفاجئة، لإعادة سوريا إلى أحضان العرب، والاستفادة من إزاحة الإيرانيين من المشهد بالكامل، بعدما خسروا الجلد والسقط، وهزموا معنوياً وسياساً واقتصادياً وعسكرياً، وفقدوا استثمارات بحوالي 50 مليار دولار، فضلاً عن ذلك، ربحت الدول العربية الكثير من تدمير تجارة الكبتاجون الرائجة في سوريا، والتي كان النظام المخلوع يهندس عملية تهريبها إلى دول الجوار العربي الأردن ولبنان والعراق ودول الخليج، بالإضافة لذلك، سوف تستفيد الدول العربية اقتصادياً من إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مما يزيل أعباء مالية تكبدتها هذه الدول خلال سنوات التهجير القصري على يد النظام البعثي.
تؤكد الاتصالات العربية المتسارعة بالإدارة السورية الحالية، رغبة عربية في تحقيق الاستقرار في بلاد الشام، وإعادة تضميد جراح السوريين المكلومين، وإعالة الاقتصاد المتهاوي، خاصة على مستوى البنية التحتية المتهالكة، ونعتقد أن تكلفة إعادة الإعمار لن تقل بحال عن 300 مليار دولار، وسيكون للشركات العربية دور كبير في بناء سوريا الجديدة، على مستوى قطاعات نوعية مثل: التشييد والبناء، والزراعة، والصناعة، والتعليم، والصحة، والطاقة، وهي جهود سوف تستغرق 10 سنوات على أقل تقدير، ومن حسن الحظ، أن الشركات العربية، وفي مقدمتها الخليجية، تتمتع بخبرات ممتازة في تنفيذ مشاريع البنية التحتية الدولية، حيث تتركز الجهود على إعادة بناء وتأهيل الطرق، والجسور، والسكك الحديدية، والمرافق، وشبكات الكهرباء، والاتصالات والإنترنت، وقطاع الخدمات عموماً.
يمكن للدول العربية، ورجال الأعمال العرب، مساعدة الاقتصاد السوري على التعافي بشكل تدريجي، عبر مساعدة الإدارة الجديدة في إنجاز بعض الملفات الاقتصادية العاجلة، وفي مقدمتها، الدفع الدبلوماسي باتجاه رفع العقوبات الغربية، ودعم الليرة المنهارة، من خلال ضح استثمارات مباشرة وغير مباشرة، حتى يتمكن البنك المركزي السوري من تثبيت سعر الصرف، مما يدعم القوة الشرائية للمستهلكين، ويحسن حياة الناس، وبالتالي، تتراجع معدلات التضخم والبطالة، ويتم إعادة الثقة المفقودة بمؤسسات الدولة، والنهوض بالناتج المحلي الإجمالي المتردي، والذي كان يبلغ 61.3 مليار دولار في عام 2010، وتقهقر إلى 7.4 مليارات في عام 2023.