التكنولوجيا الرقمية تقود مستقبل سوق العمل
(الإقتصادية)-08/10/2025
كريستين جينواي تشيانج*
مزارع في كينيا يستخدم تطبيقات الهاتف المحمول للحصول على معلومات آنية عن الحصاد، والتحقق من أسعار السوق، والتواصل مباشرة مع المشترين والمقرضين. وامرأة في إندونيسيا تتلقى طلبات الوجبات وترتب توصيلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي جامايكا يقوم صاحب فندق صغير بإدراج الغرف على منصات الحجز وإدارة الحجوزات عبر الإنترنت. وفي داكار تقوم بائعة متجولة ببيع الحُلي المصنوعة يدويًا في مختلف أنحاء إفريقيا باستخدام هاتفها الذكي فقط. وفي مانيلا، تقوم طالبة جامعية بتدريس الرياضيات لتلاميذ المدارس الثانوية في المناطق النائية من خلال منصة للتعلم الإلكتروني عبر الإنترنت.
أصبحت هذه النوعية من القصص هي الوضع الطبيعي الجديد بسبب التطور السريع الذي يشهده النموذج التقليدي للعمل بأجر. ويسهم ملايين الأشخاص في إعادة تعريف معنى العمل، إذ يحققون دخلاً من خلال العمل الحر والعمل الحر المؤقت عبر الإنترنت. وتقع المنصات الرقمية مثل جونيا، وشوبي، وأوبر، وأب وورك في صميم هذا التحول، حيث تتيح للأشخاص إمكانية التواصل مع زبائنهم، وإدارة أعمالهم، وتلقي المدفوعات – كل ذلك من راحة أيديهم.
ويمكن لمعظم العمال تلقي مدفوعاتهم مباشرة إلى حساباتهم المالية، ما يفتح الطريق أمام الاستفادة من منتجات مالية أخرى مثل الادخار والتأمين، فضلاً عن إتاحة تنفيذ التحويلات الاجتماعية بشكل مبتكر.
وتكشف بيانات جديدة من تقرير المؤشر العالمي للشمول المالي لعام 2025 عن عديد من هذه الاتجاهات فيما يتعلق بالتكنولوجيا والشمول المالي، كما تتبع مدى استعداد البلدان لاغتنام الفرص التي يتيحها اقتصاد العمل الرقمي.
الاتصال الإلكتروني: الأساس لتوفير الفرص
يعتبر الاتصال الإلكتروني نقطة البداية للولوج إلى هذا العالم الجديد من العمل، إذ يُظهر تقرير مؤشر الشمول المالي أن 84% من البالغين في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يمتلكون هواتف محمولة، وأن ثلاثة أرباعها هواتف ذكية. ومع وصول 90% من مستخدمي شبكة الإنترنت في هذه البلدان إليها عبر الهواتف المحمولة، فقد أصبحت الهواتف الذكية بمنزلة البوابة الرئيسية للخدمات الرقمية المُدرَّة للدخل.
وتُظهر بيانات التقرير أيضاً أن 6% من البالغين في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل يكسبون المال بالفعل عبر الإنترنت، وترتفع هذه النسبة لتتخطى 10% في شرق آسيا والمحيط الهادئ (باستثناء الصين). وتؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دوراً متزايداً في هذا التحول، إذ يستخدم ما يقرب من نصف البالغين في هذه البلدان، الذين يمثلون 80% من مستخدمي الإنترنت، المنصات الاجتماعية ليس فقط لأغراض التواصل الشخصي، بل أيضاً لأغراض التجارة الإلكترونية غير الرسمية والتسويق الرقمي بشكل متزايد.
التمويل الرقمي: دفع عجلة النمو وبناء القدرة على الصمود
لا يُعد الاتصال الإلكتروني وحده كافيًا، فالعاملون لحساباتهم الخاصة بحاجة أيضًا إلى الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية لتحقيق النجاح والازدهار. وتتيح قنوات الدفع لرواد الأعمال إمكانية تسويق الأعمال وإجراء المعاملات التجارية وإدارتها بشكل كامل باستخدام هواتفهم الذكية.
وتزداد أعداد المستهلكين المشاركين في أنشطة التمويل الرقمي بشكل سريع، حيث قام نحو 80% من أصحاب الحسابات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بإرسال أو استلام مدفوعات رقمية خلال العام الماضي. وليس هذا كل شيء، فالبيانات الجديدة التي أوردها التقرير تشير إلى ما يلي:
- يسدد نحو 40% من البالغين في الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل فواتيرهم عبر الإنترنت.
- يشتري أكثر من ثلث هؤلاء الأشخاص بضائعهم عبر الإنترنت.
- منذ 2021، شهدت المدفوعات الرقمية للتجار —سواء في المتاجر أو عبر الإنترنت— نموًا ملحوظًا، ويستخدمها الآن أكثر من 40% من البالغين.
*خبراء في التحول الرقمي ـ البنك الدولي